وكالة "فيتش" تُصنّف المغرب بـ"القريب" من أمريكا والجزائر "الأقرب" إلى الصين رغم تخفيض بيكين استثماراتها في الجزائر مُقابل ضخ ملايير الدولارات في مشاريع كبرى بالمملكة

 وكالة "فيتش" تُصنّف المغرب بـ"القريب" من أمريكا والجزائر "الأقرب" إلى الصين رغم تخفيض بيكين استثماراتها في الجزائر مُقابل ضخ ملايير الدولارات في مشاريع كبرى بالمملكة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 20 يونيو 2024 - 23:00

أفادت وكالة "فيتش سوليسيون"، بأن العالم اقترب في المتوسط من الولايات المتحدة مقارنة بالصين بين عامي 2018 و2022، وذلك بسبب مجموعة من المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي جعلت واشنطن تتفوق على غريمها الآسيوي، الذي يُحاول بسط نفوذه في أفريقيا دون أن يتمكّن من استقطاب المغرب بوصفه قطبا مهما في القارة، وذلك على الرغم من الاتفاقيات والتفاهمات المتسارعة في السنوات الأخيرة مقابل برودها مع الجزائر في عهد عبد المجيد تبّون.

وقامت وكالة "فيتش سوليسيون" التابعة لوكالة Fitch للتصنيف الائتماني، بتحليل علاقات 183 سوقًا حول العالم مع الولايات المتحدة والصين، وذلك بالاعتماد على سجلات التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتدفقات التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر، فضلاً عن عدد التحالفات العسكرية واتفاقيات التجارة الحرة والمعاهدات الأخرى ذات الصلة مع السوقين، فكانت النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها هي أن العالم اقترب في المتوسط من الولايات المتحدة مقارنة بالصين بين عامي 2018 و2022.

ويعني هذا، أن "الكتلة الأمريكية" أكثر تقدما من حيث التنمية الاقتصادية والتكنولوجية، في حين أن "الكتلة الصينية" لديها عدد أكبر من السكان، فيما إذا تدهورت العلاقات التجارية بين مكونات الكتلة الواحدة، فإن كتلة الصين ستكون في وضع غير موات والأكثر تضررا، وفق تقديرات خبراء الوكالة، ممن أكدوا توقعاتهم بشأن استمرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في التدهور خلال السنوات المقبلة، لافتين إلى أنه بات من المهم فهم مدى توافق الأسواق الأخرى بشكل وثيق مع واشنطن وبكين أثناء تنافسهما على الهيمنة الاقتصادية والعسكرية والثقافية العالمية.

وتتوافق النتائج التي توصلت إليها وكالة "فيتش" في تقريرها الذي حصلت عليه "الصحيفة"، مع الافتراضات الشائعة حول الأسواق الرئيسية. فعلى سبيل المثال، أوروبا الغربية وأستراليا وكندا واليابان ونيوزيلندا أقرب بكثير إلى الولايات المتحدة، فيما وعلى النقيض من ذلك، فإن روسيا وكوريا الشمالية وجزء كبير من أفريقيا ومعظم آسيا أقرب إلى الصين منها إلى الولايات المتحدة، لكن ومع ذلك توجد أيضًا كتلة ثالثة أصغر لا تميل بشكل كبير نحو الولايات المتحدة أو الصين، بما في ذلك الهند ومصر وسويسرا وتونس.

أظهرت الخريطة التي وضعتها الوكالة، أن سنغافورة، المعروفة بإصرارها على سياسة خارجية مستقلة ومحاولتها إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والصين، هي في الحقيقة أقرب إلى الصين من الولايات المتحدة، وذلك لأنها تتاجر مع الصين أكثر بكثير من الولايات المتحدة.

أما بالنسبة للمغرب، فعلى الرغم من دينامية علاقات التعاون التي تجمع البلدين خاصة في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والتكنولوجيا، خلال السنوات الأخيرة على وجه التحديد، والتي ترجمها ارتفاع المبادلات التجارية بين البلدين وبلوغ حجمها أزيد من 7 مليارات دولار، مما يجعل الصين شريكا تجاريا استراتيجيا للمملكة، إلا أنه ووفق خريطة تصنيف وكالة "فيتش" تبقى الرباط محسوبة على الكتلة الأمريكية.

وقسّم خبراء وكالة "فيتش" دول العالم إلى خمس فئات واسعة، تشمل الدول الأقرب للولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدول التي تعد حليفة على جميع الأصعدة، ثم الدول القريبة منها وهي المحسوبة على التيار الأمريكي لكن ليست الأقرب بشكل وثيق، ثم الدول المحايدة، والدول القريبة من الصين، والدول الأقرب والحليفة للصين.

وبناء عليه، صنّفت "فيتش" المغرب ضمن الدول القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية، أي أنها محسوبة على تيارها لكنها ليست الأقرب، وهو تماما ما يفسر مسارعة الصين في السنوات الأخيرة إلى استغلال الوضع من خلال استقطاب الرباط لتعزيز ولوج صادراتها له وعبره صوب دول الساحل وأفريقيا عموما، سيما وأن المغرب يُعد من أوائل البلدان في أفريقيا التي انضمت إلى مبادرة "الحزام والطريق"، من خلال التوقيع ‏سنة 2017 على مذكرة تفاهم تسمح للمملكة بإقامة عدة شراكات في قطاعات واعدة مثل البنية التحتية، ‏والصناعات المتطورة والتكنولوجيا‎، كما أنه يسعى بدوره إلى تأسيس شركات مختلطة في مختلف المجالات وذلك من الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس للصين الشعبية سنة 2016، والتي شهدت توقيع إعلان مشترك بخصوص الشراكة الاستراتيجية، ‏بالإضافة إلى 32 اتفاقية، ومذكرة تفاهم في عدة مجالات.

وعلى النقيض لوضعية المغرب، يُصنّف خبراء "فيتش" الجزائر كدولة منتمية لـ "الكتلة الأقرب إلى الصين"، إلى جانب إيران، ولبنان وسوريا وعدد من الدول الأفريقية الأخرى المعروفة بالامتداد الاستثماري الصيني بها على غرار مالي وجنوب أفريقيا، منغوليا، وموزنبيق.

ووفق آخر الاحصائيات الجمركية الجزائرية، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والجزائر نحو 7.3 مليار دولار فقط في عام 2021، بينما بلغ في عام 2017 نحو 12.3 مليار دولار، وهو ما يعني أن صعود عبد المجيد تبون إلى الرئاسة لم لكن من بشائر الخير على العلاقات التاريخية بين البلدين، الأمر الذي حاول إصلاحه في السنة الأخيرة التي تسبق الانتخابات الرئاسية.

وفي يوليوز 2023، رسمت زيارة وصفت بـ "الأطول خارجيا" قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الصين، تفاصيل أدق عن مستقبل العلاقات بين البلدين، بعدما اتفقا على تعميق التفاهمات السياسية والأمنية والارتقاء بالعلاقة الاقتصادية، وذلك في سياق تمهيد طريق الجزائر نحو عضوية مجموعة "بريكس" والتي لم تتحقق لاحقا، فيما تم توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم كما تم إبرام 12 اتفاقية بين رجال الأعمال من البلدين خلال ملتقى خاص بهم.

وكان واضحا أن تبون، منح لزيارة الصين أهمية خاصة، إذ استمرت 5 أيام، وهذه المدة هي الأطول بين جميع زيارته إلى الخارج منذ انتخابه رئيسا في 2019، وهي ذات الأهمية التي يوليها لعلاقات بلده مع بكين، إذ يستنفر في كل مرة يحدث تقارب لها مع الرباط لعل آخرها إيفاده على عجل، وزيره في الشؤون الخارجية أحمد عطاف للقاء وزير الخارجية الصيني وانغ يي، عقب صدور تقارير رسمية تترجم الترابط الوثيق والعلاقات المتصاعدة بين الجمهورية الصينية والمملكة المغربية، في أواخر ماي الماضي، والذي انعكس على حجم الاستثمارات التي تربط بين البلدين.

وتحدّثت مصادر إعلامية وقتها، عن أن عطاف طار لبكين، بتعليمات شخصية من تبون، لـ"بحث أسباب عدم تجسيد العديد من الاستثمارات الصينية التي كان من المقرر أن تتم خلال فترة ولايته الرئاسية"، موردة وفق ما نقلته "مغرب انتلجنس" أن "الرئيس الجزائري أصيب بالذعر بعد الإعلان عن الكثير من الاستثمارات الصينية الضخمة في المغرب، الجار الغربي الذي يعتبره النظام الجزائري (عدوه الأول)، بينما تعاني الجزائر منذ بداية ولاية عبد المجيد تبون من عدم الاهتمام وتردد الشركات الصينية في الاستثمار فيها."

وذكرت المصادر ذاتها، أنه أصبح يبدو أن الصين، الصديق التاريخي والتقليدي للجزائر، تتجه أكثر فأكثر نحو المغرب، وذلك ما يؤكده التدفق الهائل للاستثمارات الصينية، فيما يمكن اعتباره "نقطة تحول جديدة في الدبلوماسية الاقتصادية الصينية في المغرب العربي"، لهذا في محاولة لمنع هذا السيناريو الحاسم، أرسل عبد المجيد تبون أحمد عطاف إلى بكين، وكلفه بتقديم العديد من المقترحات الجذابة للشركاء الصينيين، منها صفقات عمومية للشركات الصينية مع إزالة جميع العقبات البيروقراطية أو السياسية، بل أن تبون تعهد بجعل الشركات الصينية الشريك المفضل في العديد من المشاريع الكبرى التي يعتزم إطلاقها.

اذهبوا إلى الجحيم..!

لم تكن وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي الوحيدة التي تلاحقها تهم تضارب المصالح في علاقتها "المفترضة" مع الملياردير الأسترالي "أندرو فورست" التي فجرتها صحيفة "ذا أستراليان" وأعادت تأكيدها ...