أرباح شركات المحروقات "تفترس" القدرة الشرائية للمغاربة وتتجاوز 8 مليارات درهم سنوياً

 أرباح شركات المحروقات "تفترس" القدرة الشرائية للمغاربة وتتجاوز 8 مليارات درهم سنوياً
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 12:00

تُواصل الشركات المتسيّدة لقطاع المحروقات في المغرب وفي مقدمتها "أفريقيا" العائدة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، مُراكمة الأرباح بتجاوزها 8 ملايير درهم سنويا وفق تقديرات الخبراء في المجال، ممّن حمّلوا الحكومة  المسؤولية الكاملة في استمرار هذه الشركات افتراس القدرة الشرائية لعموم المغاربة واستمرار موجة الغلاء، المرتبطة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات.

وتُشير تقديرات، الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، إلى أن ثمن لتر الغازوال، في محطات التوزيع بالمغرب، يجب أن لا يتعدى 9.83 درهم وثمن لتر البنزين، يجب أن لا يتعدى 10.92 درهم، وذلك خلال النصف الأول من شهر أكتوبر 2024 باعتبار متوسط صرف الدولار (9.74)، وذلك في حالة ما إذا قررت الحكومة الرجوع لتسقيف وتحديد أسعار المحروقات، على قاعدة الحسابات التي كان معمول بها قبل نهاية 2015، وبناء على متوسط الثمن لطن الغازوال في السوق الدولية، الذي يناهز 674 دولار ومتوسط ثمن طن البنزين، الذي يناهز 667 دولار.

وأوضح اليماني، في تصريح لـ "الصحيفة"، أنه ومن خلال القراءة في لوحات محطات التوزيع في المحمدية والنواحي، فلا يقل ثمن الغازوال عن 11.80 (+2 دراهم) وثمن البنزين عن 13.70 (+2.78 درهم)، وهو ما يؤكد بأن أرباح الفاعلين ما زالت مرتفعة، وذلك رغم التقارير التي وصفها بـ" المنمقة والصادرة عن مجلس المنافسة والمحاولات اليائسة لبعض المواقع والخبراء تحت الطلب، لتطبيع المغاربة مع الأرباح الفاحشة المحروقات في المغرب، التي لا تقل عن 8 مليار درهم سنويا". وفق تعبير المتحدث.

وبتحليل الثمن الحالي للغازوال الأكثر استهلاكا في المغرب، الذي يتكون من 38٪ فقط من ثمن النفط الخام، في حين تقسم 60٪ من الثمن بين أرباح الفاعلين (22٪) والتكرير والضرائب والتوصيل (38٪)، يعتبر اليماني أن الحكومة في مقدورها، تخفيض أسعار المحروقات، من خلال تنزيل أرباح الموزعين والعودة لتكرير البترول في المغرب بإحياء شركة سامير وبمراجعة الثقل الضريبي على المحروقات.

ونبّه الإطار النقابي، إلى أن الاستمرار في التفرج أو التشجيع على سرقة جيوب المغاربة، مقابل الكسب غير المشروع للفاعلين في القطاع (ارتفاع الأرباح الصافية، توسع الاستثمارات وتناسل المحطات، تزايد الاحتياطات المالية...)، تتحمل فيه المسؤولية الحكومة الحالية، سيّما وأنها ترفع شعار الدولة الاجتماعية، "مقابل افتراس القدرة الشرائية لعموم المغاربة واستمرار موجة الغلاء، المرتبطة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات".

ولطالما رفعت النقابة الوطنية للبترول والغاز في المغرب، مطالبها للحكومة برفع العقبات التي تحول دون استئناف تكرير النفط بالمصفاة الوحيدة المغربية للبترول "لاسامير" المتوقفة عن العمل منذ سنوات، على اعتبار أنها في طور التصفية القضائية منذ 2016 بعدما عجزت عن تسديد ديونها البالغة نحو 4.4 مليارات دولار، دون أن يتحقق شيء منها، على الرغم من صدور تقرير لمجلس المنافسة في في أكتوبر عام 2022، تضمن اتهامات ثقيلة للشركات الفاعلة في هذا القطاع بتعطيل المنافسة من خلال الاتفاق على تحديد أسعار البيع وزيادة أرباحها بشكل كبير، وكانت تواجه غرامة تصل إلى 10% من الإيرادات المحققة، لكنها طلبت تفعيل قانون الصلح بعد الإقرار بالمخالفات والتعهد بعدم تكرارها مستقبلاً، وقد أعلن مجلس المنافسة على إثر ذلك أن "الاتفاقات الموقعة مع الشركات المعنية تتضمن تعهدات بتحسين المنافسة في سوق المحروقات المستهلك، مؤكداً أنها تعهدات "ذات طابع إلزامي".

وبموجب الاتفاقات، يتوجب على الشركات البالغ عددها 29 شركة في سوق توزيع الديزل والبنزين، والمشرفة على حوالي 2300 من عدد محطات الخدمة التابعة لها، وضع آلية لتحديد المخاطر التنافسية، وأنظمة إنذار داخلية فعالة، وتعيين مسؤول داخلي من مدراء الشركة يتولى وضع برنامج المطابقة وتتبعه، فضلاً عن إمداد مجلس المنافسة كل ثلاثة أشهر بالمعلومات المتعلقة بالمشتريات والمبيعات الشهرية للمحطات ومستويات مخزونها من الغازوال والبنزين.

وكان تقرير حديث، صدر عن مجلس المنافسة في يوليوز الماضي والمتعلق بتتبع تنفيذ التعهدات المتخذة من لدن شركات توزيع الغازوال والبنزين بالجملة في إطار اتفاقات الصلح المبرمة قد أكد أن سعر التفويت بالنسبة للغازوال، خلال الفترة الممتدة من فاتح فبراير إلى نهاية مارس 2024، ظل مستقرًا في 0 درهم، في حين ارتفع السعر الدولي بزيادة 0.72 درهم للتر وتكلفة الشراء بزيادة 0.34 درهم للتر، وبالنسبة للبنزين، اتسمت ذات الفترة بارتفاع كبير في السعر الدولي للبنزين المكرر بمقدار 1.19 درهم للتر وتكلفة الشراء بواقع 0.55 درهم للتر من جهة، وجمود سعر التفويت من جهة ثانية.

وسجّل التقرير ذاته الذي اطلعت عليه "الصحيفة"، أن الشركات التسع المعنية حققت، طيلة الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، هامش ربح متوسط ومرجح بمقدار 1.46 درهم للتر بالنسبة للغازوال و2.07 درهم للتر بالنسبة للبنزين، فيما سجل تذبذبا على مستوى هوامش الربح الخام المتوسطة والمحققة من مبيعات الغازوال خلال نفس الفترة، ما بين حد أدنى بمقدار 1.24 درهم للتر وحد أقصى بمقدار 1.69 درهم للتر، فيما البنزين، ظل في مستويات هوامش الربح الخام أعلى نسبيًا مقارنة بالغازوال، حيث تراوح بين حد أدنى قدره 1.76 درهم للتر وحد أقصى قدره 2.36 درهم للتر، فيما شهدت هوامش الربح الخام المتوسطة والمرجحة، المحققة من مبيعات الغازوال، وفق التقرير ذاته اتجاهًا منخفضًا بالنسبة لكافة شركات التوزيع المعنية تقريبًا، منتقلة من 1.69 درهم للتر مع مطلع السنة إلى 1.24 درهم للتر عند متم مارس، مما يعكس انخفاضًا قدره 0.45 درهم للتر.

هذا، وتطور هوامش الربح الخام يتطابق، في مجمله، حسب مجلس المنافسة مع خلاصات تحليل العلاقة الارتباطية بين سعر التفويت وتكلفة الشراء، إذ أن المنحى التنازلي لمستويات هوامش الربح الخام، المرصود اعتبارًا من فبراير، يتزامن والفترة التي سجلت ارتفاعًا جزئيًا في تكلفة الشراء ولم يتغير فيها سعر التفويت، أما في  الربع الأول من 2024 سجل التقرير ارتفاعًا في واردات الغازوال والبنزين الإجمالية بنسبة 9.1 في المائة بالحجم، حيث بلغت حوالي 1.47 مليون طن، وبنسبة 0.9 في المائة بالقيمة، محققة 12.89 مليار درهم على أساس سنوي، لافتا إلى أن أسعار بيع الغازوال والبنزين في المغرب تتأثر بشكل مباشر بأسعار هاتين المادتين في السوق العالمية، مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفة الشراء والنقل والتخزين، وهو ما يعني أن أسعار الوقود ترتفع محليًا عندما ترتفع الأسعار عالميًا، والعكس صحيح.

ووفق تقديرات المجلس، الذي أشار إلى أن شركات التوزيع سجلت زيادة طفيفة لتكلفة الشراء، بلغت زائد 0.17 درهم للتر بالنسبة للغازوال وزائد 0.32 درهم للتر بالنسبة للبنزين، وأن هذه الزيادة تظل أقل بكثير من ارتفاع الأسعار الدولية لمنتجات الوقود المكررة، التي وصلت إلى زائد 0.47 و1.15 درهم للتر على التوالي، أكد بالمقابل أن هذه الشركات لم تعمد إلى تطبيق هذه الزيادة على سعر التفويت، على العكس من ذلك، انخفض هذا الأخير بشكل طفيف بمقدار 0.31 درهم للتر.

الخطيئة الكبرى للدولة

ما حصل بتاريخ 15 شتنبر 2024، حينما تدفق آلاف القاصرين على مدينة الفنيدق رغبة في الهجرة غير النظامية إلى سبتة المحتلة، هو انعكاس صريح على فشل منظومة تربوية وتعليمية بكاملها، وإخفاق مؤلم في ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...