التيمومي.. "جوهرة" الكرة المغربية.. موهبة حطمتها الإصابة وتواضع رَفع الهامة
شاءت الأقدار أن تعيش تلك الساق اليمنى التي لاطالما أبدعت في الملاعب، تحت رحمة العناية الإلاهية والرقابة الطبية لأرقى مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، بعد أن كانت في الأمس البعيد، تحاكي الإبداع في "مكسيكو86" رفقة جيل من أفضل ما أنجبت كرة القدم المغربية.
محمد التيمومي واحد من هؤلاء الذين لم تبادلهم الكرة نفس الحب، فرمت به الأخيرة إلى فراش المرض، يتشبث بأمل العودة للمشي على الأقدام دون حاجة إلى العكاز!
حتى من لم يعش زمن التيمومي الكروي، يشهد للرجل بموهبته الكروية، من خلال حكايات الآباء والأجداد كما بعض الصور ومقاطع "الفيديو" التي تحتفظ بها الخزانة الرياضية الوطنية، كيف لا وهو أحد "أساطير" كرة القدم التي بصمت بمداد من ذهب اسمها داخل سجل الكبار، وذلك بالرغم من المسار الذي توقف "مكرها" بسبب عطب "خارج عن الإرادة".
هي مخلفات إصابة، يجتر آلامها منذ سنة 1985، حين بكى المغاربة لحظة خروجه محمولا في سيارة الإسعاف، يئن من كسر مزدوج في الركبة، بعد تدخل "شنيع" من عبد الله جمال، لاعب فريق الزمالك المصري، خلال مباراة إياب دور نصف نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة. إصابة كادت تنهي مسار التيمومي لولا الألطاف الإلاهية!
وإن عاد التيمومي، سنة بعد ذلك، ليصنع ربيع الكرة المغربي، في ملحمة "مونديال1986" بالمكسيك، حيث تمكن "الأسود" من بلوغ الدور الثاني، كأول منتخب عربي وإفريقي يحظى بهذا الشرف، إلا أن صاحب الكرة الذهبية القارية، حينها، لم يكن يعلم أنه بلغ سقف الطموح الكروي وأن ما سيلي ذلك، لن يكون في حجم ما كان يصبو إليه اللاعب، كما من تنبأ له بمشوار احترافي كبير.
محمد التيمومي، الذي لم يعرف في مساره المحلي، سوى اتحاد تواركة والجيش الملكي، رحل بعد "مونديال86" ليخوض أولى تجاربه الاحترافية، رفقة فريق ريال مورسيا الإسباني، إلا أن النجم المغربي لم يستأنس بالأجواء، حيث قضى موسما واحدا، قبل الانتقال إلى نادي لوكرين البلجيكي ثم "اغترب" في الدوري العماني، حيث قضى سنواته الأخيرة، ليعود إلى "الاعتزال" بقميص الأولمبيك البيضاوي، سنة 1994.
لم يعرف "حمودة"، كما يحلو لأصدقاءه تسميته، نفس مسار جل زملائه من جيل 1986، حيث لم يتقلد التيمومي أي منصب في الإدارة التقنية الوطنية ولا الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كما لم يستفد من "ريع" الكرة المغربية. عاش متواضعا وظل محافظا على "هامة" الكبار، مما استوقف معه الملك محمد السادس، عاهل البلاد، إلى التكفل بعلاجه في فرنسا، حين قابله خلال افتتاح المركب الرياضي بالمعمورة، قبل أسابيع.
مات عبد المجيد الظلمي، وقبله رحلت أسماء عدة "في صمت"، أعطت الشيء الكثير للكرة والرياضة المغربية، لكن ثقافة الاعتراف غابت عنها حتى لحظة الوداع الأخير، حينها تصبح "برقية التعزية" بدون روح ويتحول موكب الجنائز إلى لحظة "بروتوكول" ليس إلا.
بالشفاء العاجل للكبير "سي" محمد التيمومي!