المَغربُ الذي نُرِيد!
سياسةٌ بلا قِيّم إنسانيّة، هي سياسةٌ بلا إنسان.. وبالتالي، ليست سياسة.. فقط، شبيهةٌ للسّياسة..
وهذا ما نحنُ فيه.. هذا حالُنا.. وأحزابٌ فاقِدةٌ لثِقَةِ المُواطِن، هي أحزابٌ بلا شَرعيّة..
وحتى من باعُوا لها أصواتَهُم في شوارعِ النّخاسة، وقد يَبِيعُونَ لها أنفُسَهُم مُستَقبَلا، ألا يُشكّلون قُنبُلةً موقُوتةً للديمُقراطية؟ أليسُوا فَخّا للاستِقرارِ في رُبوعِ البلد؟
هل تستَطيعُ الأحزابُ التي تشتَري الأصواتَ أن تعتَمِدَ على سماسرة، وعلى باعةِ الأصوات، لكي تركبَ على ظهرِهم وتَخلُدَ في مراكزِ القرار؟
هل يَضمنُ تُجّارُ الانتخاباتِ لهؤلاء الأباطرةِ - ومن معهُم - أنّ غدَهُم سوف يكُونُ آمِنا؟ وأنّ الديمُقراطيةَ المغشُوشَة سوفَ تكون آمنةً لكلّ البلد؟
- هؤلاء جميعُهم يَلعبُونَ بالنار!
وأسواقُ الانتخاباتِ أمكنةٌ وأزمنةٌ مَفخُوخة.. وثَمنُها أكبرُ بكثير من الأوراقِ النّقدية التي بها يَشترُون مَقاعدَ في الجَماعاتِ المَحلّية والبرلمانِ والحكومة..
- ويا هؤلاء!
يومًا ما، سوف تدفَعون أنتُم وزُبناؤُكم ثمنًا باهِظا، أقلُّ ما فيه هو السّجنُ مع مُجرِمين من كل الأنواعِ والأشكال..
وإلى جانبِكم أشخاصٌ كانوا شُرَكاءَكُم في بيع وشراءِ الأصوات.. وأشخاصٌ قد أصبحوا أثرياء بواسطة السياسة..
- فاسدون قد امتطَوا ظَهرَ السياسة، فأصبحوا من كبار الأغنياء..
هؤلاء سيكونُون معكُم..
وتلتقُون أيضا مع مسؤولين إداريّينَ عن تزوير انتخاباتٍ ما كانت فيها ذَرّةٌ من نزاهة..
والوقتُ قد تغيّر..
المغربُ يَتغيّرُ على وتيرةٍ سرِيعة..
ولا اعتِمادَ على سنواتِ التّزوير، وعلى زَمنِ "الجَمرِ والرّصاص"، لصناعةِ مُستقبَلٍ غيرِ آمن..
هو مُستقبلٌ جاثمٌ على بُركان..
البُركانُ لن يَستَثنيّ أيًّا من مُزوّري الانتِخابات..
- والمغربُ يَتغيّر..
وبتعبيرٍ أوضَح: المغربُ قد تَغيّر.. لقد تَغيّر..
المَغربُ لهُ حُماتُه.. ولن يسمحُوا لكم، ولا لغيرِكم، بتخريبِ الاستقلالِ الوطني الذي كافحَت من أجلِه ملايينُ من بناتِ وأبناءِ الوَطن..
- وحتى أطفالٌ من مُختلفِ رُبوع البلد..
غيرُ مسمُوح لكُم يا تُجّارَ الانتخابات، ومعكُم تُجارُ الدين، والسياسة، والاقتصاد، والإدارة، بأن تَعبثُوا بسلامةِ البلاد..
البلادُ لها حُماتُها.. وأدمِغتُها.. وضمائرُها..
- نُريد بلدَنا أحسنَ بلد.. ومسؤولينا أنزهَ مسؤولين..
ولا مكانَ لتُجّار السياسة!
المغربُ قد تَغيّر..
والسياسةُ ليست بقَرةً حَلُوبًا.. وليسَت ضَيعةً لأحَد..
إنها بلادُنا جميعًا..
ولا مجالَ لأن تَستَأثرُوا بها، تحت أيّ غِطاء.. وأيةِ ذريعة..
- كُنِ ابنَ مَن شِئتَ! البلادُ بلادُنا جمِيعًا.. من الصّغيرِ فينا إلى الكبير..
وجميعُنا نُقرّر أنّ بلدَنا يجبُ تَسيِيجُهُ بالأمنِ والأمان، وبدَولةِ الاستقرارِ والتنميةِِ والديمُقراطيةِ والقانون..
هي بلادُنا جميعًا.. وحقوقُكم هي حقوقُنا.. وواجِباتُكم هي واجباتُنا..
وفوقَنا جميعا، أنتُم ونحنُ، قانونٌ يجبُ استِحداثُه لكي يكُونَ في مُستوَى طمُوحاتِ المَغربِ الجديد..
قانونٌ حَداثِي يفرضُ حقوقَ الإنسان، ومنهُ حقوقُ المرأةِ والطفل.. وكلّ ذوِي الاحتياجاتِ الخاصّة..
- والمرأةُ والرّجُل مُتَساويّان..
وكلّ من يَدخُل بلدَنا، تحمِيهِ دولتُنا، وتُعالِجُهُ إذا مَرض، ولا تُفرّط فيه.. كلّ من يدخلُ بلدَنا، هو آمِن، ويَنطبقُ عليه القانونُ الوطنِي..
هذا هو المغربُ الذي بهِ نحلُم..
ولا نسمحُ لأباطرةِ السياسةِ والاقتِصاد بسَرقةِ هذا الحُلمِ المُشتَرَك، كما فعلَتْ شبكةُ أحزابٍ انتِهازية، عبرَ عقودٍ وعقُود..
- هي البلادُ بلادُنا جميعا..
بلادٌ تُضيئُها قِيّمٌ إنسانيةٌ وقانونيّة وديمُقراطية..
وهذه قيّمٌ حرَمَتنا منها "نُخبةٌ سياسيةٌ واقتصادية" منذ الاستقلالِ إلى الآن..
- ضرورةُ إعادةِ النّظر في القانون المُنظّمِ للأحزَابِ في المغرب، كي تكُونَ للحركةِ الحزبيةِ عندنا مَقاييسُ هي نفسُها المَعمُولُ بها في الدّول الديمُوقراطية..
- لا نَقبلُ بغيرِ الديمُوقراطية المعمُولِ بها في الديمُوقراطياتِ الكُبرَى..
بلادُنا تَستأهلُ الديمُوقراطيةَ الكُبرى.. وفي كلّ سياساتِها واحدٌ اسمُهُ: الإنسان..
الإنسانُ مِحوَرُ كلّ السياسات..
وحقوقُ الإنسان فوقَ كلّ اعتبار..
وهذا ما نَتمنّى أن يكون عليه بلدُنا..
ولا فرقَ في بلَدِنا بين إنسان وإنسان، ولا بين قبيلةٍ وقبيلة، ولا بين الجهات، والإتنيات.. كلّ الناسِ سواسيّة..
- وهذا بلدُنا..
قِطعةٌ خَضراءُ جميلة، يَتعايشُ فيها الجميع..
لا عُنصُرية.. لا أحدَ أفضلُ من أحد.. ولا أحدَ له امتيازاتٌ على غيرِه..
كلّ الناسِ على قدمِ المُساواة.. وتحتَ أضواءِ قانونٍ واحد..
- وتَدَيّنْ كما شئتَ: "لكُم دينُكم وليَ دِين" - قرآن..
كلّ الأديانِ تتَعايشُ في هذا البلدِ الآمِنِ الأمِين.. وكلّ المَذاهب.. كل العقليات.. والإيديولوجيات.. والاختِلافات..
وفكّرْ كما شئتَ.. لا إشكال.. الأفكارُ قابلةٌ للتفاعُلِ والتّجاذُبِ والإقناع.. وما هو غيرُ مقبُول: "تَحويلُ أفكارٍ إلى سُلوكٍ مُتوتّرٍ أو عنيف"..
هذا غيرُ مقبُول.. العُنفُ مرفوض، وتحتَ أيّ غطاءٍ كان..
ولا مُبرّرَ للعُنف.. لا مُبرّرَ للإرهاب..
هذا بلدُنا.. بلدُ السّلمِ الاجتماعي.. بلدُ السلامِ والأمنِ والأمان..
بلدٌ يَبنِي مُجتمَعًا متُجدّدًا، مُتَعلّما، واعيًّا، عاقِلاً، مُتَخلّقًا، مُشبَعًا بالقيّمِ الإنسانية..
- فيا هؤلاءِ المالِكين للأحزاب! لقد أنشأتُم في بلدِنا أجيالاً كثيرةً ضائعة..
ضيّعتُم لبلدِنا أجيالاً لا تَعرفُ رأسَها من قدَمِها..
وأطلقتُم في شوارِعنا أجيالاً من المُهرّبين وقُطّاعِ الطّريق.. عِصاباتٌ سياسيةٌ واقتصاديةٌ واجتماعيةٌ ومُنتَسِبةٌ للعِبَادَات.. عِصاباتٌ تَزرعُ الرّعبَ بالليلِ والنّهار.. تسرقُ وتَنهَبُ وتُهدّد وتَفعلُ أيَّ شيء..
والنتيجةُ يا هؤلاء! حوالي نصفِ مُجتمَعِنا مريضٌ نفسيّا وعقليّا، ولا يجِدُ علاجا، وهو بالتالي قابِلٌ لاستغلالِه في الانتخابات، ولتزويرِ وثائق، والإدلاءِ بشهاداتِ زُور، والاعتداءِ على الناس، واقتِرافِ جرائم..
وأحزابُنا لم تَعبأ بنصفِ سُكان البلد، وهُم لا يعرفُون مَن هُم، ولا مع مَن هُم، وإلى أين يتِمّ اقتيادُهم..
إنهُم خارجَ العَقل..
والمُخدّراتُ والهَلْوَساتُ تُباعُ في كلّ مكان..
والحكومةُ لا وُجودَ في سياساتِها للقِيّمِ الإنسانية.. الإنسانُ عندَها مُجرّدُ تسميّة، لا أكثر..
والأحزابُ التي تُنتِجُ حُكوماتٍ لاإنسانية، هي نفسُها ريعيّةٌ انتِهازية، لا تخلُو من أباطِرةِ الفساد..
أغنِياءُ قد صَنعُوا ثروتَهُم بالمُخدّرات والتّهريبِ والرشوة..
بلادُنا تستَحقّ مَسؤولينَ مُتشَبّعين بالقيّمِ الديمُقراطية والتّدبيريّة والسياسية والإنسانية..
أحزابُنا أغلبُها مَعتُوه..
لا تُحسِنُ التفكير، ولا تَقبَلٌ من يُفكّر..
وليس بهذا تَبنِي بلَدَ العقلِ والتدبيرِ والتّسييرِ وحُسنِ التّعامُل..
والسيّاسيّون عندَنا مُطالَبُون بإعادةِ النّظر في "المفهُوم السّياسي"..
السيّاسةُ ليسَت كُلّها مَصالِح..
أين القِيّمُ السياسية؟ أين الدّيمُقراطية الداخلية؟ والتأطير؟
وما السّرّ في كَونِ جُلّ الأحزاب تُهمّشُ كفاءاتِها وتُخرِجُ إلى الشارعِ العامّ تعصّبًا سياسيّا، وتطرّفًا لفائدةِ الزعيمِ الحِزبي ومن معه؟
ليس هذا هو النوعُ الحِزبي الذي نُريدُ في بلدِنا..
لا نريدُ أحزابا مُتطرّفةً لفُلانٍ أو عِلاّن، أو لأطروحاتٍ تاريخيةٍ غيرِ دقيقة..
نُريدُ أحزابا أخرى يتمّ إنجابُها في الشارع، لا في الإدارات، ولا الفيلاّت أو الضّيعات..
وبدُونِ أحزاب أخرى، لا تغيِيرَ في الأفُق..
ومَغربُ التّغيِير، هو المغربُ الذي نُريد..
مَغرِبُ التسامُح.. والأخلاق... والاحترام.. والقانون.. والحقوقِ والواجبات.. والمُواطَنة البنّاءة..
مُواطَنة تسُودُها المَصلحةُ العامة..
مَغرِبُ التّآزُرِ والانفِتاحِ على العالم..
مَغرِبُ التّضامُن ومُساعَدةِ المُحتاجين..
مَغرِبُ إعادةِ توزيعِ الثّروات، وإقرارِ العدالةِ الاجتماعية..
مَغرِبُ الدّيمُوقراطيةِ اليومية: في المنزل، في الشارع، في الحيّ، في القرية، في المؤسّسات، والأحزاب، والنقابات.. دِيمُقراطية تشارُكية غيرُ شكلية، ولا مجردَ شعار..
دِيمُقراطية مُجتمَعيّة تقُودُ نقاشاتٍ وطنيةً إيجابية..
هذا هو المغربُ الذي نُريد..
- مغربُ الوُضوح.. والشفافية.. والحَزم.. والعَزم.. والتّطوّع.. والعَمل.. ثم العمَل..
المغربُ الذي نُريد، هو من أجلِك.. ومن أجلِي.. ومن أجلِنا جميعا.. هو مَغربُ الانفِتاح..
- على الذّات.. وعلى العالَم!