بعد تبني موقف إسبانيا الداعم للحكم الذاتي.. جزر الكناري تُعد "استراتيجية" خاصة بالعلاقات مع إفريقيا تمنح فيها الأولوية للمغرب
أعلنت حكومة جزر الكناري عن إعداد أول "استراتيجية كنارية - إفريقية" شاملة تهدف إلى تعزيز التعاون مع القارة السمراء، مع منح المغرب مكانة استراتيجية ضمن الدول ذات الأولوية، في إطار توجه جديد يستند إلى مقاربة براغماتية تركز على التنمية المشتركة وتحقيق الازدهار في الفضاء الأطلسي.
وقال رئيس حكومة جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، خلال مشاركته في منتدى احتضنته "دار إفريقيا" بمدينة لاس بالماس، إن هذه الاستراتيجية ستشكل خطة موحدة تنسق مختلف البرامج التي تنفذها الجزر في إفريقيا، ويُعتبر المغرب من بين الدول الأساسية في هذه الرؤية، إلى جانب موريتانيا والسنغال والرأس الأخضر وغامبيا وساحل العاج وغانا وغينيا بيساو.
وتأتي هذه الخطوة في سياق التقارب المتزايد بين الرباط ولاس بالماس، والذي ترسخ بشكل أكبر بعد إعلان حكومة الكناري تبنيها لموقف مدريد الداعم لمقترح الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء تحت السيادة المغربية، ما أغضب جبهة البوليساريو التي كانت تتلقى سابقا دعما سياسيا داخل الجزر.
وسبق لرئيس حكومة جزر الكناري أن أكد خلال زيارته إلى المغرب مطلع أكتوبر الجاري، أن هذا التقارب يمثل "تحولا استراتيجيا" في العلاقات، مشددا على أن المغرب بلد محوري في السياسة الخارجية للجزر، ولا سيما في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة الإفريقية من حيث النمو الديموغرافي وزيادة الناتج الداخلي الخام.
ومن المنتظر أن تُستكمل ملامح هذه الاستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها كلافيخو قبل نهاية العام الجاري، حيث سيتم تخصيص ميزانية لها ضمن قانون مالية 2025، إلى جانب إنشاء مجلس خاص بالإشراف على تنفيذها، وهو "مجلس استراتيجية كناريا-إفريقيا"، التابع لرئاسة الحكومة، ويقع تنسيقه على عاتق المديرية العامة للعلاقات مع إفريقيا.
وتستهدف هذه المبادرة تعزيز موقع جزر الكناري كبوابة أوروبية نحو إفريقيا، من خلال إطلاق شراكات مؤسساتية واقتصادية وخدماتية، وإنشاء فضاء نمو اقتصادي مستدام قادر على إيجاد حلول مشتركة للتحديات الإقليمية، كقضايا الهجرة والتغير المناخي والطاقة والاقتصاد الأزرق.
وأكد كلافيخو أن إعداد هذه الخطة ينبع من الحاجة إلى فهم أولويات واهتمامات الدول الإفريقية المجاورة، والتي وقفت عليها حكومة الكناري خلال زياراتها الميدانية، من بينها المغرب الذي كان من أوائل الدول التي تفاعلت بإيجابية مع مبادرات التعاون، خاصة في مجالات البحث والابتكار والعلوم.
وكان كلافيخو قد حل بالمغرب أكتوبر الماضي على رأس وفد كبير يضم أكثر من 40 خبيرا وعالما ورجل أعمال، حيث ألقى كلمة في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير، عبّر فيها عن رغبته في "بناء جسور علمية وتكنولوجية" بين الجزر والمغرب، كخطوة أولى نحو "تنمية ذكية ومستدامة".
وتطرّق المسؤول الكناري إلى أهمية تطوير مشاريع تكنولوجية مشتركة ذات تأثير إقليمي ودولي، موضحا أن الاتفاقيات الموقعة مع الجامعات الكنارية والمغربية، وبتعاون مع شركاء أوروبيين وأفارقة، ستساهم في خلق بيئة استثمارية مبتكرة وتوليد فرص اقتصادية جديدة في كلا الطرفين.
كما أكد كلافيخو أن التعاون مع المغرب يشمل مجالات أخرى حيوية، من بينها الاقتصاد والتجارة والطاقة والبيئة، مشيرا إلى أن تعزيز "سلسلة الابتكار" بين الجانبين من شأنه "خلق ازدهار ورفاه مشترك"، إلى جانب معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على الجزر والدول الإفريقية المجاورة.