لماذا نؤيد مرافعات السفير عمر هلال..

  لماذا نؤيد مرافعات السفير عمر هلال..
عبد الله بوكابوس
الأحد 16 يونيو 2024 - 22:16

هل هو قصور في الفهم لدى إخواننا الجزائريين، أم هو خلل في الذاكرة، أم هي مفارقة خاصة في الإدراك وفي التمييز بين الحق والباطل...؟! أم تراها مجموع ما ذُكِر؟ أم هي نتيجة طبيعية لغسيل مخ امتد منذ عهد الرئيس الراحل هواري بومدين؟!

من المعلوم أن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية امتد منذ بدايات السبعينات من القرن الماضي، وأن الجزائريين في غالبيتهم لا يولونه اهتماما كبيرا وإن كانوا في غالبيتهم "مقتنعين" بالأطروحة الرسمية لما يروجه حكامهم، وهذا واضح وجلي لأسباب واضحة بحكم انخراط كل مؤسسات الدولة في التأطير والتلقين (...) بدءا من المدرسة والإعلام والثقافة والأجهزة العسكرية وكل المرافق الرسمية وغير الرسمية، وهذا مقصود ومخطط له بعناية، وعن سبق إصرار وترصد..، بل إن المخطط أعد من أعلى وأعمق دواليب الدولة منذ التبني الأول لفكرة "وضع حجرة في سباط (حذاء) المغرب"، على حد التعبير الجزائري، وهو ما فه به الرئيس الراحل هواري بومدين نفسه إثر تنسيقه مع نظيره وقرينه في الكيد الراحل معمر القذافي، فكان الطرد التعسفي لآلاف المغاربة – فيما سمي وقتها بالمسيرة الكحلة (السوداء) – ردا على المسيرة الخضراء التي توجت بنجاح باهر، وبالتالي استرجاع الأقاليم الصحراوية إلى حظيرة الوطن الأم، فكان فصل الأم المغربية عن بيتها وزوجها وأبنائها، كما كان فصل الأب المغربي عن زوجته وممتلكاته.. وكانت المأساة، وكان الظلم في أبشع صوره، وكانت "الجاهلية" في أكمل مظهرها.. بحيث لا يمكن لأي فلسفة إنسانية أن تستسيغ التصرف البليد ذاك أو تجد له عذرا إلا إذا كانت جاهلية ما في الغابر من العصور التي (ربما) لم يبلغها ذكر المؤرخين.   

ومع ذلك..، مع ذلك لم يعمد المغرب إلى المعاملة بالمثل، بل لم يثبت قط أن أقدم المغرب على فعل مُشين أو مناف للقانون أو المنطق نحو إخوتنا الجزائريين، إنما الثابت هو العكس تماما في المعاملة المُثلى والمميزة، سواء في عهد الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله أو في تلاه إلى اليوم، وهذه حقيقة لا ينكرها حي.

امتد استهداف العدوان الجزائري للمملكة المغربية ولا يزال بكل الصيغ وبشتى الأساليب، منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي ومنذ منتصفها بخاصة، فكانت مداخيل وإغراءات النفط والغاز الأساس في تمويل إنشاء "الدولة" المجهرية/ الوهمية، وبالموازاة في شراء الذمم لكسب التأييد والاعتراف والمساندة للدول والمنظمات والهيئات والمنابر الإعلامية والشخصيات الثقافية والأكاديمية (...)، فصرفت الأموال الطائلة لأجل هدفين أساسيين اثنين، أولاهما إضعاف الدولة الجارة وتقزيمها وإتلاف وتدمير رصيدها التاريخي والثقافي الممتد إلى أوربا (شبه الجزيرة الإيبيرية) وإلى عمق إفريقيا.. وما يرتبط بذلك من غِنى، وسُمعة، وذِكرٍ مشرف في الآفاق..، وثانيهما تحقيق الريادة للدولة، القائمة على "الثورة" والتي وجدت الدعم والمساندة والتشجيع من منظري "الثورات"، معتنقي فكر جمال عبد الناصر وما شابه.. والمعسكر الشرقي وجبهة الرفض والقذافي. إلخ، والتي نفخت في أعداد "شهدائها" وأساطير "انتصاراتها" وامتدادات "انجازاتها ودروسها" لتتصل حتى.. بما "قبل الميلاد"...! تكريسا لمنهج البروباكندا الذي اعتمده حكم العسكر وذهنية الحزب الواحد، وتلك جُرأة أقبل عليها كثير من الجامعيين والإعلاميين وحتى السفهاء والمهرجين ممن سال لُعَابُهُم على عطاء ورضا أصحاب القبعة العسكرية..! 

 تلكم إذن هي عقيدة حكام الجزائر، والتي عملوا لعقود على تلقينها للجزائريين وراهنوا عليها عبر كل الوسائل والإمكانيات كما سلف الذكر، بل إن الثابت ببلد "الحرية" كما يحب أصحابه أن يروجوا.. أنه يَحْرُمُ اعتقادُ مغربية الصحراء - أي نعم -، ومن يثبت عنه ذلك فالويل كل الويل.. له (!) وهذه حقيقة لا جدال فيها ولا خلاف، وباتت قضية   (الغربية) الشغل الشاغل ليل نهار، في الشتاء والصيف..، في كل مرافق الدولة الجزائرية، وحتى فيما يُزعم من مُداخلات إعلامية وغيرها، حول "القضية الفلسطينية"، التي هي إنما توطئة ضرورية أو "مِلح طعامٍ" للوصول إلى الهدف المبتغى والطبق الشهي (...) المتمثل في قضية الصحراء (الغربية) و"الشعب الصحراوي و"تقرير المصير" ..!

   والغريب العجيب المثير.. أن ممثلي الجزائر في اللقاءات والمنتديات الدولية يعمدون عن وعي - وحتى عن غير وعي (ربما) - على إثارة "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير" حتى لو كان موضوع اللقاء أو المنتدى ينحصر في "البيئة" مثلا، أو "صحة المرأة والطفل"..، بل حتى لو كان الجمع لتشييع جنازة أو لتضامن في حدث جلل..!

 وبينما تَحَرُّشُ الأجهزة الجزائرية، وضمنها الديبلوماسية الجزائرية بطبيعة الحال، بحقوق المملكة المغربية ومصالحها لا يبدو له منتهى..، كان لابد للسفير المغربي بالأمم المتحدة أن يواجهها بالردود الملائمة والمواجهة المفحمة في إطار المحاججة وفي إطار الرد الأنسب والأليق، خصوصا وأنها الدولة المنغلقة، الغالقة على أبنائها كل أبواب ومفاهيم تقرير المصير، وهي البادئة والمصرة على ضربنا بحَجَرِ "تقرير المصير"..، أَلَيْسَ حريا بها أن تتيح للمواطنين المحتجزين لديها ظلما وعدوانا وإرهابا أن يقرروا مصيرهم...؟! ألا يجدر بالمواطنين بالشمال، والجنوب، وغيرهما.. أن يُستفتوا في اختياراتهم إن كانوا يرتضون العيش تحت سطوة من يُعدون بكل المقاييس مجرمين ضد الإنسانية، ومن لهم سوابق ليست ببعيدة في كل أنواع القتل الهمجي وكل أساليب الإرهاب النفسي والجسدي، أو ربما يبتغون التحرر من الهيمنة الإجرامية اليومية؟!

 أليس السفير عمر هلال على حق حينما يلفت النظر إلى وضع القبائليين الشاذ أمام الحكم المتسلط عليهم بالحديد والنار...؟

نحن لا نرى في مرافعات السيد عمر هلال إلا قول حق وقول منطق سليم يدحض به أقاويل الزور والبهتان للممثل الجزائري الذي لا يعي الفرق الشاسع والواضح بين عموم المغاربة (شمالا وجنوبا، شرقا وغربا) بين وضعهم حيثما كانوا، وبين المواطنين هناك الذين يعانون الأمرين من وطأة الإرهاب العسكري الجزائري اليومي، حيث الاعتقال التعسفي، والاختطاف القسري، والاغتصاب، والتعذيب، و. القتل، وما خفي بلا شك أفظع ! 

لذا، يتعين على العالم أن يلتفت إلى معاناة المواطنين المسالمين، المضطهدين من إرهاب الهيمنة العسكرية وأساليبها الهمجية، وهذه في الواقع مسؤولية إنسانية عاجلة.. 

اذهبوا إلى الجحيم..!

لم تكن وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي الوحيدة التي تلاحقها تهم تضارب المصالح في علاقتها "المفترضة" مع الملياردير الأسترالي "أندرو فورست" التي فجرتها صحيفة "ذا أستراليان" وأعادت تأكيدها ...