مصادر خاصة تؤكد لـ "الصحيفة" دخول صناديق سيادية خليجية على خط المفاوضات مع المحكمة التجارية لحلحلة ملف "لاسامير"

 مصادر خاصة تؤكد لـ "الصحيفة" دخول صناديق سيادية خليجية على خط المفاوضات مع المحكمة التجارية لحلحلة ملف "لاسامير"
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 21 أبريل 2023 - 20:27

تزامنا مع التحوّل الجذري والمُهم في موقف الحكومة المغربية من ملف بيع مصفاة "لاسمير"، كشفت مصادر خاصة لـ "الصحيفة" أن المحكمة التجارية، دخلت مفاوضات "جدّية" مع مستثمرين أجانب بما فيهم الصناديق السيادية لكل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وذلك بقيمة تجاوزت 21 مليار درهم (ما يقارب ملياري دولار)، التي حدّدتها المحكمة كثمن افتتاحي في إطار التصفية القضائية التي تخضع لها منذ سنة 2016، والتي تورطت فيها بسبب مالكها الملياردير السعودي محمد العامودي، هذا الأخير الذي لا زال يطمع في الحصول على "تعويضات" من الدولة المغربية.

وأكدت مصادر "الصحيفة" القريبة من الملف، أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في مصير الشركة المغربية لصناعة التكرير المعروفة باسم "لاسامير" الذي ظل في حالة "بلوكاج" طيلة السنوات الفائتة دون أن يرسو على بر حلّ ينهي أزمة ثروتها البشرية، مشيرة إلى أن المحكمة التجارية وبعد إعلانها في نهاية يناير2023، عن عرضها للبيع بثمن افتتاحي يقارب 21 مليار درهم (ما يقارب ملياري دولار)، والذي تضمن أيضا بشكل واضح أن مكتمل الأصول لا يقتني ديون شركة لاسامير، توصلت بأكثر من 15 عرض حتى الآن.

وأوضحت المصادر ذاتها، أن مجموعة من الجنسيات في العالم أبدت رغبتها في اقتناء الأصول، واليوم توجد مفاوضات جدية مع مستثمرين من الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية، وصناديق سيادية عبّرت عن رغبتها في الاستثمار بلاسامير بمبالغ مهمة، إلى جانب مستثمرين آخرين من الهند، والولايات المتحدثة الأمريكية، وبريطانيا، والجارة الشمالية إسبانيا.

وفي وقت فضّلت المصادر ذاتها، عدم الكشف عن قيمة الصفقات التي طرحها المستثمرين ممّن دخلوا في مفاوضات جدية لاقتناء "لاسامير" بدعوى "التحفظ المهني، وعدم رغبة البعض منهم في إظهار هويتهم تجنّبا للتفاوض بين المنافسين أمام المحكمة التجارية"، أكدت أن المحكمة قريبة جدا من الفصل في الملف والرسو به إلى بر الحل في هذه الظرفية.

وحول نوعية العروض المالية المُقدّمة، خاصة وأن مصادر إعلامية أخرى سبق وكشفت أن العروض تراوحت قيمتها ما بين 1,8 مليار دولار و2,8 مليار دولار، أكد المصدر ذاته، أن العروض المالية فاقت هذه الأرقام حاليا وبالمجمل هي رسائل إبداء الاهتمام، والمحكمة التجارية بتحديدها المبلغ الافتتاحي في 21 مليار درهم، توصلت بعروض قريبة من هذا الرقم وأخرى تزيد أيضا بمبلغ متوسط، وقد ترسو عليها الصفقة إذا ما رأت أن هذا هو الأسلم والأفضل للشركة والنفع العام والعمال.

وفاجأت الحكومة المغربية الرأي العام ومتابعي ملف "لاسامير" أمس الخميس، على هامش الندوة الصحافية للمجلس الحكومي، بتصريح مخالف ومناف لمواقفها السابقة من ملف "لاسامير" مؤكدة أنها ستبذل قصارى جهدها لتستأنف المصفاة عملها.

وهذا التحول في الموقف، عبّر عنه مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، متمنيا أن تشتغل لاسامير، ذلك أن "في هذا الملف بالضبط، نحن مع تشغيل هذه المنشأة الوطنية المهمة، ولكن نعرف المسارات القضائية والقانونية التي تخضع لها المؤسسة" على حد تعبيره.

وأكد الوزير المنتدب، أن الحكومة تتمنى في القريب العاجل أن يعرف ملف "لاسامير" حلا، وستقوم بكل ما في وسعها من الناحية التنظيمية والمؤسساتية لتعود المصفاة للمساهمة في الإنتاج الوطني".

الحسين اليماني الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، من جانبه لم يتوانى عن تثمين الموقف الجديد للحكومة المغربية، والذي يتماهي مع ما لطالما دعا إليه ورفاقه المهتمين بالملف منذ زمن طويل، مشيرا إلى أن الحرب الأوكرانية الروسية وَضّحَت بالملموس أهمية هذه الصناعة وتأمين الحاجيات الطاقية للبلدان سواء كانت منتجة أو غير منتجة للبترول.

وشدّد اليماني، في تصريح خصّ به "الصحيفة"، على أن ما ينتظره اليوم، هو ما بعد هذا التصريح الحكومي، بما معناه أن تمر الحكومة إلى القيام بأفعال وتحركات حقيقية لترجمة التصريح والنوايا على شاكلة أفعال حقيقية تُسهم في إرجاع المقاولة والإنتاج الوطني في أقرب الآجال الممكنة، مؤكدا أن "لاسامير كانت متوفقة طيلة السنوات الماضية، بسبب غياب إرادة سياسية لدى الحكومة لتشغيلها".

وإذا توفرت الإرادة السياسية، أكيد ستكون مخرجا لتستأنف "لاسامير" عملها، وفق اليماني الذي أكد أنه من بين الأمور العملية التي وُجب على الحكومة القيام بها اليوم هي "تشجيع المستثمرين الخواص، الذين أبدوا اهتمامهم في إطار طرح المحكمة التجارية" موردا أن "الخيار الذي تعتبره النقابة الوطنية للبترول والغاز "الأنسب والأنجح للجميع هو التفويت لحساب الدولة من خلال المقاصة مع المديونية للمال العام".

وبخصوص موضوع مفاوضات المحكمة التجارية مع المستثمرين الأجانب، ومدى دنوّ هذا الملف المؤجل لسنوات من الحل، أكد اليماني، أن نجاح هذه الصفقات رهين بتوضيح الحكومة لموقفها من هذه الصناعة، لكي لا يتكرر سيناريو 2017 ذلك لأن المسألة ليست قضية بيع عادي وطبيعي جدا.

وشدّد المتحدث، على القضية يجب أن تطرح في إطار مقاربة للاستثمار الاستراتيجي بمفهوم ميثاق القانون الاستثماري الجديد الذي تم اعتماده، موردا "وإذا لم تتحقق هذه المقاربة فإن الملف لن يُحل".

وأكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن المستثمرين الذين أبدوا رغبتهم في الحصول على صفقة "لاسامير"، فعلا يملكون النية الصافية باقتنائها، لكنهم يطرحون أسئلة مشروعة حول مستقبل القطاع في المغرب، والأجوبة على هذه الأسئلة لا تتوفر عليها المحكمة التجارية وإنما الحكومة.

وفي هذا الصدد، دعا اليماني، الحكومة إلى الخروج وتسمية الأمور بمسمياتها وتوضيح الأمر لهؤلاء وتشجيعهم وتطمئنهم، مضيفا: "إن لم تقتنع بهؤلاء المستثمرين يجب أن تعمل بدورها ومن منطلق المسؤولية على البحث عن مستثمرين في القطاع ضمن إطار علاقاتها عبر العالم..".

وتابع "هذا في الوقت، الذي تقول الحكومة أن لا نية لها للرجوع إلى الرأسمالية لشركة لاسامير، وبالتالي الخيار الأول والأسلم للتحقق والمفيد للجميع هو التفويت لفائدة الدولة وليس التأميم كما يُحاول البعض قوله" مضيفا: "يبدو بأن إرادة اللوبيات المتحكمة في سوق النفط بالمغرب تسمو على إرادة الحكومة المطلوب منها وبعد استكمال كل مراحل التقاضي، المساعدة في التفويت القضائي لأصول شركة سامير لحساب الأغيار أو لحساب الدولة المغربية".

هذا، ويعود تأسيس "لا سامير" إلى عام 1959، في إطار شراكة بين الحكومة المغربية ومجموعة "إيني الإيطالية" التي باعت حصتها للدولة بعد ذلك، وفي سنة 1996 تم إدراج أسهمها في البورصة، لكن تحولا جذريا سيحدث سنة 1997 حين تمت خوصصتها بعد دمج الشركة الشريفة للبترول معها، ثم أصبحت 67 في المائة من أسهمها في يد رجل الأعمال السعودي محمد العامودي عبر مجموعة "كورال بيتروليوم القابضة" الموجود مقرها في السويد.

وابتداء من سنة 2014 دخلت في دوامة من الأزمات المالية حيث أعلنت عن تسجيل خسائر بقيمة 3,4 ملايير درهم، وفي سنة 2015 انطلقت مشاكلها مع إدارة الجمارك والضرائب المباشرة بعد أن عجزت عن سداد ما بذمتها من أموال والمقدرة بـ 13 مليار درهم، وبعدها بعام انطلقت إجراءات التصفية القضائية الذي شمل ممتلكات العامودي و4 من مدرائها.

وعلى الرغم من إدخاله "لاسامير" في أسوأ دوامة في تاريخها، وتسببه في أزمة فاتورة طاقية للمملكة مستمرة إلى غاية اليوم إلا أن العامودي لا يزال مُصرا على جني الأموال من الدولة المغربية، إذ يطالب بـ"تعويضات" قيمتها 14 مليار درهم عن طريق المحكمة، على اعتبار أن الرباط خرقت الاتفاقية الثنائية الموقعة مع ستوكهولم بخصوص حماية الاستثمار، إذ يوجد المقر القانوني لشركته في السويد.

وكانت "لاسامير" واحدة من بين مصافي النفط الأكثر كفاءة في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت طاقتها الإنتاجية تصل إلى 10 ملايين طن، أي ثلثي حاجيات المغرب السنوية من المحروقات، بما يشمل البنزين والغازوال والفيول والكيروزين الخاص بالطائرات، وفي الوقت الذي لا يزيد مخزون المغرب من المواد النفطية حاليا شهرا واحدا، فإن هذه المؤسسة وحدها كانت قادرة على تخزين مواد طاقية تكفي لنحو شهرين ونصف.

ابن كيران.. عَدُو نفسه أم عَدُو حِزبه؟! 

انتهى المؤتمر الوطني التاسع لحزب "العدالة والتنمية" بإعادة انتخاب عبد الإله ابن كيران، أمينا عاما للحزب، لولاية جديدة، مع ما رافق الإعداد لهذا المؤتمر من جدل، وما تم التداول خلاله ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...