ألباريس: هناك من يرغب في إبقاء ملف الصحراء مجمدا لـ 100 عام.. ومدريد لن تنتظر قرنًا آخر لإرضاء من يختبئ خلف شعارات فارغة

 ألباريس: هناك من يرغب في إبقاء ملف الصحراء مجمدا لـ 100 عام.. ومدريد لن تنتظر قرنًا آخر لإرضاء من يختبئ خلف شعارات فارغة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 4 أبريل 2025 - 20:00

في سياق إقليمي متقلب، ومناخ دولي يزداد فيه التعقيد حول ملفات السيادة والنزاعات طويلة الأمد، جدّد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، تأكيد موقف بلاده من قضية الصحراء المغربية، مشدّدا على أن إسبانيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام وضع مجمّد منذ خمسين عامًا، وأن الوقت قد حان للانتقال من مرحلة الانسداد إلى أفق الحلول الواقعية.

حديث ألباريس، الذي جاء في حوار إذاعي ضمن برنامج برنامج "La Cafetera"على إذاعة "راديو كابلي"، حمل رسائل دبلوماسية واضحة في توقيت دقيق، خصوصًا في ظل الهجمات السياسية التي يتعرض لها الموقف الإسباني من قبل أطراف داخلية وخارجية تحاول التشويش على التحول الاستراتيجي الذي قامت به مدريد منذ مارس 2022، إزاء موقفها من هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وفي رده على من يروجون لوجود تذبذب في الخط الإسباني، قال ألباريس بوضوح: "لم يتغير موقفنا، بل نحن مصممون على ألا يستمر هذا الوضع المجمّد منذ خمسين عامًا لخمسين سنة أخرى".

بهذه العبارة الحاسمة، قطع وزير الخارجية مع أي قراءة تُقلل من جدية الموقف الإسباني الجديد، والذي يتمحور منذ عامين حول دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل "جاد وواقعي وذي مصداقية"، دون الدخول في سجالات عقيمة حول شرعية السيادة أو صيغ التقسيم.

ألباريس، لم يكتف بإعادة تأكيد موقف بلاده، بل شدد على دعمه الكامل لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ستافان دي ميستورا، وقال إن إسبانيا تُوفر له الدعم الكامل على المستويات "المادية والدبلوماسية والسياسية".

وأضاف: "أنا الوزير الذي التقى ستافان دي ميستورا أكثر من أي مسؤول آخر على المستوى العالمي".

ورغم هذا الدعم، أوضح أن الحل النهائي يجب أن يأتي من المبعوث الأممي نفسه، وأن يتم التوافق عليه بين الأطراف المعنية، مشيرًا إلى أن دور الأمم المتحدة يبقى مركزيًا في دفع عجلة الحل.

ولم يخف ألباريس امتعاضه من الأصوات التي تدعو، ضمنيًا أو صراحة، إلى إبقاء الوضع على حاله، دون أي تقدم ملموس نحو الحل، حيث عمد إلى التحدث بلهجة حادة، قائلا: "أعتبر أنه من غير المسؤول تمامًا أن يختبئ البعض خلف مبادئ مفترضة فقط للإبقاء على هذا النزاع مجمدًا لمئة عام إضافية، أو مئتي عام، أو قرن أو قرنين".

وهذا التصريح يمكن قراءته كانتقاد مباشر لجبهة البوليساريو والداعمين لها، الذين يرفضون كل مقترحات التسوية خارج نطاق "الاستفتاء"، ويُصرون على إبقاء الملف في حالة تجميد دائم تُعرقل أي انفراج دبلوماسي في المنطقة.

وفي مقابل هذا الموقف الحازم من ملف الصحراء، لم يفوّت ألباريس الفرصة لتأكيد متانة العلاقات الإسبانية-المغربية، مشيرًا إلى "مصالح كبرى" تربط البلدين، تتجاوز حدود الخلافات العابرة، وتشمل ملفات بالغة الحساسية مثل محاربة الإرهاب وشبكات الاتجار بالبشر.

وصرّح الوزير الإسباني، بأن العلاقات بين الرباط ومدريد هي "من بين الأقوى في العالم"، بل لا تتفوق عليها سوى العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وبريطانيا، في إشارة إلى عمق التشبيك الاستراتيجي بين البلدين على المستويات الأمنية والاقتصادية والطاقية.

وفي معرض تطرقه إلى الجدل الذي رافق رسالة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس في مارس 2022، ذكّر ألباريس بأن الموقف الإسباني من الصحراء تم التعبير عنه بوضوح في البيان المشترك الإسباني-المغربي، وقد تم تقديمه وتوضيحه أكثر من مرة داخل البرلمان الإسباني.

وهذا التأكيد يأتي كردّ مباشر على محاولات المعارضة اليسارية واليمينية على السواء للطعن في التوجه الجديد لمدريد، وهو ما يعكس تمسك الحكومة الحالية بمسار التقارب مع المغرب.

ونوّه ألباريس إلى أن تنظيم كأس العالم 2030 بشكل مشترك بين إسبانيا والمغرب (إلى جانب البرتغال) يُمثل فرصة نوعية لترسيخ روابط الشراكة والتعاون، مؤكدًا أن هذا المشروع الرياضي الضخم سيكون بمثابة منصة لتكريس التفاهم السياسي والثقافي بين البلدين.

ويُعيد ألباريس، بهذه التصريحات تثبيت الخطاب الرسمي الإسباني، ويقطع الطريق أمام من يحاولون التشويش على التحول الاستراتيجي في الموقف من قضية الصحراء.

وبدعم صريح لجهود دي ميستورا، وتمسك بالشراكة مع المغرب، وإدانة لمحاولات تجميد الملف، تؤكد مدريد أنها دخلت مرحلة اللاعودة في تعاملها مع هذا النزاع، وتراهن على حل توافقي واقعي، يُنهي حالة الجمود ويفتح الباب أمام استقرار إقليمي طال انتظاره.

مَعاركنا الوهمية

من يُلقي نظرة على ما يُنتجه المغاربة من محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنه أن يخلص إلى قناعة ترتقي إلى مستوى الإيمان، بأن جزءًا كبير من هذا الشعب غارق في ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...