أهازيج الألتراس.. رسائل احتجاج من المدرجات ومحاكمات علنية لسياسات الدولة

 أهازيج الألتراس.. رسائل احتجاج من المدرجات ومحاكمات علنية لسياسات الدولة
الصحيفة - حمزة المتيوي
الأربعاء 2 أكتوبر 2019 - 12:00

منذ دخول ثقافة الألتراس إلى الملاعب المغربية في منتصف العقد الأول من سنوات الألفينات، صنعت الفصائل التشجيعية لنفسها مكان فسيحا ضمن أبرز مجموعات الألتراس في العالم بفضل "التيفوهات" التي دأبت على رفعها في المباريات الكبيرة و"الكراكاجات" الحماسية التي تحول المدرجات إلى كرة كبيرة من نار، ثم بفضل "الكلاشات" القاسية التي تتبادلها جماهير الفرق التي تجمعها منافسة تقليدية.

غير أنه انطلاقا من السنتين الأخيرتين لم تعد فرجة الألتراس تقتصر على محبي كرة القدم، بعدما تحول خطاب الجماهير من الاعتزاز بإنجازات الفريق والهجوم على خصومه وازدرائهم، إلى محاكمة علنية للسياسات العمومية واحتجاج صريح على "القبضة الأمنية"، وأضحت تلك الأهازيج تحذر من "انفجار قادم" جراء تزايد الأزمات الاجتماعية المنتجة لظواهر مثل البطالة أو إدمان المخدرات أو الهجرة السرية.

الرجاء.. "في بلادي ظلموني"

رغم أن العالم كان يعرف فريقا كبيرا في المغرب اسمه الرجاء البيضاوي، بفضل حصوله على ثلاثة ألقاب لدوري أبطال إفريقيا ووصوله لنهائي كأس العالم للأندية، وأيضا بفضل جمهوره الذي اعتاد رفع تيفوهات مبهرة جعلته منافسا لجماهير أكبر الفرق في أوروبا وأمريكا اللاتينية، إلا أن أغنية "في بلادي ظلموني" أعطته شهرة من نوع آخر، بعدما أضحت ظاهرة في العالم العربي وتناقلتها قنوات مثل "الجزيرة" و"بي بي سي" و"التلفزيون العربي" باعتبارها صرخة باسم كل الشعوب العربية.

وبنبرة حزينة رددت جماهير "ألترا إيغلز" كلمات معبرة تتهم "المسؤولين" بنشر المخدرات بين أوساط الشباب وتتوعدهم بـ"الحساب يوم القيامة"، قبل أن تعود لاتهامها بـ"تضييع المواهب وقمع جيل بأكمله" بينما تذهب أموال البلد لـ"البراني"، في هتاف ينتقد بشكل مباشر مسلسل هدر المال العام وتهميش الطاقات الشابة التي تعتبر الألتراس أعضاءها جزءا منها. 

ومما زاد شهرة هذه الأغنية بين جموعات الألتراس العربية، حديثها المباشر عن محاولة السلطات ضبط أنشطتها، منتقدة قانون محاربة الشغب داخل الملاعب الذي أطلقت عليه لقب "زيرو خاف"، خالصة إلى أن الداخلية اتخذت من موضوع إشعال الشهب الاصطناعية ذريعة لإقفال المدرجات في وجه الجماهير ومحاربة فصائل الألتراس واتهامها بالشغب واقتياد الشباب إلى السجون، وفق لما جاء في الأغنية.

الوداد.. "صوت الشعب"

وإن كانت أغنية في بلادي ظلموني ذات حمولة اجتماعية أكثر منها سياسية، فإن أغنية "صوت الشعب" لـ"ألترا وينرز" المشجعة لفريق الوداد البيضاوي، استخدمت خطابا لاذعا لانتقاد الحكومة والأمن، إذ أورد مرددوها أنها تعبر عن "الشعب المقموع والناس المهمومة".

ولا تخفي الجماهير الودادية أنها عبر خطابها من المدرجات أتت لتوجيه "كلاش" للحكومة التي "تعدت كل الحدود" واستماتت في "قمع الحريات" وخنق الجماهير في "الفيراجات"، حتى وهي تعلم أنها مراقبة بواسطة كاميرات "الديستي".

https://youtu.be/P8ANwzkNK1A?t=4

وفي لحظة من اللحظات تصل الجماهير إلى أقصى درجات الانسجام مع الهتافات، عندما تردد بأعلى صوتها "الحرية.. اللي بغينا يا ربي.. الحرية.. تفاجي ليا قلبي"، قبل أن تعود لتوجيه خطابها لـ"المسؤولين" الذين قالت عنهم إنهم يعتبرون أفراد الألتراس "أطفالا صغارا لا يفهمون"، ويريدونهم أن "يكونوا عبيدا ويرضوا بالوضعية الحالية".

وتتميز أغنية "صوت الشعب" بخطابها الحاد ونبرة التحدي الواضحة، فهي تعلن مباشرة أن "الوينرز" لن تقبل بإنزال يديها بالرغم من "محاربتها ومطاردتها"، وأنها بـ"عقلية الهوليكنز" التي تحملها ستستمر في المطالبة بالحرية التي تطمح إليها.

اتحاد طنجة.. "ولد الشعب يغني"

على الرغم من أن فريقها لا يملك تاريخا طويلا من الحضور في القسم الممتاز للبطولة، إلا أن جماهير "ألترا هيركوليس" المشجعة لنادي اتحاد طنجة، استطاعت أن تفرض نفسها كإحدى المعادلات الصعبة في عالم الألتراس المغربية متمكنة من منافسة قطبي البيضاء في "التيفوهات" و"الكراكاجات" والتنقل الجماعي، قبل أن تواكبها أيضا في رفع الشعارات الاجتماعية والسياسية من المدرجات.

ونالت "ألترا هيركوليس" نصيبا مهما من الاهتمام الإعلامي الوطني والعربي بعدما ردد أعضاؤها مع بداية الموسم الجاري أغنية "ولد الشعب يغني"، التي أعلنوا مع مطلعها أنهم سيرفعون رسالة مختلفة عن رسائلهم المعتادة التي تهتم عادة بكرة القدم، لتطرح على "البلد" أسئلة حارقة حول الدوافع التي أدت بالعديد من الشبان إلى خوض مغامرة الهجرة السرية.

https://youtu.be/gSv6plasbmM

ولأن الهتاف صادر عن شبان يعيشون في المدينة التي تشهد سواحلها أكبر عدد من محاولات الهجرة السرية، فقد فضلوا إعطاء الإجابة بأنفسهم، إذ إن الأمر يتعلق بـ"الظروف المعيشية السوداء"، فوطنهم لا يوفر لهم خدمات صحية ولا تعليما جيدا، بينما تتفشى في المقابل مظاهر الرشوة والفساد و"أكل حق العباد".

وتظل إحدى أقوى مقاطع الأغنية تلك التي تقول "إذا خوات الكورفا راه ولادك في الغربة"، وهو مقطع صور العديد من المهاجرين السريين المتحدرين من مدينة البوغاز أنفسهم يرددونه وهم على متن قوارب الهجرة السرية، وهو مقطع يتبعه آخر ينتقد بشكل مباشر قانون الخدمة العسكرية وتفشي البطالة.

وتحمل أغنية "ولد الشعب يغني" تساؤلات حارقة موجهة مباشرة إلى بعض المؤسسات، ومن بينها جهاز الجمارك الذي تحمله مسؤولية تسلل المخدرات الذي أجهزت على عقول الشباب، مطالبة القضاء بمعاقبة المسؤولين عن الاتجار في الممنوعات قبل معاقبة المتعاطين.

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...