الإدعاء العام الألماني يقدم رواية "مُبعثرة" عن انفصالي يطالب بتقسيم "منطقة الريف" على أنه "جاسوس" للاستخبارات المغربية!

 الإدعاء العام الألماني يقدم رواية "مُبعثرة" عن انفصالي يطالب بتقسيم "منطقة الريف" على أنه "جاسوس"  للاستخبارات المغربية!
الصحيفة من برشلونة
الجمعة 17 يناير 2025 - 20:00

نشرت وكالة الأنباء "DPA" وشبكة "دوتشي فيله" الألمانيتان، خبرا مثيرا حول اعتقال "جاسوس" مغربي تسلمته من السلطات الإسبانية، ووجهت له تهما رسمية حول علاقته بالاستخبارات المغربية.

القصاصة التي وزعت بلغات متعددة ونشرتها العديد من وسائل الإعلام الألمانية أكدت أن سلطات برلين تسلمت شخصا يحمل الجنسية المغربية من إسبانيا، وأودعته قيد الحبس الاحتياطي بسبب الاشتباه في "تجسسه" لصالح أجهزة الاستخبارات بالمملكة المغربية، الأمر الذي أكده الادعاء العام.

وبتدقيق في المعطيات المنشورة حول "المتهم" بتجسسه لصالح المغرب، يتضح أن هناك الكثير من الفراغات في المعطيات التي أوردها الإعلام الألماني، والتي مصدرها مكتب الإدعاء العام التي توفرت له من طرف دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية المعروفة اختصارا بـ (BND)، لعل أهمها أن المتهم بالتجسس لصالح الاستخبارات المغربية، معروف بمعاداته للوحدة الترابية للمملكة المغربية، بل سبق وأن قدم طلبا لإسقاط الجنسية المغربية عنه، مدعيا أنه ينحدر من منطقة الريف التي يعتبر أنها "محتلة" من طرف المغرب.

ووفق المعطيات التي نشرتها أمس الخميس كل من "دوتشي فيله" و"د ب أ"، فإن المعني بالأمر، الذي أشارت إليه باسمه "يوسف ال. ع." وإسمه الحقيقي هو (يوسف الأسروتي) ألقي عليه القبض من طرف المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، للاشتباه في كونه "جاسوسا" يعمل لصالح جهاز استخبارات مغربي.

- يوسف الأسروتي رفقة جابر الغديوي المعروف بـ "يوبا الغديوي" ضمن مجموعة "الجمهوريين الريفيين" والذي يعمل، بشكل علني، مع السلطات الجزائرية التي احتضنته على أراضيها ووفرت له التمويل لتأسيس ما أسماه "الحزب القومي الريفي" سنة 2023

وأعلنت النيابة العامة الاتحادية في مدينة كارلسروه بتاريخ 16 يناير 2025، أن المشتبه به تم القبض عليه يوم 15 من الشهر نفسه، فور وصوله إلى مطار "فرانكفورت آم ماين"، وأوردت سلطات المدينة أن المتهم كان محتجزا في إسبانيا منذ الأول من دجنبر 2024 بناء على مذكرة توقيف أوروبية، وتم تسليمه إلى ألمانيا بعد 6 أسابيع من الاحتجاز.

الذي يدعو للتشكيك في الرواية الألمانية أن المعطيات التي نشرتها وكالة الأنباء DPA تحدثت عن أن المشتبه فيه كان يتجسس على أنصار ما يسمى "حركة حراك الريف"، مع العلم أنه من أشد المتشددين لما يسميه "الاستعمار المغربي للريف"، بل سبق وأن راسل وزارة الداخلية المغربية، مؤكدا في مراسلة موقعة بإسمه أنه قرر التخلي عن الجنسية المغربية بشكل نهائي مبررا ذلك بـ"أن العلاقة التي بنتها الدولة المغربية مع الريفيين هي "علاقة استعمارية"، بل أن المعني بالأمر كان يتقدم مسيرات احتجاجية لـ"حركة حراك الريف" في العديد من الدول الأوروبية، ضد السلطات المغربية.

وفي الوقت الذي أكد الادعاء العام الاتحادي الألماني في بيان، إن المتهم تعاون مع رجل آخر كان مكلفا من قبل جهاز الاستخبارات الخارجية المغربي، والذي أُلقي عليه القبض في نونبر من سنة 2022 في منطقة كولونيا الألمانية، وصدر في حق حكم بالسجن لعام و9 أشهر مع وقف التنفيذ، مضيفا أن "الشريك" قام بنقل المعلومات التي تم جمعها من المتهم إلى الضباط المسؤولين عنه، وفي المقابل، تكفل جهاز الاستخبارات بتكاليف رحلات هذا الأخير التي بلغت قيمتها حوالي 5000 أورو، والتي قيل إنها استُخدمت أيضا لأغراض شخصية، بحسب ما ورد في لائحة الاتهام، تبين من خلال بحث غير مُعقد في للمعني بهذه التهم، أن الرواية التي تقدم بها الإدعاء العام الاتحادي الألماني فيها الكثير من التناقض في الملعومات، بل وتفتقد لـ"الحبكة" المطلوبة لتوجيه اتهام ثقيل مثل هذا.

وبالرجوع إلى معطيات متوفرة للعموم على محركات البحث على شبكة الانترنت، يتضح أن المعني بالأمر، واسمه "يوسف الأسروتي"، هو أحد النشطاء الراديكاليين الذين يتبنون الطرح الانفصالي بخصوص منطقة الريف، وهو مستقر في هولندا منذ ماي من سنة 2018، إثر قرار صادر عن السلطات الألمانية بترحيله، ويتبنى خطابا معاديا وعنيفا تجاه المغرب.

والأسروتي، مُصنف لدى السلطات المغربية ناشط "انفصالي" و"متطرف"، ورغم أن وثائقه الشخصية تشير إلى أن أصوله من خارج منطقة الريف، إلا أنه شارك في العديد من الأنشطة المطالبة بتأسيس ما يسمى "جمهورية الريف"، وأظهرت صور للمعني أنه كان يتعَمَّدُ الإساءة للمملكة ولرموزها، بما في ذلك العَلَم والمؤسسة الملكية.

أكثر من ذلك، فالأسروتي كان ينشط ضمن مجموعة "الجمهوريين الريفيين" في دوسلدورف، المرتبطة بشكل مباشر بالانفصالي جابر الغديوي المعروف بـ"يوبا الغديوي"، وهو نفسه الذي يعمل، بشكل علني، مع السلطات الجزائرية، والتي قررت احتضانه على أراضيها وتوفير التمويل له، وإثر ذلك أسس ما أسماه "الحزب القومي الريفي" سنة 2023.

ببحث عن خلفية الرجل ومواقفه السياسية، يتضح أن الأسروتي، ومنذ أول محاولة ترحيله من قبل السلطات الألمانية إلى المغرب، ازداد نشاطه بشكل مكثف واتخذ "موقفًا عدائيا جدا" تجاه ثوابت المملكة، حيث يقوم بانتظام بنشر تصريحات تسيء إلى شخص الملك، ويدعو من خلالها إلى "انفصال الريف"، وهو أمر لجأ إليه لتفادي تسليمه إلى الرباط، ولخلق الانطباع بأن هذا الأمر يمثل تهديدا لسلامته.

وسبق للأسروتي، وفق وثيقة حصلت عليها "الصحيفة"، أن راسل القصر الملكي ووزارة العدل ووزارة الداخلية، من مدينة بورن الألمانية بتاريخ 1 يونيو 2018، من أجل ما وصفه "قرارا لا رجعة فيه بإسقاط الجنسية المغربية ونزع البيعة"، موردا أن "العلاقة الوحيدة بين الدولة المغربية وبين الريفيين هي علاقة استعمارية"، مضيفا في المراسلة ذاتها أن "ولاءه الوحيد للبلد الذي يؤمن له الحماية".

- وثيقة تبين أن يوسف الأسروتي سبق أن راسل القصر الملكي ووزارة العدل ووزارة الداخلية، من مدينة بورن الألمانية بتاريخ 1 يونيو 2018، من أجل ما وصفه "قرارا لا رجعة فيه بإسقاط الجنسية المغربية ونزع البيعة".

هذه المراسلة جاءت بعد أقل من 3 أشهر على اعتقاله من طرف السلطات الألمانية، في مارس 2018، بسبب الإقامة غير القانونية، ليتم احتجازه في مركز للاجئين تمهيدا لتسليمه إلى الرباط، لكن تم إطلاق سراحه بعد فترة قصيرة، وذلك بناء على طلب تقدم به مكتب للمحاماة تعاقد معه بشكل مباشر الانفصالي الآخر "يوبا الغديوي".

ومنذ ذلك الحين، أصبح الأسروتي عضوا نشطا جدا في ما يُعرف بـ"التيار الجمهوري"، لكنه سيخضع مُجددا لإجراءات الترحيل القسري في ماي من سنة 2018، حيث ربطت السلطات الألمانية الاتصال بالقنصلية المغربية في دوسلدورف، لإصدار وثيقة سفر باسمه بناءً على طلب شرطة الأجانب المركزية في مدينة كولونيا، وذلك بعد رفض طلب اللجوء الذي تقدم به.

وخلال عملية ترحيله، قاوم الأسروتي بعنف عند وصوله إلى المطار، الأمر دفع عناصر الشرطة للتخلي عن محاولة إركابه الطائرة بالقوة، وبعدها سيتوجه إلى هولندا حيث سيُقدم طلبا جديدا للجوء لدى السلطات الهولندية، مدعيًا أنه ملاحق في المغرب بسبب نشاطه السياسي ومطالبته بما يسميه "استقلال الريف"، وظهر هناك بالفعل في أنشطة نظمها انفصاليون.

بتجميع كل هذه المعطيات وربطها ببعضها البعض، يتضح أن الرواية التي نشرتها وسائل الإعلام الألمانية، والمبنية على معلومات صادرة عن مكتب الادعاء العام التي توفرت له من طرف دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية المعروفة اختصارا بـ (BND)، تبدو "هشة" وغير متناسقة، وتحتاج لكثير من الجهد لتصبح رواية دقيقة، يمكن الاعتماد عليها لتوجيه اتهام التجسس ليوسف الأسروتي.

ابن كيران.. عَدُو نفسه أم عَدُو حِزبه؟! 

انتهى المؤتمر الوطني التاسع لحزب "العدالة والتنمية" بإعادة انتخاب عبد الإله ابن كيران، أمينا عاما للحزب، لولاية جديدة، مع ما رافق الإعداد لهذا المؤتمر من جدل، وما تم التداول خلاله ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...