التبرع بالأعضاء في المغرب.. فنانون يتحدثون عن "منح" الحياة بعد مَمَاتهم؟
ينتظر آلاف المرضى بالمغرب منذ سنوات هبة الحياة بأمل كبير، حالمين في تغيير وضعهم الصحي الذي لم تسعفهم إمكانياتهم الاجتماعية والمادية من السفر لخارج أرض الوطن والحصول على عضو كفيل بإرجاع حياتهم لحالها الطبيعي في ظل عزوف المجتمع المغربي عن التبرع بأعضائه لإنقاذهم من موت محقق.
ومع ندرة التبرع بالأعضاء بالمغرب وجدل تحليلها وتحريمها شرعا، يقف عدد من الراغبين بالمساعدة في حيرة كبيرة ينتظرون مبادرات إنسانية وتوعوية كفيلة بصفاء الرؤية وإيضاح مسار التبرع والمسطرة اللازم إتباعها، وبالتالي تحفيزهم على أخذ القرار ومنح "الحياة" بعد مماتهم.
بجرأة كبيرة تحدث عدد من الفنانين المغاربة "للصحيفة"حول إمكانية تبرعهم بأعضائهم بعد الوفاة، تدفعهم في ذلك الرغبة في مساعدة مرضى كثر قد لا يكون لديهم أمل في العيش إلا إذا وجدوا متبرعين مثلهم قد يصبحوا فيما بعد قدوة لعدد من محبيهم ومتابعيهم.
نعمان لحلو الفنان الذي أصدر منذ بداية مساره الفني سلسلة من الأعمال للتعريف بالسياحة وبالمدن العتيقة من خلال أغاني خالدة يرددها محبي الكلمات الراقية الهادفة علق على الموضوع في تصريح "للصحيفة" قائلا: "هي بادرة جميلة جدا ومعها سيصبح الفنان قدوة لغيره كما سيحفز باقي المغاربة على الانخراط في هذا العمل الإنساني".
وأضاف صاحب أغنية "المدينة القديمة" تصريحه "من جهتي أؤكد على أنني سأقوم بالتبرع بأعضائي مئة بالمائة وبدون تردد،خصوصا بعدما أكد الفقهاء أن التبرع بالأعضاء ليس حراما ويمكن أن ينقذ حياة شخص أخر".
بشرى أهريش الممثلة التي اخترقت أعمالها قلوب المغاربة تقول إن مبادرة التبرع بالأعضاء "عمل إنساني محض لأن الجسد يفنى بعد الموت وستكون أعضائه بمثابة صدقة جارية لشخص يستحق الحصول على فرصة ثانية للعيش، وأنا أؤمن أننا لا نأخذ معنا الأشياء المادية والسجد لا قيمة له بعد خروج الروح منه".
تستطرد الممثلة الشعبية قولها "أؤكد أنني في اليوم الذي سأفكر جديا في الموضع سألجأ للجانب القانوني لمعرفة التفاصيل القضائية التي ما تزال تشوبها علامات استفهام" مضيفة قولها "نحن المغاربة في ثقافتنا نتربى على العطاء لكن في الوقت ذاته تزرع فينا رهبة تغطية الجسد وعدم تعريته لهذا أضن أن هذه المسألة تقف عائقا أمام انخراط الأسر المغربية في هذه المبادرة".
وتؤكد المتحدثة لـ"الصحيفة " نحن من بين البلدان التي تسجل أكبر عدد وفيات ناتجة عن حوادث السير بطرقاتها، لكن السؤال المطروح هو: هل ستأتي سيارة الإسعاف في الوقت المناسب لنقل جسدي والاحتفاظ بأعضائه بشكل سليم؟، أتمنى أن أتبرع للمغاربة بأعضائي لكني أفضل الموت ببلد أجنبي يحترم القانون وستكون لدى أطره الطبية المهارة الكافية للحفاظ على أعضائي ومنحها للمحتاجين".
أما عبد الرحيم الصويري الفنان الذي أخد لقبه من مدينته التي رأى النور بها "أنا مع فكرة التبرع بكل أعضائي ونهايتي ستكون بداية جديدة لشخص أخر فالموت يعني نهاية الحياة فلما لا نهب أعضائنا لتنقذ حياة شخص أخر ".
العمل على تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة أضحى توجها رسميا بعدما تبرع وزير العدل والحريات السابق مصطفى الرميد سنة 2012 رفقة ابنته بأعضائهما بشكل قانوني، لكن ما تزال لوائح الانتظار تطول كل يوم أكثر بالمغرب لمرضى يحتاجون زراعة الأعضاء تفاقم من معاناتهم فتاوى دينية وموروث شعبي يكبلان ثقافة التبرع بالأعضاء حتى بعد الوفاة في مقابل نوم الوزارة الوصية على القطاع وعدم إنشائها لأي مبادرة تروم لتغيير الأفكار الجاهزة تحول دون تبرع المغاربة بأعضائهم.
يذكر أن المغرب يعتبر من بين الدول العربية السباقة في مجال تقنين التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، وذلك من خلال سن قانون 98-16 الصادر سنة 1999 والمتعلق بتنظيم التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية، وقد أدخلت الحكومة تعديلات على القانون المذكور، اتسمت بالصرامة والحسم في كل ما من شأنه التلاعب بالأعضاء البشرية من خلال الإجراءات المتبعة، التي يتحمل فيها المشرفون على العملية مسؤولية كبرى للحيلولة دون محاولة الاتجار في الأعضاء.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :