الجزائر تحصل على تفويض الانضمام لبنك التنمية التابع للبريكس.. ورقة انتخابية جديدة في يد تبون
نجحت الجزائر أخيرا، في الحصول على تفويض الانضمام لمجلس محافظي البنك الجديد للتنمية التابع لمجموعة "بريكس"، وذلك في إطار حملة للتوسع قادتها المؤسسة المالية منذ مطلع السنة الجارية 2024، بضمّها إيران والإمارات وإثيوبيا ومصر والسعودية، وهو ما سيشكل ورقة انتخابية جديدة تلعب لصالح عبد المجيد تبّون في رئاسيات 2024.
وكانت مجموعة "بريكس" قد أسست البنك التنموي متعدد الأطراف في عام 2015، وأنشأت الدول المؤسسة لمجموعة "بريكس"، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، "بنك التنمية الجديد"، فيما ضمّت المجموعة الإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا إلى عضويتها بدءاً من الأول من يناير 2024.
وفي سياق حملة دول "البريكس" لتوسيع قاعدة أعضائها سبق لها أن دعت أيضا الأرجنتين لكن هذه الأخيرة رفضت في ظل حكم الرئيس الحالي خافيير ميلي، الذي قال: "إن تحالفنا الجيوسياسي هو مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ولن نتحالف مع الشيوعيين"، فيما أبدت كل من ماليزيا وتايلند اهتمامهما منذ السنة الماضية على غرار الجزائر التي حقّقت أخيرا الوعد الذي ضربه رئيسها عبد المجيد تبّون في 2023 عندما استبق موعد الإعلان عن نتائج دراسة طلبات الانضمام بتأكيده أن "سنة 2023 ستتوج بانضمام بلاده للمنظمة"، بعدما عول كثيرا على حلفائه في الصين وروسيا وجنوب إفريقيا.
وقال بيان لوزارة المالية الجزائرية، إن مجلس محافظي البنك الجديد للتنمية التابع لمجموعة "بريكس" وافق في اجتماع عقد أمس السبت بجنوب أفريقيا، على انضمام الجزائر الى هذه المؤسسة المالية والتنموية الهامة، التي تعتبر الذراع المالي لمجموعة بريكس، موردة أنها " خطوة كبيرة في مسار الاندماج في النظام المالي العالمي، مما يجعل الجزائر الدولة التاسعة التي تنضم إلى عضوية البنك الجديد للتنمية" إلى جانب دول كبرى مثل روسيا والصين.
وجاء الإعلان أيضا، في بيان لرئيسة مجلس البنك ديلما روسيف الرئيسة السابقة للبرازيل إحدى الدول البارزة في المجموعة الاقتصادية، خلال اجتماع السبت في كيب تاون بجنوب إفريقيا، فيما أوردت وزارة المالية الجزائرية أن هذا الانضمام "جاء نتيجة تقييم صارم" مشيرة إلى "الأداءات الاقتصادية المتميزة التي حققتها الجزائر في السنوات الأخيرة، من حيث النمو الاقتصادي، بدعم من الإصلاحات متعددة القطاعات، وكذلك تصنيفها حديثا كاقتصاد ناشئ من الشريحة العليا".
واعتبرت الجزائر، أن انضمامها كأكبر مصدر للغاز في إفريقيا، للبنك الذي تأسس في 2015 من قبل الدول المؤسسة لـمجموعة بريكس "يفتح آفاقا جديدة لدعم وتعزيز النمو الاقتصادي للبلاد على المدى المتوسط والطويل".
ولا شك بأن انضمام الجزائر وبعد طول انتظار لمجموعة "البريكس" عقب نجاحها في إقناع الهند التي تحفّظت على طلب انضمام البلد في 2023، سيكون ورقة رابحة بالنسبة لعبد المجيد تبون المرشح لرئاسيات 2024، الذي سوّق كثيرا لفكرة أن حظوظ بلاده وفيرة بالانضمام للمجموعة، وأن اقتصاد البلد رائد قاريا ودوليا، بحيث أكد لدى إعلانه طلب الجزائر الانضمام إلى المجموعة في يوليوز 2022، أن بلاده تريد أن تصبح عضوا مساهما في البنك التابع لها بمبلغ 1.5 مليار دولار.
ومع قرب موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر، والمقررة في السابع من شتنبر الجاري، يبرز الاقتصاد ووعوده الكبيرة في مُقدمة الأوراق التي تشغل بال الناخبين، خصوصا وأن فترة تبون (الرئاسية الأولى منذ انتخابه، في عام 2019، عرفت "تحديات اقتصادية كبيرة" في مقدمتها ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم إلى أعلى مستوى منذ عقود.
وهذه التحديات الاقتصادية التي تتكبّدها الجزائر في سياق عالمي متوتر، استحضرها تبون خلال حملته الانتخابية وهو يقول إن الأوضاع الاقتصادية في البلاد تحسنت على مدار عهدته الأولى. بينما أثارت تصريحات أخرى، بشأن وضع اقتصاد البلاد، الكثير من الجدل والتساؤلات، والتي جاءت بعد قوله إن "اقتصاد الجزائر أصبح الاقتصاد الثالث في العالم".
وحسب بيانات البنك الدولي، بلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للجزائر خلال عام 2023، نحو 239.9 مليار دولار، وهو ما يعني أنها تبتعد كثيرا عن الاقتصادات الكبرى في العالم. لكنها من المتوقع أن تكون ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا خلال 2024، وفق بيانات صندوق النقد الدولي، خلف جنوب أفريقيا ومصر.
من جهة ثانية، فإن ما يجعل الجزائر مهتمة كثيرا بالانضمام للمجموعة، هي الامتيازات التي توفرها "البريكس" لأعضائها الجدد الوافدين، على غرار إمكانية الوصول إلى التمويل من الأعضاء الأكثر ثراء ومكانا سياسيا مستقلا عن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار مساعي بكين إلى سحب دول نصف الكرة الجنوبي إلى مدارها الاقتصادي، كما يهدف إدراج منتجي الوقود الأحفوري الرئيسيين إلى المجموعة تحدي هيمنة الدولار في تجارة النفط والغاز من خلال تشجيع التخلص من الدولار.
من جهة ثانية، يرى محللو "بلومبيرغ إيكونوميكس" أن التوسع "يتعلق بالسياسة أكثر منه بالاقتصاد"، حيث يتم وضع تحالف البريكس الموسع كثقل موازن لمجموعة السبع الولايات المتحدة، كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، والمملكة المتحدة، وتسعى استراتيجية بكين -وفقا لبلومبيرغ- إلى سحب دول نصف الكرة الجنوبي إلى مدارها الاقتصادي، متحدية الهيمنة الأميركية. كما يدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المعزول بسبب حربه في أوكرانيا، تقليص نفوذ واشنطن العالمي.
وقد حققت مجموعة البريكس إنجازات مالية كبيرة، بما في ذلك مجمع احتياطي من العملات الأجنبية بقيمة 100 مليار دولار وإنشاء بنك التنمية الجديد "إن دي بي" (NDB)، الذي وافق على ما يقرب من 33 مليار دولار من القروض منذ عام 2015، فيما وفي المقابل، التزم البنك الدولي بمبلغ 72.8 مليار دولار كقروض مالية في 2023.