الجيش المغربي يعلن حضوره في سواحل الكويرة لضبط منافذ تهديدات "البوليساريو" وفرض قوته على حدوده البحرية

 الجيش المغربي يعلن حضوره في سواحل الكويرة لضبط منافذ تهديدات "البوليساريو" وفرض قوته على حدوده البحرية
الصحيفة – حمزة المتيوي
الثلاثاء 27 فبراير 2024 - 21:26

عديدة هي المرات التي تحدثت فيها القوات المسلحة الملكية عن اعتراضها قوارب للهجرة غير النظامية على الواجهة الأطلسية للمملكة، وتحديدا على سواحل الأقاليم الجنوبية، لكن بلاغها الصادر اليوم حمل أبعادا جديدة، حين تحدثت عن تدخلها في محيط مدينة الكويرة، في أقصى جنوب المملكة، في إعلان صريح على بسط سيادتها على هذه المنطقة.

وتحدث البلاغ عن أن وحدة تابعة للبحرية الملكية، قامت، اليوم الاثنين 26 فبراير 2024، بتغيير مسارها لتقديم المساعدة لقارب كان في وضعية صعبة بسبب سوء الأحوال الجوية على بعد 37 كيلومترا جنوب غرب مدينة لكويرة، إذ تم إنقاذ 56 مرشحًا للهجرة غير النظامية ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، من بينهم امرأة وقاصر، وقد تم تقديم الإسعافات اللازمة لهؤلاء المرشحين قبل نقلهم إلى ميناء الداخلة وتسليمهم لمصالح الدرك الملكي للقيام بالإجراءات الإدارية الجاري بها العمل.

وهذه إحدى المرات النادرة التي يتحدث فيها الجيش المغربي، بشكل صريح ومباشر، عن تدخله ميدانيا في مدينة الكويرة أو محيطها البحري، ما يحمل إشارة جديدة تنضاف إلى إشارات أخرى تحيل على إخراج ملف هذه المنطقة من الجمود، في ظل تجدد مطالب موريتانية بجعلها منطقة خالية من أي وجود عسكري مغربي، خصوصا بعد التدخل الميداني المغربي في الكركارات بتاريخ 13 نونبر 2020.

وأصبح حضور الجيش المغربي طاغيا بقوة خلال الأشهر الأخيرة في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية بالسواحل الجنوبية للمملكة، والتي يتضرر منها أساسا إقليم الكناري الإسباني، ففي بداية دجنبر الماضي قامت اللجنة المركزية للتنسيق الجهوي المتعلقة بمحاربة الهجرة السرية بزيارة مجموعة من نقط المراقبة للواجهة الأطلسية بجهة العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، بما يشمل قيادات في الجيش.

وأعلنت القوات المسلحة الملكية بشكل رسمي أن هذه الزيارة شملت وفدا عسكريا، وتأتي في إطار جولات تتم بشكل مستمر، لكن مصادر محلية كانت أكثر دقة، حين تحدثت عن أن الزيارة شملت ما مجموعه 1400 كيلومتر من الواجهة البحرية للمملكة، بما يشمل شبه جزيرة الكويرة، كما شملت أيضا منطقة الكركارات والمعبر الحدودي مع موريتانيا.

ومنذ تدخله الميداني في الكركارات، الذي انتهى بطرد عناصر جبهة "البوليساريو" الانفصالية وإعادة تهيئة الطريق البري الوحيد الرابط بين المغرب ومنطقة غرب إفريقيا، فرض المغرب واقعا جديدا على المنطقة بما يشمل إخراج مدينة الكويرة من المنطقة العازلة منزوعة السلاح، وضمها إلى المناطق الموجودة أمام الجدار الأمني، وبالتالي الخاضعة عمليا للإدارة المغربية.

وكان الوصول إلى سواحل أقصى جنوب المملكة إحدى الأهداف الاستراتيجية لجبهة "البوليساريو" الانفصالية، لتأكيد مزاعمها بـ"السيطرة" على المنطقة العازلة التي تفصل الجدار الأمني عن الحدود الشمالية الموريتانية والتي تسميها "الأراضي المُحررة"، وهو ما يُفسر ظهور عناصر الجبهة بمياه الأطلسي خلال أزمة الكركارت، حاملين أعلام "البوليساريو".

وفرض المغرب، بعد تدخله الميداني في الكركارات، واقعا جديدا على المنطقة، عمل على ترسيخه طيلة ما يقارب الـ40 شهرا الموالية للتدخل الميداني لقواته المسلحة، حيث أعاد رسم الجدار الأمني وأعاد نشر عناصر الجيش في العديد من المناطق الاستراتيجية، خصوصا الواجهة الأطلسية والمواقع الحدودية، وقد ترددت مؤخر أنواء متواترة عن نشر آليات الجيش في الكويرة.

والبلاغ الأخير للجيش يأتي أيضا بعد بروز تطورات ميدانية خطيرة، أبرزها الهجوم الذي استهدف مدينة السمارة في أكتوبر من العام الماضي، وأدى إلى مقتل مدني وإصابة 3 آخرين، والذي فرض على الرباط تحركات ميدانية، وفي يناير الماضي أعلن نشطاء موالون لـ"البوليساريو" حدوث قصف مغربي بواسطة طائرة مسيرة بمنطقة امهيريز، على بعد أقل من 100 كيلومتر عن السمارة، استهدف سيارتين اقتحمتا المنطقة العازلة، ما أدى إلى مقتل 4 على الأقل من ميليشيات الجبهة.

ويأتي التحرك المغربي في مواجهة أصوات موريتانية برزت منذ الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بجعل هذه المنطقة معزولة ومنزوعة من أي تواجد عسكري فيها، وهو الأمر الذي رد عليه المغرب في غشت من سنة 2022 بنشر جيشه داخل المدينة، حيث ظهرت صور لهذا التحرك دون أي إعلان رسمي عن الأمر، والذي تلا خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب، الذي دعا فيه جميع دول العالم إلى اتخاذ موقف صريح ولا لبس فيه بخصوص مغربية الصحراء.

وجاء في الخطاب الملكي حينها "أوجه رسالة واضحة للجميع، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، لذا، ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل".

وكان المغرب قد بدأ الإعلان عن نواياه في توضيح خطوط التماس على الحدود مع موريتانيا قبل ذلك، وتحديدا في أبريل من سنة 2021، أي بعد أشهر من عملية الكركارات، حين نشرت القناة المغربية (عمومية) خريطة تبرز خُطط المغرب لإنشاء ميناءين آخرين على الواجهة المتوسطية في أقصى جنوب الأقاليم الصحراوية، ويتعلق الأمر بميناءي الكويرة وامهيريز اللذان سينضافان لميناء الداخلة.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

غصّة بنكيران

لا يُفوت رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الحالي، عبد الإله بنكيران، فرصة إلاّ ويرمي بكل التعب النفسي الذي مازال يحمله في دواخله منذ "البلوكاج الحكومي" الذي تلا ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...