الرباط وبيكين يتفقان على تعزيز التعاون القضائي وتوطيد العلاقات البرلمانية
تسعى الرباط وبكين إلى تعزيز علاقات التعاون بينهما، مدفوعين بالاعتبارات الاقتصادية والسياسية، إذ امتدّت الرغبة المشتركة لتوطيد هذا التكامل في الرؤى لتشمل قطاع العدالة بعدما وقع البلدان اليوم الأربعاء على برنامج تعاون في مجال تحديث الإدارة القضائية ورقمنة منظومة العدالة، وذلك تزامنا مع زيارة رسمية للصين يقوم بها وفد نيابي من الأغلبية والمعارضة برئاسة رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، بدعوة من رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني بجمهورية الصين الشعبية.
وحلّ نائب وزير العدل الصيني بالرباط أمس الثلاثاء، في زيارة تمتد إلى غاية 18 من ماي الجاري، مرفوقا بوفد من المسؤولين الصينيين بمن فيهم رئيس إدارة السجون، مدير عام مكتب إدارة "الإصلاحيات المجتمعية"، نائب المدير العام لمركز المعلومات بوزارة العدل، نائب مدير مكتب التعاون الدولي ومسؤول كبير في الكتابة العامة لوزارة العدل بجمهورية الصين الشعبية.
ويرجع استقدام المسؤول الحكومي الصيني لهذا الوفد الرسمي من رؤساء المؤسسات،لاستعداد البلدين لعقد مزيد من شراكات التعاون، حيث يتضمن برنامج الزيارة لقاءات مع كل من رئيس النيابة العامة الرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والكاتب العام للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومنسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء. كما يتضمن زيارات ميدانية لمحاكم ومؤسسات سجنية وإصلاحية معنية بإعادة الإدماج.
وتأتي هذه الزيارة، في مسعى لتعزيز علاقات التعاون التي تجمع المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية، حيث استقبل عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، اليوم الأربعاء ضيف المملكة الصيني، وعلى إثر مباحثاتهما ، وتأكيدا منهما على الحرص على مواصلة التعاون، قاما بالتوقيع على خطة عمل للتعاون بين وزارة العدل بالمملكة المغربية ووزارة العدل بجمهورية الصين الشعبية لسنتي 2024/2025.
ونوه وهبي في كلمته الترحيبية بنائب نظيره الصيني، بعمق العلاقات المغربية الصينية وتجذرها، فضلا عن شمولها لمجالات كثيرة ومتنوعة، مؤكدا أن انضمام المغرب سنة 2017 إلى "مبادرة الحزام والطريق" التي أطلقتها الرئاسة الصينية، بهدف إنشاء حزام بري من سكك الحديد والطرق يربط الصين وإفريقيا وأوروبا من شأنه تعزيز حالة الشراكة بين الصين وإفريقيا وتحقيق حالة من النمو والازدهار على أكثر من الصعيد.
وشدّد وهبي تأكيده على رغبة الوزارة وتطلعها للاستفادة الأمثل من آليات التعاون المختلفة القائمة بين البلدين والمتمثلة باتفاقيات التعاون التي تغطي كافة مجالات التعاون القضائي، مبرزا الحاجة إلى مزيد من تبادل الخبرات في مجال الانتقال الرقمي وإعادة الإدماج.
من جانبه، عبر Zhao Changhua، عن ارتياحه إلى مستوى التعاون القائم بين وزارة العدل بالمملكة المغربية ووزارة العدل بجمهورية الصين الشعبية، مؤكدا أن زيارته وطبيعة اللقاءات والمباحثات التي تشملها، ستسمح بفتح آفاق جديدة أمام التعاون الثنائي.
ومن اللافت أن الزيارة التي يقوم بها المسؤول الصيني إلى المغرب، تتزامن وزيارة عمل مماثلة يقوم بها وفد نيابي من الأغلبية والمعارضة برئاسة رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، إلى جمهورية الصين الشعبية، وذلك بدعوة من رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني بجمهورية الصين الشعبية.
ووفق المجلس، فإن هذه الزيارة تهدف لتعزيز العلاقات البرلمانية الثنائية المغربية – الصينية، وكذا التنسيق في مختلف المحافل البرلمانية الدولية، ومد جسور الحوار والتواصل البرلماني الدائم بين المؤسستين التشريعيتين خاصة في القضايا ذات الانشغال المشترك.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني تشاو له جي، سبق أن قام بزيارة رسمية للمملكة المغربية، شهر ماي 2023، على رأس وفد رفيع المستوى، وذلك بدعوة من رئيس مجلس النواب بالمملكة المغربية.
وكان سفير المغرب بالصين، عبد القادر الأنصاري، قد أكد في حوار مع القناة الصينية “سي جي تي ان”، أن العلاقات الاقتصادية “المهمة” بين البلدين في ارتفاع متواصل، مشيرا إلى أن المغرب يعمل على مواصلة تعزيز الظروف المواتية للاستثمارات الأجنبية، بما في ذلك القادمة من الصين.
وذكر السفير ذاته في هذا الصدد بأن المغرب يتيح الولوج إلى سوق يقدر بحوالي 2,4 مليار مستهلك بفضل اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع عدة بلدان من مناطق مختلفة، مشيرا إلى أن المملكة تقدم إمكانات تجارية كبيرة للشركات الصينية، سواء داخل البلد أو مع شركاء المغرب في القارة الإفريقية وأمريكا الشمالية.
ومن المهم الإشارة، إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب والصين بأكثر من 50 بالمائة سنة 2022، لتصل إلى حجم إجمالي بلغ 7,6 مليار دولار، ما يجعل العملاق الآسيوي ثالث أكبر شريك تجاري للمملكة، وشريكها الرئيسي على مستوى آسيا، وتشمل الاستثمارات الصينية بالمغرب، التي بلغت سنة 2022 ما يزيد عن 56 مليون دولار، على الخصوص، قطاعات الصناعة، والأشغال الكبرى، والنقل، والعقار، والطاقة، والمناجم، مع حصة تبلغ 52 بالمائة للصناعة.