الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة تصدم الجزائر وتحبط عروض التقارب التجاري التي قدمها سفيرها في واشنطن لإدارة ترامب
تلقت الجزائر ضربة اقتصادية قوية بقرار الإدارة الأمريكية فرض رسوم جمركية جديدة على صادراتها إلى الولايات المتحدة، حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب أمس الأربعاء عن زيادة الضريبة المفروضة على المنتجات الجزائرية من 18,9 بالمائة إلى 30 بالمائة، في إطار مراجعة موسعة للسياسات التجارية الأمريكية تجاه 180 دولة.
ووفق ما نشرته الصحافة الجزائرية بشأن هذا القرار "الصادم"، فإن تأثير هذه الرسوم الجمركية الإضافية سيشمل المنتجات الجزائرية النفطية، والمواد الخام، وبعض المنتجات الزراعية والغذائية التي تصدرها الجزائر إلى السوق الأمريكية، مما قد يؤثر سلبا على حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وبناء على تقارير جزائرية، فإن هذا القرار يُعد بمثابة انتكاسة كبيرة للعلاقات الاقتصادية بين الجزائر وواشنطن، خاصة أن الجزائر سجلت فائضا تجاريا كبيرا في تعاملاتها مع الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري في سنة 2024 بين البلدين إلى 3.5 مليارات دولار، حيث صدّرت الجزائر ما قيمته 2.5 مليار دولار من المنتجات إلى السوق الأمريكية، بينما لم تتجاوز الواردات الجزائرية من الولايات المتحدة مليار دولار.
أما في سنة 2023، حسب المصادر نفسها، فقد بلغ حجم الصادرات الجزائرية إلى الولايات المتحدة 3.09 مليارات دولار، بينما استوردت الجزائر منتجات أمريكية بقيمة 1.43 مليار دولار، مما جعل الولايات المتحدة تحتل المرتبة الثامنة في قائمة أكبر المورّدين للجزائر، خلف الصين وفرنسا وإيطاليا.
وتعتمد الصادرات الجزائرية إلى الولايات المتحدة بشكل أساسي على المحروقات ومنتجاتها، الحديد والصلب، والأسمدة، والإسمنت، وبعض المنتجات الزراعية مثل الطماطم والزيتون والأفوكادو، إضافة إلى مجموعة محدودة من المنتجات الصناعية، وبالتالي فإنه من شأن رفع الرسوم الجمركية بنسبة 30 بالمائة أن يجعل هذه السلع أقل قدرة على المنافسة في السوق الأمريكية، مما قد يؤدي إلى تراجع حجم الصادرات الجزائرية وزيادة الضغوط على الاقتصاد الجزائري، الذي يعاني بالفعل من تحديات مالية وتقلبات في أسعار النفط.
ويأتي هذا القرار الأمريكي في وقت كثّفت فيه الجزائر جهودها لتعزيز علاقاتها مع إدارة ترامب، حيث كشف سفيرها لدى واشنطن، صبري بوقادوم، عن رغبة الجزائر في تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع الولايات المتحدة، متجاوزة بذلك الصورة التقليدية التي تربطها بروسيا منذ حقبة الاتحاد السوفيتي.
وفي تصريحات لصحيفة "ديفانس سكوب" الأمريكية، أكد بوقادوم أن الجزائر وقّعت مذكرة تفاهم عسكرية مع الولايات المتحدة بعد أسابيع فقط من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، معتبرا أن هذه الاتفاقية تمثل خطوة أولى نحو تعاون أوسع، حيث قال إن الجزائر "مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة في جميع المجالات، وليس فقط في المجال العسكري"، مشيرا إلى أن ترامب "يؤمن بالصفقات، وسنسعى لإظهار فوائد التعاون مع الجزائر".
وكانت الجزائر قد أبدت اهتماما واضحا بالتقارب مع واشنطن، إذ استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في يناير الماضي، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، الفريق أول مايكل لانغلي، حيث جرى توقيع اتفاقية تعاون عسكري لتعزيز الشراكة الأمنية بين البلدين، كما وقّعت الجزائر اتفاقية استثمارية مع شركة النفط الأمريكية "شيفرون" لاستكشاف الموارد البترولية في سواحلها، في خطوة وُصفت بأنها محاولة جزائرية لجذب الاستثمارات الأمريكية وتنويع شركائها الاقتصاديين.
ويرى مراقبون أن فرض الرسوم الجمركية الجديدة قد يُضعف من آفاق التقارب الجزائري-الأمريكي، ويجعل الجزائر تعيد تقييم استراتيجيتها الاقتصادية والدبلوماسية، إذ أن فرض هذه الرسوم يجعل الصادرات الجزائرية إلى الولايات المتحدة أقل تنافسية، مما قد يدفع الجزائر إلى البحث عن أسواق بديلة، خصوصا في أوروبا وآسيا.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :