السفير الفرنسي السابق بالجزائر: ماكرون سيعلن عن افتتاح قنصلية فرنسية في الصحراء وهي "ضربة فشل" لديبلوماسية الجزائر مع باريس

 السفير الفرنسي السابق بالجزائر: ماكرون سيعلن عن افتتاح قنصلية فرنسية في الصحراء وهي "ضربة فشل" لديبلوماسية الجزائر مع باريس
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 26 أكتوبر 2024 - 19:27

لا تُعَدُّ الزيارة الدبلوماسية المرتقبة لإيمانويل ماكرون إلى المغرب، المقررة من 28 إلى 30 أكتوبر، بالنسبة لكزافييه دريينكور، السفير السابق لفرنسا في الجزائر، بمثابة إشارة قوية على بداية مرحلة جديدة في العلاقات الفرنسية المغربية فقط، وإنما تُمثل نهاية سياسة "اللعب على الحبلين" التي لطالما تبنّتها السياسة الخارجية لفرنسا، وسعت من خلالها إلى التوفيق بين الرباط والجزائر الفاعلين المتنافسين في المغرب العربي، وهو ما يعني أن زيارة الدولة المرتقبة تتيح فرصة لتعزيز الموقف المغربي على الساحة الإقليمية وإفشال السياسة الخارجية الجزائرية من خلال الاصطفاف الواضح مع الرباط بافتتاح مرتقب لقنصلية ومعهد فرنسي في الداخلة، مما يعدّ ردًا مهما ومستفزا للجزائر التي "يعض رئيسها اليد الفرنسية الممدودة إليه" وفق تعبيره.

ووصف السفير الفرنسي السابق في الجزائر كزافييه درينكور، زيارة الدولة التي سيستهلها رئيس الجمهورية الفرنسية إلى المغرب الاثنين الماضي، بـ "أخطر الرحلات الرسمية"، مؤكدا أنها ستختتم دورة السياسة الخارجية الفرنسية اتجاه البلدين الجارين في المغرب العربي، الجزائر والمغرب، كما ستكون ردا حازما على النظام الجزائري، وفق عقيدة دبلوماسية جديدة.

وأشار الدبلوماسي الفرنسي، إلى أن الذكرى 25 لاعتلاء الملك محمد السادس العرش كانت مناسبة دقيقة واختيرت بعناية لتنحاز فرنسا رسميا إلى مبادرة الحكم الذاتي المغربية، في رسالة بعث بها إيمانويل ماكرون لعاهل المملكة أكدت أن الحكم الذاتي "الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومتفاوض عليه"، لافتا إلى أن رئيس الدولة ذهب إلى حد أن يكتب أن "حاضر ومستقبل الصحراء يقعان في إطار السيادة المغربية".

 وحتى لو تم وزن كلمات ماكرون من حيث الجوهر، فمن الواضح أن الموقف الفرنسي عرف تحولاً كاملاً، وفق السفير السابق، الذي اعتبر أن الموقف الفرنسي الجديد بات واضحا وتم تأكيده في عدة مناسبات بدعم المخطط المغربي الوحيد من الآن فصاعدا الذي سيحقق حلا عادلا ودائما، موردا أن "المصطلحات التي يستخدمها رئيس الدولة باتت "واضحة"، وبالتالي "لم تكن الجزائر مخطئة، فهي حتى قبل نشر هذه الرسالة من قبل القصر الملكي، أعلنت عن إجراءات انتقامية واستدعت – للمرة الرابعة في الواقع – سفيرها في باريس".

لماذا حدث هذا التغيير في قلب السياسة الخارجية الفرنسية؟ يتساءل السفير الفرنسي السابق في الجزائر، في مقال رأي بثه عبر صحيفة "فرون بوبيلير" الفرنسية،  قبل أن يضيف: "كيف لنا أن نفسر هذا التحول في التحالفات وهذا التقدم الكبير الذي أحرزته السياسة الفرنسية بعد عدة سنوات من الركود، ربما يكون هناك شكل من الواقعية في الإليزيه، ولكن هناك قبل كل شيء اعتباران أساسيان أسهما في هذا التحول المهم والضروري في اللغة الدبلوماسية الفرنسية وفي مواقفها..".

واعتبر زاڤييه دريينكور أن الاعتبار الأول في تغيير السياسة الفرنسية تجاه الجزائر يكمن في إدراك الإليزيه أن هذه السياسة، منذ عام 2017، لم تُحقق أي فائدة لباريس، بل جاءت لتكون مصدراً للإهانات المتواصلة التي يُطلقها النظام الجزائري تجاه المستعمر القديم. إذ تزايدت اللفتات التذكارية والتقدم في ملف التأشيرات، بينما رفضت الخارجية الفرنسية التنديد بالاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968 المتعلقة بتنصيب الجزائريين في فرنسا، رغم الضغوط المتزايدة.

في المقابل، لم تُظهر الجزائر أي رغبة في رد الجميل، مما أدى إلى نشوء ما يُعرف بـ"الفخ الجزائري" الذي تجد فيه باريس نفسها محاصرة. فبينما تسعى فرنسا للتقدم في العلاقات، تغلق الجزائر أبواب الحوار وتبتعد عن القضايا الأساسية، ومنها الهجرة، الأمر الذي تجلى في التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري التي جاءت سلبية ومقلقة، حيث تضمنت تهديدات واضحة تُشير إلى تفاقم التوتر بين البلدين.

ويكمن الاعتبار الثاني لهذا التغيير، وفق السفير الفرنسي ذاته في "مهارة" الدبلوماسية المغربية، التي تمكنت من المناورة بذكاء واستغلال اللحظة المناسبة لإرغام باريس على إعادة النظر في موقفها إزاء ملف الصحراء، فقد كانت العلاقات الدبلوماسية مع الرباط شبه مجمدة منذ عام 2018، حينما انقطعت بعد قضية بيغاسوس، واستغرقت المملكة عاماً كاملاً لتعيين سفير جديد في باريس، مما يدل على تراجع فرنسا كشريك مميز، لكن التحول الأمريكي في عام 2020 مع اتفاقيات أبراهام، بالإضافة إلى تغير الموقف الإسباني في عام 2022 الذي اعترفت بموجبه بمدريد بسيادة المغرب على الصحراء، حسب تحليل المصدر ذاته "قدما للرباط فرصاً غير متوقعة، ومنذ ذلك الحين، أصبح الهدف الأساسي للرباط ليس مجرد تطبيع العلاقات مع فرنسا، بل ضمان دعم المستعمر السابق، العضو الدائم في مجلس الأمن، لموقفه بشكل كامل ودائم، والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن ستيفان سيجورني، الذي كان معروفاً بانتقاداته للسياسة المغربية في البرلمان الأوروبي، قام بنفسه بزيارة الرباط للتحضير لهذا التغيير في السياسة، مما يعكس تحولاً كبيراً في الديناميكيات الدبلوماسية بين البلدين" يقول الدبلوماسي.

وتابع المتحدث تحليله بالقول:" العلاقات بين الجزائر والمغرب متوترة للغاية، فعلى مدار الثلاثين عامًا الماضية، رفضت الجزائر ضم المغرب للصحراء التي كانت مستعمرة إسبانية سابقة، واستعادها الملك الراحل الحسن الثاني في عام 1975 مستفيدًا من انهيار نظام فرانكو، كما دعمت "الجمهورية الصحراوية"، باستضافة مخيمات تندوف للاجئين، وبالتالي أصبح هذا الملف الآن عامل تسريع وتضخيم لكل الاحتكاكات بين الجزائر والمغرب..كل شيء يعد سببًا لزيادة التوتر بين البلدين، فقد تم قطع العلاقات الدبلوماسية، ولم يعد هناك سفير لكل من البلدين في الآخر، والحدود مغلقة، وتم تعليق الرحلات الجوية لدرجة أنه يتعين على الشخص الراغب في الانتقال من الدار البيضاء إلى الجزائر المرور عبر باريس أو تونس. ولا يمكن استبعاد نشوب صراع عسكري بين البلدين".

واعتبر الدبلوماسي الفرنسي، أن الإعلان المتوقع من الرئيس الفرنسي خلال زيارته الرسمية إلى المغرب في نهاية أكتوبر عن افتتاح قنصلية ومعهد فرنسي في مدينة الداخلة سيمثل استفزازًا حقيقيًا وضربة جديدة للجزائر، التي ستعتبرها خيانة وإهانة قصوى تعكس فشل سياستها الخارجية مع باريس وسياساتها في إفريقيا.

وتوقع المتحدث، حدوث أزمة كبيرة بين البلدين، رغم أنه استبعد تصور أن الرئيس الفرنسي، سيتخلي عن سياسته في "اللعب على الحبلين"، وسيستمر في مد اليد للجزائر، وهي اليد التي سيواصل الرئيس الجزائري عضّها في كل مرة.

ومن هذا المنطلق شدّد المتحدث، على أن هذا الوضع وهذه السياسة الخارجية في حاجة ملحة إلى التغيير من خلال تحديد خط دبلوماسي واضح والتمسك به، بدلاً من محاولة اللعب على حبال متعددة، وهو ما تفتقر إليه الدبلوماسية الفرنسية، في حين يعد الوضع المغربي نموذجًا لتلك التحديات.

هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟

قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بـ" بإبطال" اتفاقين تجاريين يتعلقان بالفلاحة والصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي. المحكمة التي يوجد مقرها بلوكسمبورغ وتسهر على "تطبيق" قانون الاتحاد الأوروبي ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...