القضاء الإسباني يرفض تسليم المغرب شخصا مبحوثا عنه منذ 13 سنة
على عكس جميع التوقعات، والرغم الدعم الصريح من النيابة العامة الإسبانية، رفضت المحكمة الوطنية في مدريد، اليوم الجمعة، تسليم أحد أبرز المطلوبين قضائيا للمغرب، والمُطارد منذ سنة 2009 بتهم تتعلق بالاتجار في البشر والهجرة غير الشرعية، وذلك بعدما اعتبرت أن الملف الذي قدمته سلطات الرباط يفتقر إلى وثيقة أساسية تتعلق بدوافع وضع المعني بالأمر رهن الاعتقال.
وفي الوقت الذي تحسن فيه التعاون القضائي والأمني بشكل كبير في الأشهر الماضي، إثر موافقة المغرب على تسلم مجموعة من الدعاة الذين تصنفهم إسبانيا في خانة "المتطرفين"، أصبح ملف "ي.س"، الذي يعتبره المغرب أحد أهم المطلوبين لديه بسبب أنشطته في الهجرة غير النظامية للمهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، والتي امتدت لـ13 عاما، (أصبح) معركة قضائية بين الرباط ومدريد.
ويأتي ذلك تزامنا مع استعداد البلدين للمشاركة في الاجتماع رفيع المستوى الذي سيجمع أعضاء حكومتيهما، للمرة الأولى منذ 2015 بعد أن تأجل كثيرا بسبب الخلافات بين البلدين، وهو حدث الذين يُنتظر أن يكون فرصة أيضا للقاء بين رئيس الحكومة الإسباني والملك محمد السادس.
ورفضت الغرفة الجنائية بالمحكمة الوطنية تسليم المعني بالأمر بسبب عدم وجود وثيقة التقييم، ويتعلق الأمر بوثيقة تُسلمها السلطات القضائية للدولة الطالبة، وتوضح فيها التناسب بين الاتهامات التي تتطلب تسليم شخص ما إليها وبين دوافع حرمانه من حريته، وهو الأمر الذي تعتبره المحكمة الإسبانية إلزاميا، لارتباطه بحريات منصوص عليها دستوريا، أي الحرية الشخصية وحرية التنقل والإقامة.
واستد الرفض على دوافع شكلية متعلقة بالملف الذي استندت إليه السلطات المغربية، ذلك أن النيابة العامة الإسبانية نفسها أوصت بتسليمه واعتبرت أنه متابع بتهم جنائية تجد مقابلا لها في القانون الإسباني، كما أنها لا تدخل في موانع التسليم المنصوص عليها في الاتفاق الخاصة بتسليم المطلوبين الموقع بين الرباط ومدريد.
بل أكثر من ذلك، وحسب صحيفة "إلكوريو"، فإنه من حيث الجوهر جرى قبوله من طرف المحكمة، حيث وافق عليه رئيس الغرفة المتخصصة بالنظر إلى أن المعني بالأمر سيحاكم على جرائم تزعم عصابة إجرامية وتنظيم عمليات التهجير السري، والذي نص على أن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة عن القضاء المغربي تتوافق مع القانون الأوروبي.
وكان دفاع المعني بالأمر قد حاول تفادي تسليمه إلى القضاء المغربي من مدخل آخر، حين طلب اللجوء في إسبانيا على اعتبار أن موكله "ناشط معارض"، زاعما أن الاتهامات الموجهة له "مفبركة من طرف المخابرات المغربية"، وبرر هذه الخطوة بوجود مخاوف على سلامته في حال ما جرى نقله إلى المغرب، وهو ما رفضه النيابة العامة الإسبانية.
وكان قد اعتقل ببلدة "روكيتاس دي مار" بمنطقة ألميريا جنوب إسبانيا، بتاريخ 17 غشت 2022، وذلك بعد أن ظل ينظم رحلات الهجرة غير النظامية انطلاقا من سواحل الناظور منذ سنة 2009، مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 1300 و1800 أورو لكل فرد، مستخدما قوارب مطاطية ذات محركات، لدرجة أنه منذ 2019 أصبح ينظم 3 رحلات كل أسبوع، وتقدم المغرب منذ أشهر بطلب تسليمه لكن دفاع المتهم طعن فيه أمام القضاء الإسباني.