"المشاكل البيروقراطية" بين مدريد والرباط تعقّد موسم جني الفراولة في "ويلبا" ومطالب استعجالية للحكومة المغربية والإسبانية بحلّها
كان موسما معقدا للغاية لمزارعي الفراولة في إقليم الأندلس بالجنوب الإسباني، فالمنتجون كانوا يحتجون سابقاً على ارتفاع تكاليف الإنتاج مقابل أسعار البيع المنخفضة، قبل أن تنضاف أزمة الجفاف وتأخر وصول اليد العاملة المغربية إلى المزارع الإسبانية كما دأبت على ذلك كل عام، لعسّر الأمر وتنذر بموسم فلاحي "بالغ الصعوبة".
وعدّد فيليكس سانز، ممثل جمعية المزارعين الشباب (أساجا ويلبا)، الأعطاب التي عرقلت الموسم الفلاحي لجني الفراولة والفواكه الحمراء هذا العام، مشتكيا من تأخر وصول العاملات الموسميات القادمات من المغرب هذه السنة لأسباب مرتبطة بمشكلة بيروقراطية بين البلدين، وذلك تزامنا مع موجة الجفاف ومشاكل المياه التي تعانيها المنطقة بصفة غير مسبوقة.
واعتبر سانز، في تصريح نقلته عنه "لارازون" الإسبانية، هذا الموسم هو "واحد من أكثر مواسم جنى الفراولة تعقيدًا في الذاكرة الإسبانية، مشدّدا على أن الأسباب تعدّدت وتنوعت، ذلك أنه وإلى جانب الجفاف وتأخر وصول العاملات المغربيات، كبّدت اللوائح الجديدة المتعلقة بمنتجات الصحة النباتية، خسائر جمّة للمزارعين العاملين في حقول الفراولة، سيّما بعد صدور قرار السلطات القاضي بحظر العلاجات بمبيدات النيماتودا والفطريات في مرحلة التحضير، دون توفير بدائل، وهو ما اعتبره المتحدث "نهج كارثي" يهدّد المحاصيل، ولم يأخذ بعين الاعتبار التغييرات المناخية والأمراض النباتية التي تصيب محاصيل الفراولة في المنطقة، خاصة وأن القضاء عليها يتسبب في "انخفاض كبير في الإنتاج.. ما يضعنا في وضع غير موات مقارنة بالدول المنتجة الأخرى..".
ويتزامن موسم جني الفراولة هذه السنة، مع سريان اتفاقية الهجرة الدائرية بين المغرب وإسبانيا، حيث قامت "ويلفا أساجا"، بتوظيف حوالي 5000 عامل من المصدر هذا العام لشركاتها المرتبطة في هندوراس والإكوادور للمرة الثانية على التوال، ثم اليد العاملة المغربية كما جرت به العادة وهو ما دفع الحكومة الإسبانية إلى رفع عدد العاملات بحوالي 4000 عاملة جديدة.
وفي هذا الصدد، قال سانز، إن استقدام اليد العاملة من هندوراس والإكوادور يأتي ضمن البرنامج التجريبي الذي أطلقته الحكومة العام الماضي، مشيرا في الآن ذاته إلى أنه كان من الممكن هذا العام إضافة يد عاملة جديدة في كل من المغرب وهندوراس، وذلك بعد عدة سنوات لم نتمكن من القيام بذلك بسبب الوباء.
وفي السياق ذاته، اشتكى، المزارع الإسباني من تأخر وصول العاملات من المغرب بشكل كبير أثر على مسار موسم جني الفراولة، مرجعا ذلك للمشاكل البيروقراطية التي يجب على إدارتي البلدين حلها في أسرع وقت ممكن، سيما مع استحضار أن درجات الحرارة المرتفعة في الأيام القليلة الماضية ستسرع الإنتاج وهو ما يستلزم مشاركة هؤلاء العمال بصفة ضرورية، مع العلم أنه كان يجب أن يصلوا جميعا قبل 22 مارس.
وكان من المرتقب، أن تصل عاملات الفراولة المغربيات إلى إقليم هويلبا الإسباني عبر ثلاث مراحل، انطلاقا من بداية يناير إلى منتصف مارس، وهو ما لم يتحقق بحسب ما أكده مهنيو قطاع الفراولة في "ويلبا" في ظل خصاص مستمر لليد العاملة المغربية في القطاع، لم تتجاوب معه المديرية العامة للهجرة من خلال برنامج الإدارة الجماعية للتوظيف إلا بـ 15 ألف عاملة، وسط مطالب إسبانية برفع العدد.
وانطلق برنامج الهجرة الدائرية بين البلدين عام 2007 بخمسة آلاف عاملة مغربية، وهو العدد الذي بدأ في منحاه التصاعدي السنوات الماضية، قبل أن يستقر السنة الماضية عند عتبة 12 ألف عاملة، وهو الرقم الذي لم يرضي التعاونيات الإسبانية التي طالبت حكومتها بالتفاوض مع السلطات المغربية لرفعه.
وكانت التعاونيات الإسبانية قد اشتكت في وقت سابق من انخفاض عدد العقود على عكس إستراتيجية زراعة المحصول التي تعرف تزايدا ملحوظا، مشيرة إلى أنه "قبل اندلاع الأزمة الصحية تم السماح بتوظيف أكثر من 16.500 عامل موسمي من المغرب، وهو ما لم يتحقق وبالتالي لا معنى لهذا الرقم الذي يتناقص بينما زراعة التوت تعرف تزايدا بسبب التنويع في الأنواع والأصناف الأخرى".