المغرب دائما وأبدا.. الجزائر تتهم الرباط بالوقوف وراء إدانتها من طرف البرلمان الأوروبي بسبب سجن الصحافيين وتستدعي ورقة الصحراء
قبل أسابيع كانت الجزائر تحتفي بتحركات البرلمان الأوروبي ضد المغرب، بخصوص القضايا المتعلقة بالصحافيين الموجودين في السجن تحديدا، لكن سرعان ما انقلبت الآية وأصبح البرلمان الأوروبي طرفا غير موضوعي ويسعى للتدخل في الشأن الداخلي الجزائري، بل ويهدف إلى استرضاء المملكة، وفق الرواية الرسمية الجزائرية، وذلك بعدما أصدرت المؤسسة التشريعية الأوروبية إدانة مشابهة للسلطات الجزائرية.
وصوت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة، قوامها 536 نائبا مقابل رفض 4 وامتناع 18، على قرار يدين الجزائر بسبب اعتقالها للصحافيين المعارضين، وتحديدا إحسان القاضي ومصطفى بن جامع، مطالبا بالإفراج عنهما فورا إلى جانب جميع "المعتقلين تعسفيا"، داعيا هذا البلد المغاربي إلى "احترام حرية التعبير والإعلام"، مذكرا السلطات الجزائرية بأهمية الصحافة التعددية لتعزيز سيادة القانون والحريات الأساسية.
ولم يطل صبر الجزائر كثيرا على هذا حيث تحرك القرار حيث أصدر المجلس الشعبي الوطني، الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري، قال فيه إنه "اطلعَ باستياء شديد على لائحة البرلمان الأوروبي حول حرية التعبير والصحافة بالجزائر، لما تضمنته من تضليل ومغالطات بعيدة كل البعد عن حقائق الوضع في الجزائر، وما تشهده الساحة الإعلامية من حركية وانفتاح وحرية".
وعلى عكس الاحتفاء الكبير بالقرار الصادر ضد الرباط، قارت المؤسسة التشريعية الجزائرية إنها "تدين بأشد العبارات ما ورد في اللائحة" معتبرة إياه "تدخلا سافرا ومرفوضا في الشأن الداخلي من البرلمان الأوروبي اتجاه الجزائر التي عزمت على إقلاع حقيقي من خلال بناء مؤسساتها الدستورية السيادية"، مرددة أن الجزائر "بلد يؤمن بمنطق الندية في علاقاته مع بلدان العالم بما في ذلك الاتحاد الأوروبي".
ومرة أخرى استعملت الجزائر ورقة القضية الفلسطينية للدفاع عن طرحها، حيث جاء في الوثيقة نفسها أن "الاستغراب ليزداد ويدعو كل متابع للتعجب من مؤسسة برلمانية مشكوك في مصداقيتها مما طالها من فضائح فساد ورشاوى، مؤسسة تغمض عينيها عما يعانيه الشعب الفلسطيني من قتل وقهر وظلم واعتداء".
بل إن المجلس الوطني الشعبي الجزائري استحظر مرة أخرى المغرب ووحدته الترابية، حيث أورد أن المؤسسة التشريعية الأوروبية "تدير ظهرها للشعب الصحراوي المضطهد المحتل الذي يعاني القمع واستنزاف ثرواته، لا لشيء إلا لمطالبته بحقه في استرجاع أرضه وحريته"، على حد تعبيره، على الرغم من أن الأمر يتعلق بصحافيين يوجدون فعلا في السجون الجزائرية.
ومرة أخرى، حملت الجزائر الرباط، ضمنيا، مسؤولية هذا التحرك، حين أورد المجلس أن البرلمان الأوروبي "خضع لتحكم دوائر معروفة تحاول تغطية الحقائق وتشويهها، وتبنيه سياسة صرف النظر عن القضايا العادلة وحق الشعوب في حريتها واسترجاع أراضيها المغتصبة"، على الرغم من أن المغرب حاليا في حالة صدام علني مع المؤسسة التشريعية ذاتها.