بعدما أدركت "قوته السياسية".. الجزائر تسعى للرفع من انتاج الفوسفاط لاستخدامه كورقة منافسة للمغرب في إفريقيا
كشفت الجزائر خلال القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة التي انعقدت مؤخرا في عاصمة كينيا، نيروبي، بين 7 و9 ماي الجاري، أنها ترغب في مشاركة تجاربها في مجال انتاج الأسمدة المشتقة من الفوسفاط مع الدول الإفريقية، معتبرة نفسها واحدة من الدول العالمية المصدرة لهذه المادة.
وجاء هذا في كلمة الرئيس عبد المجيد تبون التي ألقاها وزير الفلاحة الجزائري في قمة نيروبي، وتزامنت مع المساعي التي أعلنت عنها الجزائر في الشهور الأخيرة، حول الرفع من انتاج الفوسفاط ومشتقاته من أجل زيادة صادراتها من الأسمدة إلى الخارج، وبالأخص نحو البلدان الإفريقية.
وتأتي هذه المساعي الجزائرية في سياق مرتبط بالتنافس مع المغرب والتحولات السياسية التي تعرفها القارة الإفريقية، ولا سيما أن المغرب نجح في السنوات الأخيرة، في استخدام ورقة "الفوسفاط" في دفع العديد من البلدان إلى زيادة التقارب مع الرباط على المستوى السياسي، واتخاذ مواقف لصالح المملكة في قضية الصحراء، التي تبقى هي "قضية النزاع" الرئيسي بين المغرب والجزائر.
وبالرغم من أن العديد من الدارسات الدولية، من بينها بيانات دراسة "هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS)"، التي سبق أن أشارت في يونيو الماضي، إلى وجود تباين كبير في احتياطات الفوسفاط بين المغرب والجزائر، حيث قُدرت احتياطات الجزائر بأقل من 3 مليار طن، في حين تتجاوز احتياطات المغرب 50 مليار طن، إلا أن الجزائر ترغب منافسة المغرب على المستوى الإفريقي على الأقل.
ولا يستبعد العديد من المراقبين، أن تُركز الجزائر على السوق الإفريقي بشكل أكبر، من أجل مزاحمة المغرب، وبالأخص في البلدان التي ترغب الرباط في استقطابها لاتخاذ مواقف داعمة للمملكة في قضية الصحراء، وقد ظهرت ذلك بوادر مع دولة كينيا.
وفي هذا السياق، يوجد صراع دبلوماسي وسياسي متواصل بين المغرب والجزائر لاستقطاب كينيا لاتخاذ موقف لصالح أحد البلدين، وقد ظهر هذا الصراع جليا مؤخرا، بعدما أعلنت الجزائر في الأسابيع الماضية عن قيام وزير الخارجية، أحمد عطاف، بزيارة رسمية إلى العاصمة الكينية نيروبي، بتكليف من الرئيس عبد المجيد تبون، من "أجل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين وتوطيد التشاور والتنسيق حول التطورات الإقليمية والدولية".
وتزامن إعلان الجزائر عن تلك الزيارة، مع إعلان كينيا عن عزمها لفتح سفارة رسمية لها في العاصمة المغربية الرباط، من أجل تحقيق التقارب الكامل مع المملكة المغربية، والدفع بالعلاقات الاقتصادية إلى مراحل متقدمة من التعاون.
وكانت الجزائر قد أعلنت في يناير الماضي عن تقديم هبة لدولة كينيا، عبارة عن 16 ألف طن من الأسمدة، بناء على تعليمات من طرف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في إطار ما وصفه بلاغ رسمي جزائري بـ"بالسياسة التضامنية للجزائر في دفع عجلة التنمية بالقارة الإفريقية".
ووفق الصحافة الجزائرية، فإن الأمر يتعلق بسماد اليوريا 46 الذي يُستعمل في تخصيب التربة بهدف رفع مردودية الانتاج الفلاحي في كينيا التي تُعاني من أزمة غذاء حادة، وقد تم إرسال الشحنة المكونة من 16 ألف طن إلى نيروبي في اليومين الماضيين.
وتُعتبر كينيا إلى حدود اليوم، من البلدان الإفريقية القليلة التي لازالت تعترف بكيان "البوليساريو"، بالرغم من أن نبرتها في قضية الصحراء أصبحت تميل أكثر إلى الحياد منذ تولي وليام روتو رئاسة البلاد في العام الماضي، حيث أعلن أكثر من مرة عن رغبته في تحقيق التقارب الكامل مع المملكة المغربية.
وكان روتو قد أعلن خلال حملاته الانتخابية، إحدى أبرز شعاراته، وهي تحسين مستوى القطاع الفلاحي في كينيا، وكشف خلال تلك الحملات أنه سيعمل على إنشاء مصنع للأسمدة باستمثار من المغرب داخل البلاد، من أجل تحقيق ذلك الهدف، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة المستوردة.