بعدما وعد بإحداث مليون منصب شغل أثناء حملته الانتخابية.. المندوبية السامية للتخطيط تضع أخنوش أمام صدمة أرقام البطالة في المغرب

 بعدما وعد بإحداث مليون منصب شغل أثناء حملته الانتخابية.. المندوبية السامية للتخطيط تضع أخنوش أمام صدمة أرقام البطالة في المغرب
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 3 ماي 2024 - 21:34

على الرغم من وعود البدايات المتفائلة بخلق مليون منصب شغل، إلا أن حكومة عزيز أخنوش فشلت إلى حدود متم نصف ولايتها في خلق مجرد متوسط هذا العدد من المناصب، وفق ما كشفته الاحصائيات الرسمية وغير الرسمية، بما فيها تقرير المندوبية السامية للتخطيط الصادر صبيحة اليوم الجمعة، والذي حذّر من الارتفاع الذي تشهده معدلات البطالة في المملكة، بعد أن بلغ 13.7% في الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي مقابل 12.9 خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وربطت المندوبية السامية للتخطيط، بين وضعية سوق الشغل في المغرب، وآثار الجفاف الحاد الذي تشهده البلاد ويعد الأسوأ من نوعه منذ أربعة عقود، مؤكدة أنه تسبب في فقدان حوالي 159 ألف فرصة عمل بالوسط القروي فيما تم استحداث 78 ألف وظيفة بالوسط الحضري "ليتراجع الحجم الإجمالي للشغل 80 ألف منصب".

وبناء عليه، ذكرت المؤسسة الرسمية المعنية بالإحصاء، في مذكرتها الإخبارية حول وضعية سوق الشغل خلال الفصل الأول من سنة 2024، والتي تتوفر عليها "الصحيفة"، أن "قطاع الفلاحة والغابة والصيد فقد 206 آلاف منصب"، كما تراجع معدل الشغل كذلك بالوسط القروي بـ 1,4 نقطة، منتقلا من 47 إلى 45,6 في المئة وعرف شبه استقرار بالوسط الحضري، من 41,2 إلى 41,1 في المئة، كما انخفض معدل الشغل بـ 0,9 نقطة على المستوى الوطني إلى 36,7 في المئة. وانخفض بـ 1,8 نقطة بالوسط القروي إلى 42,5 في المئة، وبـ0,3 نقطة بالوسط الحضري إلى 33,8 في المئة.

وارتفع عدد العاطلين ما بين الربع الأول من 2023 وحتى الربع الأول من 2024 بواقع 96 ألف شخص، 59 ألفا بالوسط الحضري و38 ألفا بالوسط القروي، إلى مليون و645 ألف شخص على المستوى الوطني، وبالتالي زاد معدل البطالة من 17.1% في الوسط الحضري إلى 17.6% بزيادة 0.5%، ومن 5.7% إلى 6.8% في الوسط القروي بزيادة 1.1%، كما ارتفعت البطالة في الفئة العمرية بين 15 و24 عاما إلى 35.9%، ووصلت بين الأشخاص الحاصلين على شهادة إلى 20.3% وبين النساء إلى نحو 20%.

وترسم هذه الأرقام، صورة قاتمة عن حصيلة نصف الولاية التشريعية لحكومة عزيز أخنوش، التي وعدت في وقت سابق من زمن التضخم، بتنفيذ سياسة وطنية للتحول الاقتصادي ترتكز على ثلاث مبادئ أساسية، من بينها جعل التشغيل المحور الأساسي لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي، بإحداث مليون وظيفة شغل في غضون خمس سنوات فقط، وكذا رفع نسبة نشاط النساء من 20 بالمئة حاليا إلى أكثر من 30 بالمئة، مع حماية وتوسيع الطبقة الوسطى، وهو ما لم تتمكن من تحقيقه على الرغم من مراهنتها المبالغة في برنامج "أوراش" الذي هدفت من خلاله إلى خلق 250 ألف منصب شغل ما بين سنتي 2022 و2023، عبر عقود مؤقتة ودائمة، يستفيد منها الأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب جائحة كورونا بالإضافة إلى الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الولوج لسوق الشغل، حيث رصدت له ميزانية سنوية بـ 2،25 مليار درهم، وكذا برنامج "فرصة" الذي استهدف دعم وتشجيع خلق المشاريع ومواكبة حاملي المشاريع عبر قروض ميسرة تصل قيمتها إلى 100 ألف درهم مع فترة سداد تصل إلى 10 سنوات، بميزانية تصل إلى 1،25 مليار درهم سنويا.

وعلى الرغم من هذه الأموال الضخمة التي رصدت للبرنامجين الحكوميين وما صاحبهما من مراهنة حكومية وإشهار و"ماركوتيغ" كبير، إلا أن تنزيلهما رافقته مجموعة من الاحتجاجات القوية من طرف المستفيدين في غياب أي معطى ملموس حول نتائج أو انعكاسات إيجابية على التشغيل أو توازن سوق الشغل، وهو ما كان موضوع تنبيهات عدّة للمعارضة البرلمانية، التي حذّرت الحكومة مرارا من غلو ثقة الحكومة في هذه البرامج "الضعيفة" وفق توصيفها، موردة بأن الظرفية الاقتصادية التي تعيشها البلاد في زمن التضخم تستلزم تدبيرا محكما على جميع الاصعدة عوض الاستهانة بالأوضاع.

واعتبر حزب التقدم والاشتراكية المعارض في بلاغ سابق لمكتبه السياسي، أن الحكومة أبانت عن عجزها وفشلها على عدة أصعدة ومستويات، بما في ذلك تسببها في إفلاس آلاف المقاولات الصغرى والمتوسطة، وفقدان عشرات آلاف مناصب الشغل، وتفاقُم البطالة التي بلغت معدلاتٍ غير مسبوقة منذ عقود، موردا أنه "وعوض أن تعترف الحكومة بفشلها في الوفاء بتوفير مليون منصب شغل، وأن تنكب على معالجة هذه الأوضاع من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية حقيقية، لجأت من جديد إلى خدمات أحد مكاتب الدراسات في اعترافٍ صريحٍ بانعدام الكفاءة السياسية والتدبيرية والعجز عن إيجاد الحلول لمشاكل المجتمع، وفي تبخيسٍ واضحٍ للفضاء المؤسساتي ولمهام الحكومة تحديداً".

أما حزب العدالة والتنمية، فقد اعتبر أن "العالم القروي يئن في صمت من جراء البطالة وأن برنامج فرصة أثبت فشله بحيث لم يتجاوز 1000 مشروع لحد الساعة ونفس الشيء بالنسبة لبرنامج أوراش الذي لم يستفيد منه العالم القروي بسبب الزبونية والمحسوبية"، لافتا إلى أن الحكومة الحالية، وعدت بخلق مليون فلاح من الطبقة الوسطى وهو الأمر الذي لم يتم، وذهب أدراج الرياح، في غياب البدائل التي تقترحها الحكومة للحيلولة دون لوج الشباب إلى الهجرة نحو المدن مع ما يرافق ذلك من معاناة وإلى ركوب قوارب الموت وما لذلك من آثار وما يخلفه من فواجع.

وغيرت صدمة هذه الأرقام، من لهجة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في نهاية نصف ولايته الحكومية، فبعدما كان متفائلا جدا بتحقيق مليون منصب شغل، عاد ليُخفض من مستوى توقعاته الحالمة بناء على معطيات واقعية ويؤكد أن ما تبقى من الولاية الانتدابية سيتم التركيز خلاله على ‏تعزيز دينامية الاقتصاد والتشغيل وجعلها أولوية قصوى.

وأبرز أخنوش أن المرحلة القادمة تفرض على حكومته "تحقيق النمو الاقتصادي ‏والاجتماعي المنشود كما يريده الملك محمد السادس، لأبناء شعبه، كما أنه من ‏المفروض أن تضاعف الجهود لتوفير مزيد من فرص الشغل اللائق التي تضمن الكرامة ‏الإنسانية للمغاربة"، يقول رئيس الحكومة مؤكدا أن "رؤية حكومته تقتضي جعل التشغيل أولوية قصوى، في النصف ‏الثاني من هذه الولاية".

وبناء عليه، قررت الحكومة الاستعانة بشركة الاستشارات الإدارية الأمريكية "McKinsey"، لإيجاد حلول، وقبل كل شيء، لصياغة الرؤية الملكية للتوظيف، وفق ما كشفته صحيفة "تيل كيل" الفرنسية، التي أوردت في ملف خاص بأن عزيز أخنوش ذعر من  الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل خلال سنة 2023 بما فيها اقترا  معدل البطالة، بشكل خطير، من 15 في المائة، ما جعله يرى أن الحاجة ملحة إلى التحرك واتخاذ إجراء ما بدأ بعقد عدة اجتماعات مع المندوبية السامية للتخطيط من أجل تفسير هذه الأرقام والإحاطة بها.

ووفق المصدر ذاته، فقد استقبل أخنوش، أولا أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، وأعضاء فريقه، ثم أعضاء من حكومته، وهم رياض مزور، ومحمد صديقي، وفاطمة الزهراء عمور، ومحسن الجزولي، كوزراء للقطاعات الإنتاجية، وإلى جانبهم، كل من نادية فتاح، وفوزي لقجع، ليطلب منهم توضيحات حول هذه الأرقام المتناقضة مع نظرتهم المتفائلة للقطاعات المستوزرين على رأسها، مؤكدا أنه سيقوم بتقييم أدائهم في مجال خلق مناصب الشغل، على أساس الإحصائيات المقدمة من طرف المندوبية.

وبداية شهر مارس، استعان رئيس الحكومة بخدمات شركة استشارية أمريكية لتكون مسؤولة عن وضع خطة لقطاع التشغيل، وفق ما كشفته صحيفة "تيل كيل" الفرنسية استنادا على وثيقة، تحصلت عليها، موردة أن استخدام خدمات "McKinsey" ليس بالأمر الجديد بالنسبة لعزيز أخنوش. فعندما كان رئيسا لمجلس جهة سوس ماسة درعة، ساعد في وضع الشركة الاستشارية على رادار خدمات الدولة، من خلال تكليفها بتطوير مخططه للتنمية الجهوية، وبعد أن أصبح وزيرا للفلاحة، عهد إلى الحكومة بإعداد مخطط المغرب الأخضر، الذي انطلق سنة 2008.

وفي المغرب، عملت "McKinsey"، أيضا، على مشاريع هيكلية؛ أخرى مثل "le Plan Azur"، و"le Plan Emergence"، و"la stratégie de transformation de l’OCP"، و"la stratégie énergétique". وبدرجات متفاوتة من النجاح في التنفيذ، في ضوء التقارير المختلفة الصادرة عن مراجعي الحسابات الذين يستعرضون في تقاريرهم الخلل في بعض هذه الخطط.

و سيتم تكليف مستشاري "McKinsey" بمتابعة بعض سبل التفكير التي بدأتها اللجنة الوزارية، حيث سيتعين عليهم "شرح تطور التوظيف في قطاعات أو فروع معينة من النشاط"، وتقييم تأثير المساعدة الاجتماعية على التوظيف، بالإضافة إلى آثار العمالة غير الرسمية على الإحصاءات التي تصدرها المندوبية، كما سيقومون بتشكيل رؤية ملكية للتوظيف.

وسيقوم مستشارو "McKinsey" - بعد إجراء سلسلة من الدراسات الأولية - بإنشاء "خارطة طريق شاملة للتوظيف"، لتوجيه الاستثمار العام نحو القطاعات التي تخلق فرص العمل، على المدى القصير والمتوسط والطويل، كما ستتضمن خارطة الطريق هذه قائمة بـ"10 مشاريع ملموسة" من شأنها خلق فرص العمل، والتي يجب مراقبتها، من الإنشاء إلى التقييم.

يُذكر، أن الاقتصاد الوطني لم يخلق سوى ما يقرب من 41 ألف وظيفة، في عام 2023، و150 ألف وظيفة، في العام السابق، وهذا يعني خلق ما يقرب من 190 ألف منصب شغل، بين عامي 2022 و2023؛ وبالتالي فإن حكومة أخنوش بعيدة كل البعد عن تحقيق الهدف الطموح الذي حدده الملك، المتمثل في خلق 500 ألف منصب شغل، ناهيك عن فقدان 372 ألف وظيفة، فضلا عن 181 ألف وظيفة فقدها الاقتصاد الوطني، خلال هذه الفترة.

مَعاركنا الوهمية

من يُلقي نظرة على ما يُنتجه المغاربة من محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنه أن يخلص إلى قناعة ترتقي إلى مستوى الإيمان، بأن جزءًا كبير من هذا الشعب غارق في ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...