بعد أسابيع من احتفائها بالدعم السوري للطرح الانفصالي في الأمم المتحدة.. "البوليساريو" تختار الصمت تجاه انهيار نظام الأسد
فضلت جبهة "البوليساريو" الانفصالية، التزام الصمت تجاه سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وهو الذي كان أحد أكثر الأنظمة العربية دعما للمطالب الانفصالية، في سياق مواجهة الموقف المغربي الداعم للمعارضة السورية.
وبعد أسابيع فقط على نشر الجبهة الانفصالية، عبر منصاتها الإعلامية، لمضامين مداخلة ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة، التي عبر فيها عن دعمه للمطالب الانفصالية، فضلت قيادة "البوليساريو" التعامل مع نبأ سقوط الأسد وفراره إلى روسيا رفقة عائلته، وكأن شيئا لم يحدث.
وبتاريخ 16 أكتوبر 2024، نوهت قيادة الجبهة الانفصالية، عبر "وكالة الأنباء" المتحدثة باسمها، بمداخلة ممثل سوريا أمام اللجنة الرابعة ضمن أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرة إلى أنه لا يعتبر أراضي الصحراء جزءا من التراب المغربي.
ونقلت "البوليساريو" عن الدبلوماسي السوري الموالي للنظام المُنهار قوله إن "قضية الصحراء الغربية أدرجت على قائمة الأقاليم غير المحكومة ذاتيا في عام 1963، وكانت ولا تزال مثار نقاشات مطولة في هذه اللجنة وغيرها من المحافل الدولية".
وكان ذلك آخر استحضار علني لممثلي نظام الأسد لقضية الصحراء داخل الأمم المتحدة، لكن اللعب بهذا الموضوع كورقة ضغط في مواجهة المغرب يعود إلى ما قبل هذا التاريخ بكثير، وتحديدا إلى سنة 2012، حين طرحه أحد أركان السياسة الخارجية السورية في عهد الأسد.
ويتعلق الأمر ببشار الجعفري، الذي كان السفير الممثل الدائم لدمشق لدى الأمم المتحدة، وهو الآن سفير سوريا في موسكو، إذ أورد في جلسة لمجلس الأمن حضرها وزير الخارجية المغربي الأسبق سعد الدين العثماني "ماذا عن قضية الصحراء الغربية، هل تريدون أن نفتحها للحديث؟ هناك أيضا شعب في الصحراء يطالب بحقوقه".
والجعفري هو نفسه الذي غير موقفه 180 درجة بعد سقوط النظام، حيث كتب على حسابه في موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي "انهيار منظومة الفساد خلال أيام يشهد على عدم شعبية هذه المنظومة وعدم وجود حاضنة مؤيدة لها في المجتمع وفي صفوف الجيش والقوات المسلحة".
وتابع الجعفري "كما أن فرار رأس هذه المنظومة بهذا الشكل البائس والمهين تحت جنح الظلام وبعيدا عن الإحساس بالمسؤولية الوطنية، يؤكد صوابية التغيير والأمل بفجر جديد وإعادة إعمار الإنسان والحجر وإصلاح الخراب والدمار الذي لحق بسوريا".
وظلت "البوليساريو" خلال السنوات الماضية تستحضر "الدعم" الذي تحصل عليه من نظام الأسد، وخلال العام الجاري نوهت بمشاركة وفود سورية في لقاءات داعمة للطرح الانفصالي، سواء بمخيمات تندوف على التراب الجزائري أو في دول أخرى.
وبينما اختارت "البوليساريو" الصمت تجاه التطورات الحاصلة في سوريا، فإن الجزائر التي تحتضنها سارعت إلى تحويل موقفها من المعارضة ومن دعم الأسد بشكل مستعجل،عبر بيان ل وزارة الخارجية، قالت فيه إنها تتابع "باهتمام بالغ تطورات الأوضاع الأخيرة والتغيرات المتسارعة" في سوريا، داعية المعارضة التي وصفتها بـ"الأطراف السورية" إلى العمل على الحفاظ على أمن وطنها واستقراره، وذلك بعد أيام قليلة من وصفها لما تقوم به المعارضة بـ"التهديدات الإرهابية".
وأضاف البيان أن الجزائر تؤكد "وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق الذي تربطه بالشعب الجزائري صفحات نيرة من التاريخ المشترك القائم على التضامن والتآزر"، ودعا "أبناء الشعب السوري" إلى "تغليب المصالح العليا لسوريا الشقيقة والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد والتوجه إلى بناء وطن يسع الجميع في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري بعيداً عن التدخلات الأجنبية".