بعد أن هاجمتها علنا إثر تقرير يُظهر تنامي الفساد في عهدها.. حكومة أخنوش تقلص ميزانية هيئة محاربة الرشوة بـ 60 مليون درهم
بعد شهر واحد فقط على تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي كشف تزايد مظاهر الفساد في عهد حكومة عزيز أخنوش، والذي أغضب هذه الأخيرة، جرى تقليص الميزانية السنوية لهذه المؤسسة الدستورية بما يقارب 60 مليون درهم.
هذا الأمر كشف عنه رئيس الهيئة، محمد البشير الراشدي، يوم أمس الجمعة عند مناقشة الميزانية الفرعية للمؤسسة أمام مجلس النواب، مبرزا أن الميزانية انخفضت من 269,38 مليون درهم خلال السنة المالية 2024، إلى 210,17 مليون درهم في مشروع ميزانية 2025.
وعمدت الحكمة إلى تقليص ميزانية الهيئة بـ59,21 مليون درهم ضمن مشروع قانون المالية الجديد الذي لا زال قيد النقاش داخل البرلمان، وهو الأمر الذي يأتي بعد أن هاجمت الحكومة، بشكل علني، التقرير السنوي للمؤسسة الدستورية، بسبب كشفه مؤشرات تنامي الفساد في عهدها.
وكان مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد عبر عن ذلك بشكل صريح، خلال ندوة صحفية تلت اجتماع المجلس الحكومي المنعقد يوم 10 أكتوبر 2024.
وقال بايتاس حينها إنه "مندهش" إن لم يتم الانتباه للإجراءات التي تقوم بها الحكومة في مجال محاربة الفساد، وأضاف "أندهش أكثر إذا تعلق الأمر بمؤسسات أخرى تشتغل في نفس المجال، ونطالبها بأشياء غير موجودة في القوانين المنظم نفسها"، مضيفا "محاربة الفساد معركة نساهم فيها جميعا على قدم المساواة".
واعتبر بايتاس أن مساهمة السلطة التنفيذية في مجال محاربة الفساد، مثله مثل مساهمة المؤسسات الدستورية الأخرى، إلى جانب الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، متسائلا إن كان يغيب عن اختصاصات هذه الأخيرة "تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الحكامة وترسيخ المواطنة المسؤولة".
وألمح بايتاس إلى "غياب مجهود" الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها عن تنفيذ هذه المقتضيات العامة المنصوص عليها بنص الدستور، مضيفا "من يعرف ملفات الفساد يجب أن يذهب إلى القضاء لأنه المسؤول الوحيد عن زجر ومتابعة ومحاسبة من يقوم بالفساد".
التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كان قد كشف أن 79 في المائة من المغاربة يعتبرون أن جهود الحكومة في محاربة الفساد داخل الإدارات العمومية "سيئة أو سيئة جدا"، وذلك في ظل استمرار تراجع المملكة على مستوى مؤشر مدركات الفساد منذ سنة 2018 لتصل إلى الرتبة 97 عالميا من أصل 180 دولة.
وأوضح التقرير أن المغرب بحصوله على درجة 38 من 100 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، يكون قد تراجع بـ 5 نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة، مكرسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ 2018 حين حصل على نقطة 43 من 100، وانعكس هذا التراجع أيضا على ترتيب المغرب، حيث انتقل من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023 متراجعا بـ 24 رتبة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وعلى مستوى المقاولات، جاء في خلاصات نتائج البحث الوطني حول الفساد أن هذا الأخير يحتل المرتبة الثامنة ضمن انشغالات مسؤولي المقاولات التي شملتها الدراسة، وتعتبر الرشوة واستغلال النفوذ وتزوير الانتخابات الأكثر شهرة لدى مجمل مسؤولي المقاولات المشمولة.
واعتبرت 68 في المائة من المقاولات المشمولة أن الفساد منتشر أو منتشر جدا في المغرب، وأن الحصول على التراخيص، والمأذونيات والرخص الاستثنائية، والصفقات والمشتريات العمومية، والتوظيف والتعيين والترقية في القطاع الخاص، تعد بالنسبة للمقاولات المجالات الثلاثة الأكثر تضررا من الفساد.
وفيما يتعلق بالتجربة حول الفساد، صرح 23 في المائة من مسؤولي المقاولات المشمولة أنهم تعرضوا على الأقل لأحد أشكال الفساد خلال الـ 12 شهرا الماضية، وأن أغلب الحالات، بنسبة أزيد من 90 في المائة، تتعلق بطلبات مباشرة أو غير مباشرة من لدن الموظفين المعنيين.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :