بعد منع الصحافيين من تغطية زيارة سانشيز.. أيُّ إعلام تريد الدولة؟!
شكلت زيارة رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز إلى المغرب الأسبوع الفائت، مناسبة أخرى لأن تقول الحكومة (أو الدولة) للإعلام المغربي: إذهب إلى الجحيم !
وفي الوقت الذي الذي عمد رئيس الوزراء الإسباني أن ترافقه 20 وسيلة إعلام من بلاده في رحلته إلى المغرب، كان علينا نحن كإعلام مغربي أن نقتفي أخبار هذه الزيارة من الإعلام الإسباني، بل ومنعت وسائل الإعلام المغربية المستقلة (باستثناء موقع واحد) من الحضور إلى كلمة رئيس وزراء إسبانيا، كما حُجب حقها في طرح الأسئلة والتفاعل مع الزيارة وتغطية جوانبها، وتحليل ومتابعة تفاصيلها ورصد أهم جوانبها.
التبخيس الحكومي للإعلام المغربي ليس وليد هذه الزيارة، فقبلها، كانت زيارات عديدة لمسؤولين أجانب إلى المملكة حيث وضعت وسائل الإعلام على الهامش وكأنها "كلب أجرب" يجب التخلص منه في بعض المناسبات التي تقاس بميزان المسؤولين بأنها أرفع من مقام "قبيلة الصحافيين المغاربة".
وإن كان هذا ما يحدث في المناسبات التي لها طابع ديبلوماسي تتحكم في بروتوكوله الخاص (الدولة) ويتداخل فيه الأمني بالديبلوماسي، فإن الحال لا يختلف في التعامل مع الإعلام المغربي من طرف الحكومة في الأحدث والمناسبات الوطنية، حيث يجب أن يكون لديك معارف في الجحيم لتأخذ تصريحا، مثلا، من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أو أن تحاوره أو أن يُعلق لك على حدث مهم.
فالرجل وحكومته آخر ما يهمهم هو إطلاع الرأي العام عن برامجهم وكفاءتهم الخارقة التي جاؤوا بها إلى المنصب الوزاري. ورئيس الحكومة نفسه لديه "جيش من صحافته" التي تُلون لـ"السيد الرئيس" كل شيء بالوردي حتى اكتشفنا أن الأمر "زفت على زفت" حينما صدمت المندوبية السامية للتخطيط المغاربة معلنة أنه في عهد حكومته، أفلست في سنة واحدة 37 ألف شركة، وأن البطالة سجلت أعلى مستوى خلال 22 عاماً بعدما أصبح 1,58 مليون شخص عاطل عن العمل بزيادة سنوية قاربت 10 في المائة، علما أن ما يقارب 20 في المائة من هؤلاء هم من حاملي الشواهد.
وفي ظل كل هذا التعتيم، وكل هذا العمل الحكومي الفاشل بأرقامه، يتم "قتل" ما تبقى من إعلام مغربي بتجاهله وحشره في الزاوية، وهو فشل حقيقي للدولة في إدراك أهمية وجود إعلام يطرح الأسئلة، لا أن ينشر القصاصات الجاهزة.
تصرف الدولة المغربية ما يزيد عن 270 مليون دولار على الإعلام العمومي سنويا، وتحصد سنويا التسطيح والتدجين والبؤس في صناعة الوعي. وحينما تحتاج لتصريف مواقفها الوطنية تلجأ لوسائل إعلام أجنبية لأن ليس لديها إعلام يتجاوز قراءة الحقوق يوميا على الجثث وتشوهات المجتمع وجراح المحاكم. هذا الإعلام هي من صنعته وغذته ورعته برؤية ضيقة جدا لمستقبل الدولة والمجتمع.
اليوم، يفترض أن تتوقف الدولة (ولا نقول الحكومة) طويلا وتتساءل عن أي إعلام نريد؟ إعلام غارق في الترفيه و"السطوريات" و"اللايكات" و"الترافيك".. أم إعلام يطرح الأسئلة ويبحث عن المعلومة ويحلل ويرصد ويسلط الضوء على المناطق المظلمة ويساعد في بناء دولة الحق والقانون والديمقراطية التي يدعو لها عاهل البلاد؟
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :