بن صميم.. أكبر مسشفى في إفريقيا يتحسر المغرب عليه زمن "كورونا"
هناك فئة عريضة من المغاربة اليوم، لا يعرفون أن المغرب كان يضم أكبر مستشفى في قارة إفريقيا خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي، مستشفى كان بمواصفات حديثة وعالية، ويتخصص في علاج المصابين بداء السل والربو والمسالك التنفسية، ويُدعى مستشفى بن صميم.
هذا المستشفى الذي تحول اليوم إلى بناية مهجورة معزولة، يوجد في غابة بن صميم بالقرب من أزرو بإقليم إفران، وقد بدأ تشييده في سنة 1948 من طرف الحماية الفرنسية على مساحة غابوية تُقدر بـ80 هكتارا، وبعلو بلغ 8 طوابق، واتخذ شكل المستشفيات الحديثة العملاقة اليوم.
ودخل مستشفى بن صميم الأكبر في إفريقيا إلى حيز العمل ابتداء من سنة 1954، بطاقة استيعابية تصل إلى 400 سرير، فكان يحج إليه المئات من المرضى من مختلف مناطق المغرب، ويُقدم خدماته على أعلى مستوى، وقد ظل على ذلك المنوال إلى أن تم إغلاقه لأسباب غامضة في سنة 1973، ليدخل بعد ذلك في حالة من الهجر والنسيان.
اليوم يتحسر المغرب بشدة على هذا المستشفى وفيروس كورونا يواصل انتشاره في البلاد، فمستشفى بن صميم الذي كات متخصصا في المسالك التنفسية وأمراض الصدر، كان بإمكانه اليوم أن يقدم خدمات جليلة وعظيمة في مكافحة فيروس كورونا المستجد الذي ينخر صدور أزيد من 800 مغربي حسب أخر إحصاء لوزارة الصحة اليوم السبت.
ويتميز هذا المستشفى بانعزاله في الغابة، الأمر الذي يُقلل من احتمالية انتقال الإصابات، وهو أحد الشروط التي تفتقدها المشتشفيات المغربية اليوم، وهذه واحدة من النقاط التي تزيد من تحسر المغرب على ضياع هذا المستشفى في زمن يعرف فيه القطاع الصحي المغربي ترديا كبيرا.
هذا التحسر، دفع بالعديد من الفاعلين المدنيين والنشطاء المغاربة في إقليم إفران وباقي مناطق المغرب، إلى مطالبة الحكومة بإعادة النظر في مستشفى بن صميم، وتخصيص ميزانية لإعادة تأهيله وفتحه من جديد في وجه المرضى، والتخلي عن سياسة التجاهل في زمن أثبتت فيه كورونا، أن القطاع الصحي أصبح له قيمة كبيرة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حسب النشطاء المغاربة.
في السنوات الأخيرة، كشفت السلطات المحلية بإفران، أن هناك مساعي لتحويل مستشفى بن صميم إلى بناية سياحية وصحية، إلا أن المشروع لم يخرج إلى النور ليظل المستشفى قابعا في عزلته وسط الغابة ينتظر فرصة انتشاله من التردي الذي يعيشه يوما بعد يوم.
ومع ظهور فيروس كورونا المستجد واستحضار أهمية القطاع الصحي، يرى عدد من النشطاء المغاربة أن إعادة تأهيل مستشفى بن صميم ليعود لتقديم خدماته الصحية هو أفضل خيار من أي مشروع أخر مهما ارتفعت أرباحه وفوائده المادية.