بوصوف يكتب: مغاربة العالم، اليوم الدولي للمهاجرين و"تَمغْـرابـيـتْ"

 بوصوف يكتب: مغاربة العالم، اليوم الدولي للمهاجرين و"تَمغْـرابـيـتْ"
عبد الله بوصوف
الخميس 16 دجنبر 2021 - 16:48

تستعد العديد من المنظمات الحقوقية سواء الأممية أو الجهوية أو المؤسسات الحكومية، لتخليد "اليوم الدولي للمهاجرين" يوم 18 دجنبر، من خلال نشر تقارير أو عرائض أو مرافعات أو تنظيم ندوات ومسيرات ووقفات… من أجل تحصين مكتسبات المهاجرين من كل "ردة حقوقية" وضد كل توظيف سياسي بمناسبة الحملات الانتخابية خاصة تلك التي يتزعمها قادة اليمين المتطرف في الدول الغربية، وضد كل إقحام استراتيجي لخدمة أهداف أجندات تحالفات سياسية واقتصادية إقليمية كبرى، كأزمة المهاجرين ببيلاروسيا وبولندا أو ببحر المانش بين فرنسا وبريطانيا.

كما أن مناسبة الاحتفال باليوم الدولي للمهاجرين يوم 18 دجنبر من كل سنة، هي مساحة لفضح سياسات العنصرية وصناعة الخوف والكراهية، وأيضا التماطل في تجويد قوانين الهجرة واللجوء، ومناسبة لفضح تُجار البشر ومآسي المهاجرين الباحثين عن مكان آمـن ومستقبل أفضل لهم ولأبنائهم…

وعادة ما تنقسم بيانات تخليد بوم المهاجرين الدولي يوم 18 دجنبر، بين فريق مساند للهجرة ومناصر لأفكار المجتمعات المتعددة الثقافات والهويات والعيش المشترك… حيث يطبع عمليات السرد والرصد كل الانتظارات والمكتسبات ومحاسن الهجرات وترسيخ الاعتبار بانها إضافات إيجابية وقيمة مضافة لمجتمعات الاستقبال، من جهة، وبين فريق ضد فكرة المجتمعات المتعددة الثقافات حيث يناصر أفكار الاتجاه المتطرف كشعارات الانغلاق والسيادة الوطنية، ويعتبر ان الهجرة والمهاجرين وبشكل خاص المسلمين منهم، هم أسباب كل مشاكل مجتمعات الاستقبال مستغلين فشل بعض السياسات العمومية بدول الاستقبال في إدماج المهاجرين في النسيج الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي أيضا، من جهة ثانية.

بطبيعة الحال، سنحتفل نحن أيضا باليوم الدولي للمهاجرين يوم 18 دجنبر بكل ما تعنيه كلمة الاحتفال من معنى، وسنعيد شريط ذكريات ومنجزات سنة 2021 مع التنبيه الى معيقات وتداعيات جائحة كورونا على مغاربة العالم سواء بدول الاستقبال أو بوطنهم المغرب…

وإذا كان شريط سنة 2021  قد حمل معه تعليق التنزيل الصريح لبعض الحقوق الدستورية لمغاربة العالم وفي مقدمتها حق المشاركة السياسية حسب الفصل 17 من الدستور، فإن نفس شريط سنة 2021  حجز لمغاربة العالم مكانة مهمة في النموذج التنموي الجديد وتوصيته بضرورة خلق "وكالة ثقافية" تخص مغاربة العالم، وهو المطلب الذي رفعناه وبدون كلل منذ سنوات عديدة، وقدمنا أكثر من تصور حول الأدوار الطلائعية التي يمكن أن تلعبها الوكالة الثقافية سواء في ترسيخ وتقوية الأواصر بين مغاربة العالم ووطنهم المغرب، أو في الدفاع عن صورة المغرب بدول الاستقبال وأيضا الدفاع عن المقدسات الوطنية والترابية في العالم وغيرها من الأدوار المهمة الأخرى.

كما أن مغاربة العالم بصموا شريط هذه السنة بوقفات قوية ضد دُعاة الانفصال والمرتزقة بالساحات العمومية الأوروبية كإسبانيا وفرنسا مثلا وغيرها خاصة بمناسبة فضيحة "غالي غيت" أثناء استقبال زعيم الانفصاليين بن بطوش / إبراهيم غالي، بإحدى مستشفيات إسبانيا.

وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات مغاربة العالم مُنددة بالارتفاع الصاروخي لأثمان التذاكر عند إطلاق عملية عبور الاستثنائية 2021، جاء البلاغ الملكي ليوم 13 يونيو، والخاص بتسهيل عودة الجالية المغربية وبأثمان مناسبة في مجال النقل الجوي والبحري مع تحسين ظروف الاستقبال… كعنوان كبيرا لتلك العلاقة الميتافيزيقية التي تربط مغاربة العالم بملكهم من جهة، وحرص جلالة الملك على ترسيخ صلات الرحم وتقوية الاواصر بين أبناء الجالية ووطنهم المغرب من جهة ثانية.

أكثر من هذا، سيخُص جلالة الملك محمد السادس مغاربة العالم بفقرة عميقة في خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان المغربي في الثامن من أكتوبر 2021 (الجمعة الثانية من شهر أكتوبر) عند حديثه عن المحدد الثاني المُعنْون بـ"تدبير الأزمة الوبائية ومواصلة انعاش الاقتصاد" ضمن المحددات الثلاثة، بقوله "… وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بحوالي 46 في المائة الى غاية شهر غشت الماضي… وقد ساهمت هذه التطورات في تمكين المغرب من التوفر على احتياطات مريحة من العملة الصعبة تمثل سبعة أشهر من الواردات…".

ويمكن اعتبار الإشادة الملكية بارتفاع تحويلات الجالية ومساهمتها في استقرار الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى التضامن المجتمعي، وتخصيص فقرة ضمن خطاب موعد دستوري هام (افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان) ، والبلاغ الملكي (13 يونيو) المخصص لتسهيل عودة الجالية وبأثمان مناسبة، هو تعبير قوي عن المكانة المهمة التي تحظى بها الجالية في الأجندة الملكية، ووسام شرف كبير على صدر مغاربة العالم، وهو ما ساهم في وصول تحويلات مغاربة العالم إلى أرقام قياسية وغير مسبوقة فاقت 80مليار درهم عند شهر أكتوبر فقط، مع توقع ارتفاعها إلى 87 مليار درهم عند نهاية سنة 2021.

لذلك يمكننا القول وبكل موضوعية أن شريط سنة 2021 بالنسبة لمغاربة العالم كان متميزا وزخما باللحظات الوطنية حاضرين للدفاع عن المقدسات الوطنية والدستورية بدول الاستقبال، وحاضرين لدعم الاقتصاد الوطني من خلال التحويلات والاستثمار، وحاضرين لدعم السلم المجتمعي من خلال تقديم مساعدات مادية وعينية لأسرهم بالمغرب…

وهو ما يدفع بالمقابل أن تكون كل المطالب المشروعة لمغاربة العالم فوق طاولة الفاعل السياسي والحكومي بشكل يومي وليس مناسباتيا، كالتنزيل الصريح لكل الفصول الدستورية الخاصة بمغاربة العالم، وإخراج مؤسسة "الوكالة الثقافية" إلى حيز الوجود والتي أصبحت ضرورة ملحة في زمن "الهويات الرقمية" وتكالب قادة اليمين المتطرف ودعاة التطرف في نشر الكراهية وصناعة الخوف، وفي زمن شبكات التواصل الاجتماعي وفبركة الأخبار والتقارير (الفايك نيوز) وصناعة صورة الدولة لدى العالم.

فمغاربة العالم لا تنقصهم دروس في الوطنية أو في الواجب الوطني، بل من حقهم توفير المعلومة الصحيحة والمعرفة اللازمة للرفع من درجة جاهزيتهم للترافع والدفاع عن المقدسات الترابية والوطنية في المحافل الدولية والدفاع عن صورة المغرب بالخارج.

لذلك ونحن نحتفل "باليـوم الدولي للمهاجرين" يـوم 18 دجنبر، كان لزاما علينا التذكير بتراكم رائع جديد لمغاربة العالم سنة 2021، التذكير أيضا بانتظاراتهم المشروعة والمستحقة…

*الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...