بوينغ تعترف بتهم الاحتيال في أمريكا وتؤدي غرامة ثقيلة.. هل تغامر معها "لارام" بـ25 مليار دولار أم تتوجه إلى "إيرباص"؟
ستكون شركة "بوينغ" الأمريكية مطالبة بدفع ما يزيد على 487 مليون دولار أمريكي بسبب تورطها في جرائم التآمر الجنائي للاحتيال على الولايات المتحدة الأمريكية، مع الاعتراف بالذنب، حسب ما كشفت عنه وكالة "بلومبرغ" المتخصصة في الشأن الاقتصادي، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول مستقبل تعاقداتها مع الخطوط الملكية المغربية.
"بلومبرغ" أوردت أن "بوينغ" وافقت على الإقرار بالذنب في التآمر الجنائي للاحتيال على الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن قررت وزارة العدل أن شركة صناعة الطائرات لم تلتزم بتسوية سابقة تتعلق بحادثتين داميتين لطائرتها من طراز "737 ماكس"، ويُرتب الاتفاق بين الشركة والادعاء العام، من حيثُ المبدأ، سداد غرامة جنائية تصل قيمتها إلى 487,2 مليون دولار.
هذا المبلغ هو أقصى غرامة يسمح بها القانون، لكن القيمة الفعلية لها سيُحددها القاضي، وفق وزارة العدل، وفي إطار الاتفاق الذي قُدم لمحكمةٍ في تكساس مساء الأحد الماضي، طلبت الوزارة من القاضي تقدير التزام "بوينغ" بسداد غرامة سابقة، مما قد يؤدي إلى تخفيض الغرامة الجديدة إلى 243,6 مليون دولار إذا وافقت المحكمة على ذلك، تقول "بلومبرغ".
إلى جانب ذلك ستلتزم "بوينغ" بإنفاق 455 مليون دولار على الأقل لتحسين مستوى الامتثال وبرامج الأمن والسلامة على مدى الأعوام الثلاثة القادمة في إطار هذا الاتفاق، كما ستخضع لفترة مراقبة تحت إشراف المحكمة، ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن الصيغة النهائية لاتفاق الإقرار بالذنب يوم 19 يوليوز الجاري، حسب المصدر نفسه.
كيف سيؤثر ذلك على المغرب؟
هذا الاتفاق الذي يأتي بعد سلسلة من الكوارث الجوية التي تورطت فيها "بوينغ"، يَلي شروع الخطوط الملكية المغربية في دراسة مجموعة من العروض لاقتناء 200 طائرة في سبيل استراتيجية بعيدة المدى، تهدف إلى مضافة أسطولها الحالي المكون من 50 طائرة فقط، ويوجد عرض "بوينغ" في مقدمة العروض الموجودة على طاولة "لارام".
وكالة "بلومبرغ" نفسها كانت قد كشفت، في يونيو الماضي، أن "لارام" تُقَيِّم عروضا من "بوينغ" الأمريكية و"إيرباص" الأوروبية و"إمبراير" البرازيلية، بهدف تقديم طلبية كبيرة من الطائرات بحلول شتنبر المقبل، مبرزة أن حوالي ثلثي الطائرات الـ188 التي تسعى الشركة لطلبها ستكون طائرات صغيرة الحجم.
وأوضح المصدر نفسه أن الطائرات الأخرى، أي حوالي الثلث، ستكون طائرات كبيرة الحجم بسعة تفوق 350 مقعد، وهي مخصصة للرحلات الطويلة، حسبما صرح الرئيس المدير العام للشركة عبد الحميد عدو في مقابلة معه في دبي، مبرزا أن الشركة تسعى أيضا لشراء 30 طائرة إقليمية كجزء من الطائرات صغيرة الحجم.
هل تقوَّت حظوظ "إيرباص"؟
والأسطول الحالي لـ"لارام" تسيطر عليه بشكل كبير طائرات "بوينغ"، التي يفضل الرئيس المدير العام للشركة، عبد الحميد عدو، التعامل معها، وتغيب عنه بشكل كلي طائرات "إيرباص"، وآخر صفقة أبرمتها "لارام" لجلب طائرات جديدة قبل توقيع عقد البرنامج مع الحكومة، والتي تم الكشف عن تفاصيله أواخر يوليوز من سنة 2023، تهم شراء 10 طائرات منها 8 من "بوينغ" إلى جانب اثنتان اقتصاديتان من "إمبراير".
لكن هذا الوضع قد يتغير قريبا، بعد فتح المغرب باب المنافسة لـ3 شركات، بل إن حظوظ "إيرباص" تبدو قوية هذه المرة، لأن عدو زار بالفعل مؤخرا مقر الشركة في تولوز بفرنسا، وظهر اليوم الثلاثاء في صورة مع مسؤوليها وخلفهم طائرة من نوع A330 Neo التي رجحت بعض التقارير أن تكون هي التي سيقع عليها اختيار "لارام" في نهاية المطاف.
وقبل عام من الآن، وقع رئيس الحكومة عزيز أخنوش مع عدو عقد برنامج يمتد إلى غاية 2027، وذلك "لتعزيز مكانة ودور النقل الجوي في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، ومواكبة طموح المملكة لبلوغ 65 مليون مسافر في أفق سنة 2037"، وفق ما جاء في بلاغ لرئاسة الحكومة، وهذا العقد هو المحدد الاستراتيجي لمستقبل الملاحة الجوية المدنية في المغرب.
تعامل حذر مع 25 مليار دولار
وبموجب هذا التعاقد، ستضاعف الخطوط الملكية المغربية أسطولها الجوي 4 مرات، لتنتقل من 50 طائرة حاليا إلى 200 خلال 15 سنة القادمة، كما ستقوم الشركة بتطوير خطوط جوية تواكب خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة، من خلال الانفتاح على وجهات دولية جديدة.
الاتفاق الإطار وحسب ما أعلنت عنه رئاسة الحكومة، يسعى أيضا إلى "تعزيز الروابط بين الجالية المغربية المقيمة بالخارج وأرض الوطن، وفك العزلة عن مجموعة من مناطق المملكة وتسهيل حركية التنقل بينها، عبر تعزيز الربط الجوي الداخلي بـ46 رحلة جديدة".
ولم يتم الكشف حينها عن قيمة تمويل الحكومة لهذه الخطة، لكن، وفق ما جاء على لسان عدو في تصريحات لشبكة "الشرق – بلومبرغ"، شهر أكتوبر من سنة 2023، فإن قيمة عقد البرنامج تصل إلى 25 مليار دولار.
