تأكيدا للخبر الذي انفردت به "الصحيفة".. الداخلية الإسبانية تقطع الطريق على المعارضة وتؤكد استمرار التنسيق مع المغرب لاستئناف حركة الحدود الجمركية
"لا تاريخ مُحدد في الأفق، لكن التنسيق مستمر بين المملكتين، لفتح مكتب للجمارك التجارية بمدينتي سبتة ومليلية". كانت هذه خلاصة آخر مستجدات هذا الملف الذي بات ورقة ضغط موجعة جدا تستعملها المعارضة الإسبانية والاحزاب اليمينية ضد حكومة بيدرو سانشيز بغرض تبخيس اتفاقها مع المغرب وإقرارها بسيادته على أراضيه، ووضع خارطة طريق جديدة تصبو تمتين العلاقات وتعزيزها وطي صفحة الخلاف نهائيا.
وجاء هذا التصريح الجديد للحكومة الإسبانية على لسان وزير الداخلية ، فرناندو غراندي مارلاسكا، الذي أكد أن العمل مستمر مع المغرب حتى يصبح فتح الجمارك التجارية حقيقة، مشيرا في الآن ذاته إلى أن الاستعدادات بلغت منتهاها بالفعل لعملية عبور المضيق أو مرحبا 2023.
وعلى الرغم من أن هذا ليس اختصاصًا حصريًا للداخلية الاسبانية، إلا أن مارلاسكا شدد على أن كلاً من إسبانيا والمغرب يعملان "بشكل مستمر" لوضع الإجراءات التي تسمح بإعادة فتح الجمارك التجارية، مؤكدا أن "الرغبة والإصرار مشترك على العمل على استئناف عمل الجمارك التجارية الحدودية" وهو ما ينفي الأخبار التي تواترت في الآونة الأخيرة وروجت لها الأحزاب اليمينية المعارضة لمصالح المغرب، والتي تفيد بأن الرباط تتماطل في ذلك وترفض الوفاء بتعهداتها ضمن خارطة الطريق الموقعة بين البلدين في أبريل من السنة الماضية.
وفي هذا الصدد، أشار المسؤول الحكومي الإسباني وفق ما نقلته "إل فارو دي مليلية"، إلى أن فتح الجمارك التجارية هو "التزام من كلا البلدين"، وبالتالي فإن الوزارات المعنية تعمل على ذلك بطريقة معنية.
ولم يُفصح بالمقابل، المسؤول الحكومي الاسباني، عن أي موعد محتمل تضعه السلطات الاسبانية أو المغربية لإعادة فتح الحدود التجارية، بيد أنه اكتفى بطمأنة مواطني بلده مشددا على أن هناك "عمل مستمر بمرور الوقت" من أجل الافتتاح الذي طال انتظاره.
وتتماهى التصريحات الجديدة للداخلية الإسبانية مع ما سبق وانفردت "الصحيفة" بنشره بهذا الخصوص، فوفق المعطيات التي توصلت بها من مصادرها، فإن الكرة بيد المغرب الذي قرر ألا يحسم موضوع افتتاح مكتب للجمارك التجارية بمدينتي سبتة ومليلية إلا بعد انتهاء الانتخابات البلدية الإسبانية المقررة يوم 28 ماي الجاري، وظهور نتائجها والتحالفات التي ستُفرزها.
ووفق مصادر الصحيفة، فقد فضلت السلطات المغربية حاليا المرور إلى مرحلة جديدة من عملية نقل البضائع التجريبية لتأكيد التزامها بالاتفاق المبرم بين البلدين في أبريل من سنة 2022.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" من مصادرها، فإن المغرب يتفادى الالتزام بأي موعد نهائي بخصوص افتتاح مكتب للجمارك التجارية في سبتة ومليلية، حتى لا تُستخدم هذه الورقة سياسيا من أي حزب من الأحزاب، من جهة أولى، ومن جهة ثانية حتى يعرف الجهة التي سيتعامل معها مستقبلا، والتي ستُفرزها صناديق الانتخابات البلدية.
من جهته، أكد وزير الداخلية الإسباني، أن بلده يعمل مع المغرب على تقديم أفضل خدمة في عملية عبور المضيق مرحبا (OPE) هذا العام، مضيفا "نحن مستعدون" ، في إشارة إلى أن أكثر من ثلاثة عقود نُفذت فيها العملية بالشكل الصحيح.
وأشار المسؤول الحكومي الاسباني، إلى أنه في الأسبوع نفسه اجتمعت اللجنة الإسبانية المغربية وأكدت أن العمل "متقدم للغاية"، وبالتالي، فعملية مرحبا التي تم تنفيذها لأكثر من 35 عامًا بنتائج "مرضية تمامًا" وبروتوكولات "جيدة التجهيز" ستستمر وفق ذات الاهتمام والفعالية هذه السنة.
وأوضح مارلاسكا، أن ما تتضمنه هذه الاجتماعات هو الاستمرار في تحسين الخدمة لجميع الذين يعبرون من مختلف دول الاتحاد الأوروبي وتجنب أي "تأخير" غير "ذي صلة" مضيفا "يمكننا أن نشعر بالرضا. كل شيء جاهز حتى يمكن تنفيذ عملية هذه السنة بضمانات كاملة".
ويوم الأربعاء الماضي، التقى مسؤولون من إسبانيا والمغرب في مدريد لتعزيز تنسيق مرحبا 2023, والعمل خلال الاجتماع على تحديد تفاصيل خطة الحماية المدنية الخاصة لـ OPE-23، والتي سيتم إغلاقها في الأسابيع المقبلة، من بين أمور أخرى، مثل الأمن وتدفق حركة المرور.
ووضعت المنظومة المغربية من جانبها، في اتساق جميع التدخلات القطاعية وتهم على وجه الخصوص نظام المساعدة الاجتماعية واسع النطاق الذي تسهر عليه مؤسسة محمد الخامس للتضامن في الخارج وفي المغرب بأكثر من 1400 من المساعدين الاجتماعيين والأطقم الطبية وشبه الطبية والمسعفين، موزعين بين باحات الاستراحة والمراكز ونقاط العبور الحدودية.
كما تتضمن خطة لتعزيز الأسطول البحري، من خلال تسخير 32 سفينة و 9 فاعلين بحريين، لتشغيل 12 خطا بحريا بطاقة استيعابية يومية تزيد عن 45529 مسافرا و12357 مركبة على خط طنجة المتوسط-الجزيرة الخضراء، أي بزيادة قدرها 8 بالمائة، واستثمار أكثر من 300 مليون درهم لتطوير البنية التحتية للموانئ في طنجة المتوسط والناظور والحسيمة ومدينة طنجة، فضلا عن تدابير الراحة وتسهيلات للركاب (فضاءات ومساحات مظللة، ممرات ونقط إرشادية، وتخصيص ممرات للسيارات).
وتشمل هذه الاجراءات أيضًا الرعاية الطبية والصحية على طول الطرق الرئيسية (3578 كيلومترا) وفضاءات الراحة، وتعبئة الأطباء والممرضات وسيارات الإسعاف ومراكز الإسعاف المؤقتة والوحدات الطبية.
وتهم الخطة تعبئة السلطات المحلية، ولا سيما إحداث خلايا متخصصة في الأقاليم والعمالات، وتعزيز طواقم الأجهزة الأمنية التي تمت تعبئتها، وتعبئة التمثيليات القنصلية للمغرب في إسبانيا، مع تأمين دوام يومي، بما في ذلك في عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية.
وتحقيقا لهذه الغاية، تم اتخاذ تدابير مهمة في مجال النقل البحري والبري، ولا سيما حملات الفحص التقني للسفن وتعبئة مفتشي النقل البري، كما تم تطوير استراتيجية تواصلية متعددة الوسائط تستهدف المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، ولا سيما لتعميم المعلومات العملية من خلال موقع "مرحبا" الذي أنشأته مؤسسة محمد الخامس للتضامن.
بالإضافة إلى ذلك، اتفق الطرفان على تعزيز التنسيق بين نقاط الاتصال من أجل تداول جيد للمعلومات وتوقع بعض الجوانب المتعلقة بإدارة أيام الذروة، وإمكانية تبادل التذاكر، ومكافحة المضاربة في أسعار رحلات العبور البحرية.