تاريخيا.. هذه هي الفترة الوحيدة التي توقفت فيها زراعة "الكيف" بشمال المغرب
أصبحت زارعة نبتة القنب الهندي أو التي تُعرف في المغرب بـ"الكيف" جزء لا يتجزأ من "أعراف وعادات" العشرات من القبائل المغربية، خاصة في المناطق الشمالية، وهي زراعة تحضر بشكل أساسي كأحد الدعائم والركائز الاقتصادية الأساسية لعيش عشرات الآلاف من الأسر، ويصعب إيجاد بديل لهذه الزراعة بعدما صارت جزءا من الأرض والأرض لا تعرف غيرها.
حسب عدد من المصادر التاريخية، ومن بينها دراسة للباحث الفرنسي بيير أرنود شوفي تحمل عنون "Production de cannabis et de haschich au Maroc : contexte et enjeux" أو ما يُماثلها بالترجمة العربية "انتاج القنب الهندي والحشيش في المغرب: السياق والمتعة"، فإن تاريخ زارعة القنب الهندي في المغرب، خاصة في المناطق الشمالية الغمارية والريفية، تعود إلى قرون طويلة.
ووفق ذات المصدر، فإن هذه الزراعة عرفت الكثير من الجدل والأحداث، وقد حاولت السلطات المغربية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إنهاء هذه الزراعة لما لها من أضرار على الناس، بسبب انتشار تعاطي المخدرات، لكن ذلك أدى إلى اضطرابات، دفعت بالمولى الحسن الأول في أواخر القرن التاسع عشر إلى إصدار ظهير يسمح لدواوير بني خالد الغمارية وددواير كتامة الريفية في الشمال بزارعة "الكيف" للاستهلاك المحلي.
واستمرت هذه الزراعة لسنوات طويلة، ولم تتوقف، إلا في فترة زمنية واحدة، وهي الفترة التي قاد فيها محمد بن عبد الكريم الخطابي ثورة في شمال المغرب ضد الاستعمار الأجنبي، وبالخصوص ضد الاستعمار الإسباني، وذلك ما بين 1921 و1926، فأصدر قرارا يُمنع من خلال زراعة "الكيف" في المناطق الشمالية باعتبارها "حراما" وفق الشرع الإسلامي.
ووفق الباحث الفرنسي بيير أرنود شوفي، فإن هذه هي الفترة الوحيدة في تاريخ شمال المغرب، منذ ظهور زراعة القنب الهندي بهذا المناطق، توقف فيها إنتاج "الكيف" واستهلاكه، مُعتبرا أن محمد بن عبد الكريم الخطابي هو الشخص الوحيد الذي فرض هذا القرار ونفذه في تاريخ القنب الهندي في المغرب، ولم يحدث قط قبل ذلك أو بعد ذلك أن توقفت تلك الزراعة.
ويُظهر تاريخ زراعة القنب الهندي في شمال المغرب، مدى اعتماد سكان هذه المناطق على هذه الزراعة وأهميتها في المعيش اليومي لسكان المئات من دواوير إقليمي شفشاون والحسيمة، وهو الأمر الذي يكشف أسباب صعوبة التخلي عن هذه الزراعة لدى السكان، وصعوبات إيجاد بدائل لها من طرف السلطات المغربية.
وفي ظل فتح المغرب النقاش حول تقنين هذه الزراعة، فإن الكثير من المهتمين، يرون أن التقنين قد يكون حلا يُنهي معاناة المزارعين الذين لايجدون بدائل غيرها هذه الزراعة، وإنهاء معاناتهم مع المتابعات الأمنية والقضائية، شرط أن يؤخذ بعين الاعتبار أبعاد اجتماعية واقتصادية عديدة تحمي حقوق المزارعين البسطاء.
جدير بالذكر، أن مجلس الحكومة المغربي، قرر للمرة الثانية تأجيل مناقشة مشروع قانون تقنين زراعة القنب الهندي للاستعمالات المشروعة للقاء المقبل.