تزامناً مع اليوم العالمي للاجئ.. تحالف حقوقي صحراوي يدعو المجتمع الدولي إلى حث الجزائر على فتح تحقيق "نزيه" حول مقتل صحراويين منقبين عن الذهب في منطقة "إيكيدي"
ماتزال الانتهاكات الجسيمة، التي تُرتكب دون عقاب ضد الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، تحت نفوذ ميليشيات "البوليساريو" الانفصالية، تؤرق بال المنتظم الدولي والعديد من المنظمات الدولية، فضلا عن تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، التي استنكرت واقع عمليات القتل الممنهجة وحملات الاختطاف والاختفاء القسري من قبل التنظيم، مُطالبة المنتظم الدولي بضرورة التدخل العاجل لحث السلطات الجزائرية على فتح تحقيقات شفافة حول جرائم القتل خارج نطاق القانون التي ارتكبت في حق الصحراويين المنقبين عن الذهب بمنطقة إيكيدي الواقعة على الحدود الجزائرية الموريتانية أواخر شهر ماي الماضي.
وأوضح تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، المؤلف من منظمة "أفريكا ووتش" ومنظمة مدافعون من أجل حقوق الإنسان والشبكة الدولية لحقوق الإنسان والتنمية، تزامنا مع الاحتفاء باليوم العالمي للاجئ الذي يصادف الـ 20 يونيو من كل سنة، أن مخيمات "تندوف" التي تضم الآلاف من الصحراويين، منذ خمسة عقود على أرض الجزائر، لم يخضعوا لإحصاء عبر آلية للحوار الفردي، لمعرفة سبب نزوحهم من أرضهم والاستماع لمطالبهم ومعرفة حاجياتهم الحقيقية بغية الاستجابة لها بشكل يضمن تمتعهم بالحقوق التي يضمنها القانون الدولي للاجئين الذين يحوزون مركزا قانونيا يخول لهم الحماية الدولية من خطر التعرض للانتهاكات.
وأكدت الهيئات الحقوقية الصحراوية، أن ميليشيا البوليساريو التي وصفتها بـ"التنظيم العسكري" حاز تفويضا شاملا لولاية السلطات الجزائرية القانونية والقضائية والتدبيرية لمخيمات تندوف، وأن ذلك "مخالف لأحكام القانون الدولي التي تلزم الدول المضيفة بحماية الأشخاص اللاجئين على أراضيها"، مشيرة إلى أن هذا التحالف "ما فتئ ينبه إلى أن عدم إلغاء تفويض ولاية الجزائر القانونية إلى تنظيم البوليساريو العسكري، لن يسهم سوى في سقوط المزيد من الأرواح بدم بارد وتعميق هوة النزاع حول الصحراء وإبعاد الصحراويين عن أي أمل في حل مشكلتهم وإنهاء معاناتهم".
وأشار التحالف الحقوقي، إلى أن الحدود الجزائرية الموريتانية شهدت منذ أيام سقوط أكثر من عشرين شخصا صحراويا مدنيا قتيلا، جراء قصف جوي للجيش الجزائري لهم بمنطقة إيكيدي، وهو ما يؤكد أن "الوضع مرشح لمزيد من القتل والتشريد وتعميق جراح مجموعة بشرية تم حشرها في منطقة لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الكريمة، وخارج مراقبة الأمم المتحدة وهيئاتها".
وخاطب التحالف الحقوقي الصحراوي مكونات المجتمع الدولي لدعم والاستجابة السريعة لحاجيات الصحراويين بمخيمات تندوف، بالقول: "لن يُنتج أثرا إيجابيا على ساكنة المخيمات، ما لم يتم إلغاء تفويض اختصاص السلطات الجزائرية الأصيلة في حماية الأشخاص المتواجدين على أراضيها، بما يشمل هؤلاء الصحراويين واللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين وعديمي الجنسية وغيرهم"، مُلحاًّ على "البدء في إحصاء قاطني مخيمات تندوف لمعرفة مناطق سكناهم الأصلية وسبب نزوحهم وتطلعاتهم وتحديد الصحراويين من غيرهم، لمنحهم مركزا قانونيا يحميهم من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الصحراويون باستمرار بالمخيمات منذ عقود".
وفي السياق ذاته، طالب التحالف آليات الأمم المتحدة الدولية لحماية حقوق الإنسان والمنظمات الدولية، بضرورة التدخل لحث السلطات الجزائرية على فتح تحقيقات شفافة ونزيهة في جرائم القتل خارج نطاق القانون التي ارتكبت في حق الصحراويين المنقبين عن الذهب بمنطقة إيكيدي الواقعة على الحدود الجزائرية الموريتانية أواخر شهر ماي الماضي، وتقديم الجناة للعدالة، لافتا إلى أن "كشف حقيقة ما جرى للصحراويين منذ إنشاء تلك المخيمات، وإنهاء حالة الإغلاق والقمع العامة بمنطقة تندوف، وفتح المخيمات أمام خبراء الأمم المتحدة لافتحاص حالة الحقوق والحريات، أمر ملح ومستعجل للوقوف على صحة الادعاءات المتواترة لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان ضد الصحراويين بتندوف، سواء من طرف الجيش الجزائري أو عناصر أمن البوليساريو”.
وشدّد المصدر ذاته، على أهمية الإسراع بتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإحصاء ساكنة المخيمات لأنها "ستوفير الحماية والحاجيات الإنسانية العاجلة ودراسة إمكانية تثبيت خيارات هؤلاء الأشخاص بشأن رغبتهم في البقاء في تلك المخيمات أو الرجوع إلى أرضهم أو اختيار ملاذ اخر آمن، في إطار عمليات تحديد المركز القانوني للاجئين، الذي ظل ممنوعا على صحراويي تندوف".
وجدد التحالف، تذكيره بأن العالم يحتفل كل سنة باليوم العالمي للاجئ لتسليط الضوء على قوة إرادة هؤلاء الأشخاص الذين يتجشمون مخاطر الفرار والنزوح من بلدانهم ومناطق سكناهم الإعتيادية إلى مكان آخر أكثر أمنا، خوفا من تعرضهم للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وبحثا عن حماية لحياتهم ولذويهم مما قد يتعرضون له من قمع او أعمال وحشية جراء تواجدهم في مناطق النزاعات المسلحة أو الاضطهاد.
وأبرز التحالف الحقوقي أن التذكير بمعاناتهم وما يقاسون من تحديات في سبيل تأمين مستقبلهم وضمان حقوقهم، دائما ما يكون مسبوقا بإجراءات من منظمة الأمم المتحدة لإحصاء اللاجئين ومعرفة أصل مأساتهم ومسبباتها والأخطار المحدقة بحياتهم وأثر ذلك على عائلاتهم ومعرفة تطلعاتهم وإحصائهم من قبل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، لتحديد حاجاتهم الإنسانية والحمائية، وفسح المجال لهاته الفئة للتمتع بالحقوق المنصوص عليها بالاتفاقية الدولية بوضع اللاجئين والبروتوكول الخاص بوضع اللاجئين.