ممثل "البوليساريو" في كتالونيا وشقيق "وزيرها الأول" يتورطان في اختلاس جهازين طبيين تبرعَ بهما إسبان قبل أن يُباعَا لعيادتين جزائريتين
علمت "الصحيفة" من مصادر خاصة، أن قيادة جبهة "البوليساريو" الانفصالية تعيش أزمة داخلية حادة بسبب واقعة "اختفاء" مساعدات مقدمة من طرف مؤسسات المجتمع المدني في إقليم أراغون، والتي تورط فيها ممثل الجبهة في الإقليم إلى جانب شقيق قيادي بارز حمل صفة "الوزير الأول" في ما يسمى "الحكومة الصحراوية" بتندوف.
وحسب المصادر ذاتها، فإن الأمر يتعلق بـ"اختلاس معدات طبية" جرى توفيرها عبر مساهمات المجتمع المدني الإسباني "لأغراض إنسانية"، وتحديدا جهازان اثنان حديثان للفحص بالموجات فوق الصوتية، كان سيتم توجيههما إلى مركزين صحيين بمخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية، لكن انتهى بهما المطاف في عيادتين خاصتين بالجزائر.
وأوضح المصدر نفسه، أن من يقف وراء العملية هو عبدين بشرايا، الذي يحمل صفة ممثل جبهة "البوليساريو" في إقليم كتالونيا، وقد وجهت له اتهامات بذلك، حيث توصَّلَ بالجهازين اللذين جرى اقتناؤُها بتمويل كامل من طرف جمعيات مدنية داعمة للطرح الانفصالي بمنطقة أراغون المجاورة، ثُم كُلف بنقلهما إلى المخيمات عبر رحلة بحرية.
واختفى الجهازان بمجرد وصولهما إلى ميناء وهران، قبل أن تكتشف قياداتٌ في الجبهة أنه تم بيعهما للعيادتين اللتان يشرف عليهما طبيبان جزائريان، كما أن أموالهما اختفت كذلك، واتضح أن عملية الاختلاس تمت بتواطؤ مع شقيق بشرايا حمودي بيون، الذي تمنحه "البوليساريو" صفة "الوزير الأول" منذ يناير 2020.
وتسببت هذه الواقعة في أزمة داخل قيادة الجبهة، فحمودي بيون هو أحد قيادات الصف الأول، ومقرب من أجهزة صناعة القرار الجزائرية، حيث سبق أن خلف الأمين العام الحالي للبوليساريو، إبراهيم غالي، في منصب "السفير الصحراوي لدى الجزائر"، كما أنه حمل صفة "الوزير الأول" مرتين في التسعينات وبداية الألفية، أما عبدين بشرايا فهو المكلف الأول بجمع التبرعات في إقليم كتالونيا.
وتؤكد هذه المعطيات ما سبق أن كشفت عنه "الصحيفة" ضمن تحقيق خاص نشرته في عدد يناير 2025 من نسخته الورقية، تحت عنوان "أثرياء تندوف"، والذي رسم مسارات جمع المساعدات المقدمة من طرف هيئات سياسية وجمعوية، وتحويلها إلى المخيمات تحت غطاء إنساني، قبل أن يتم استغلالها لأغراض شخصية أو لاقتناء الأسلحة، الأمر الذي يشمل إسبانيا من بين عدة دول أخرى.
وتستفيد "البوليساريو" في إسبانيا من دعم "مبدئي" من طرف الأحزاب الانفصالية في إقليمَي الباسك وكتالونيا، إلى جانب الدعم الذي تحظى به من أحزاب وتحالفات أقصى اليسار، على غرار حزب "بوديموس" وتحالف "سومار".
وتظل كتالونيا المنطقة التي يبرز فيها هذا الدعم السياسي بشكل أكبر، خصوصا من طرف حزب "اليسار الجمهوري" ERC الذي يتوفر على 7 برلمانيين في مجلس النواب الإسباني و4 في مجلس الشيوخ ونائب في البرلمان الأوروبي، إلى جانب 20 عضوا في برلمان كتالونيا كثالث أكبر قوة سياسية حاليا في الإقليم، ويرأسه أوريو جونيراس، نائب رئيس حكومة كتالونيا سابقا، وأحد قادة الانفصال المُدانين من طرف القضاء الإسباني بسبب استفتاء سنة 2017.
هذا الحزب نشيط جدا في مجال توفير الدعم العيني والوسائل اللوجيستية لأنشطة انفصاليي "البوليساريو" في برشلونة وجيرونا وتاراغونا ومدن أخرى داخل إقليم كتالونيا، ويبرُز أعضاؤه أيضا من خلال حملات جمع التبرعات التي تنظمها جمعيات المجتمع المدني، إلى جانب لعبهم دورا أساسيا في توفير الدعم عن طريق البلديات التي يرأسها.
وفي برشلونة تحديدا، كشفت مصادر محلية لـ"الصحيفة" عن أن الجبهة تعتمد على بروباغاندا "الوضع الإنساني للاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف"، وفق تعبيرها، من أجل تلقي المِنح المالية، وخصوصا من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية.
وقبل أشهر نشرت بلدية برشلونة، التي يرأسها خاومي كولبوني، عن الحزب الاشتراكي الكتالوني، "قرارا مؤقتا" يتعلق بطلبات التمويل، والذي يقترح تقديم دعمٍ مالي بقيمة 60.000 يورو لـ"اتحاد الجمعيات الكتالونية الصديقة للشعب الصحراوي"، و14.446 يورو لفائدة منظمة تسمى "صحراويون وسط اللاشيء".