حكومة جزر الكناري تُعزز روابطها مع المغرب بـ"الدبلوماسية العلمية" وتغلق الباب أمام "مزايدات سياسية" في قضية الصحراء
قال رئيس حكومة جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، اليوم الجمعة، إن العلاقات بين الجزر والمغرب ستعتمد من الآن فصاعدا على ما وصفها بـ"الدبلوماسية العلمية"، متوقعا "أفقا جديدا" في العلاقات الثنائية بين الطرفين، بالتركيز أكثر على مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
وأضاف كلافيخو خلال كلمة قدمها في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير (ضواحي مراكش)، بأن إفريقيا تمثل "الحاضر، وقبل كل شيء المستقبل"، مما يعزز إنشاء إطار جديد للتعاون يربط بين "الخبرات" الموجودة في الجزر وتلك في المغرب والقارة المجاورة.
واعتبر كلافيخو الذي حل بالمملكة صباح اليوم على رأس وفد هام مكون من أكثر من 40 من العلماء والخبراء ورجال الأعمال، (اعتبر) أن المغرب بلد "استراتيجي"، وأن التعاون في مجالات البحث والتطوير والابتكار يمثل الخطوة الأولى نحو "تنمية ذكية ومستدامة" مع القارة، ويساهم في "تعزيز" الفضاء الأطلسي.
وقال كلافيخو أيضا في كلمته، إن جزر الكناري تعرض على المغرب تعزيز العلاقات في مختلف المجالات الأخرى، وليس فقط العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والتجارية، مشيرا إلى أن الوصول إلى "سلسلة الابتكار في اقتصادينا" من شأنه "خلق الازدهار والرفاهية".
وأشار كلافيخو في هذا السياق إلى أن الهدف هو "تحفيز تطوير مشاريع تكنولوجية مشتركة ذات تأثير في جزر الكناري، في القارة الإفريقية، وفي العالم أجمع، مما سيخلق نشاطاً اقتصادياً مبتكراً ويجذب استثمارات خاصة"، ولتحقيق ذلك، سيوقع الطرفان في الأسابيع المقبلة اتفاقية مع الجامعتين العامتين في جزر الكناري، والتي ستشمل تعاونًا مع شركاء إسبانيين وأوروبيين ومنظمات إفريقية.
وتطرق رئيس حكومة جزر الكناري في كلمته إلى التحديات التي تواجه المغرب وجزر الكناري، وأبرزها قضية الهجرة، حيث أعرب عن اعتقاده بأن التعاون في مجالات البحث والتطوير والابتكار هو "الطريق الأمثل" لمعالجة التحدي الهيكلي في سياسات الهجرة، الذي يعدّ في جزء كبير منه نتيجة لعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية.
وقال كلافيخو إن جزر الكناري ستظل مسؤولة عن رعاية الأطفال القاصرين غير المصحوبين القادمين من المغرب بشكل غير نظامي إلى الجزر، والذين يمكن تقديم الرعاية لهم في المغرب بالقرب من عائلاتهم ودون فقدان الانتماء، مؤكداً أن هذه الخطوة "ليست إعادة ترحيل"، في إشارة إلى رغبة حكومته تنفيذ برنامج نقل القاصرين المغاربة المتواجدين في جزر الكناري بدون آهاليهم إلى المغرب، مع إبقاء الرعاية لهم بتعاون مع منظمة الهجرة الدولية.
وأضاف في هذا السياق قائلا: "يمكننا فتح مساحات لرعاية هؤلاء الأطفال المغاربة بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة أو هيئة دولية أخرى في المغرب. سيتم رعاية الطفل في بيئته مع الحفاظ على مسؤولية حكومة جزر الكناري، لكن مع ضمان ظروف أفضل له في بيئته الأصلية دون الشعور بالاغتراب".
هذا ويُرتقب أن يوقع الوفد الكناري عدد من الاتفاقيات مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في مجالات العلوم والابتكار والتكنولوجيا.
وتجدر الإشارة إلى أن المكتب الرئاسي لحكومة جزر الكناري كان قد قال في تواصل مع "الصحيفة إنجليزية"، إن هذا الوفد هو "أهم وفد ينتقل من إقليم أوروبي إلى المغرب لتحقيق تقدم في العديد من المجالات"، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة، فرناندو كلافيخو، يرغب في مواصلة تعزيز التعاون والعمل المشترك مع المغرب.
ويفتح هذا التقارب بين جزر الكناري والمغرب، بابا جديدا من التعاون الثنائي، مما يُغلق الباب أمام بعض "المزايدات السياسية" التي كانت تستعملها بعض الأطراف السياسية في جزر الكناري بدعم من جبهة البوليساريو الانفصالية، لتبني مواقف ضد المغرب في قضية الصحراء.
وكان كلافيخو قد أكد خلال زيارته إلى المغرب في 8 أكتوبر الجاري، خلال لقائه مع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بأن حكومة جزر الكناري تتبنى نفس موقف مدريد في قضية الصحراء، وهو الموقف الداعم لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية.
وكان هذا الموقف قد أثار غضب جبهة البوليساريو التي تتوفر على قاعدة داعمة في جزر الكناري، وكانت تتخذ الجزر كمعقل لـ"الهجمات السياسية" على المغرب. إلا أن هذا التقارب بين حكومة الكناري والرباط سيؤدي إلى محاصرة تواجدها، ولا سيما أنه منذ أن أعلنت مدريد دعمها للمغرب في قضية الصحراء، بدأ الدعم الذي كانت تتلقه الجبهة في إسبانيا يشهد تراجعا كبيرا.