حكومة مدريد لا تعرف جدول أعمال الاجتماع رفيع المستوى.. هل يمارس المغرب سياسة "التجاهل" مع إسبانيا؟
على الرغم من وصول شهر يناير إلى منتصفه، ما يعني اقتراب موعد الاجتماع رفيع المستوى المنتظر عقده بين الحكومتين المغربية والإسبانية في الرباط شهر فبراير المقبل، إلا أن لا شيء ينبئ بأن المغرب يضع هذا الموعد ضمن أولوياته، في ظل التوترات الأخيرة التي شهدتها علاقاته مع جارته الشمالية، هذه الأخيرة التي لم يفرز اجتماع مجلس وزرائها، الذي انعقد أمس الأربعاء، أي توضيحات جديدة بخصوص القمة.
وعلى عكس المتوقع، لم يقدم وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، خلال الندوة الصحافية التي تلت المجلس الوزاري، أي تفاصيل عن برنامج الاجتماع الذي سبق لمدريد أن أعلنت، من طرف واحد، أنه سينعقد في فبراير المقبل، في الوقت الذي لم تُعلن فيه الرباط رسميا أي موعد بديل لتاريخ 17 دجنبر 2020 الذي كان من المقرر أن يشهد تنظيم النسخة الـ12 من اللقاء والتي تأخرت لما يناهز 6 سنوات.
ولم يحدد مارلاسكا الموعد النهائي للاجتماع ولا تشكيلة الوزراء التي سترافق رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب، واكتفى بالحديث عن "الأهمية الاستراتيجية للعلاقات الإسبانية المغربية"، في حين تفادت وزيرة الخارجية، أرانتشا غونزاليس لايا، الحديث عن وجود أزمة دبلوماسية بين البلدين، في ظل التطورات التي تلت إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء، ثم تصريحات رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، بخصوص انتماء مدينتي سبتة ومليلية للمغرب.
واقتصر حديث وزير الداخلية الإسبانية بخصوص المدينتين على التأكيد بأن "أمنهما يمثل أولوية بالنسبة للحكومة الإسبانية"، والإشارة إلى مواصلة العمل على تأمين حدودهما وتجديد المعابر البرية، دون الحسم فيما إذا كان موضوعهما سيطرح خلال اجتماع الرباط، هذا الأخير الذي قال مارلاسكا إنه سيعرف مناقشة قضايا تتعلق بالصناعة والبنى التحتية إلى جانب الشؤون الخارجية والأمنية.
ويثير "البرود" الذي تتعامل به الحكومة المغربية مع هذا الاجتماع العديد من علامات الاستفهام، تصل حد التشكيك في إمكانية عقده أساسا، خاصة وأن تأجيله تزامن مع تطورات ملف الصحراء، إذ بعدها بأيام أعلنت وزيرة الخارجية الإسبانية رفض بلادها لإعلان ترامب، متعللة بأن الحل يجب أن يتم عبر الأمم المتحدة، على اعتبار أن هذه القضية "لا تقبل الحلول الأحادية"، بل أعلنت أن مدريد فتحت أبواب التواصل مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن للتراجع عن إعلان سلفه.
وكانت هذه التصريحات فاتحة أزمة جديدة بين الرباط ومدريد، إذ بعدها تحدث العثماني عن كون أن "سبتة ومليلية أراض مغربية شأنهما شأن الصحراء"، ثم استدعت الخارجية الإسبانية السفيرة المغربية لديها، كريمة بنيعيش، للاحتجاج، قبل أن تغادر هذه الأخيرة الأراضي الإسبانية نحو المغرب منذ 3 أسابيع ويتبعها العديد من كبار المسؤولين في السفارة.