خاص - الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق تكشف لـ "الصحيفة" مستجدات مشروع الربط القار بين إسبانيا والمغرب
علمت "الصحيفة" من مصادر مسؤولة، أن اللجنة المختلطة المغربية الإسبانية للربط القار عبر مضيق جبل طارق تستعد لعقد اجتماعها الـ 44، في غضون الأسابيع المقبلة بطنجة من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الدراسات التقنية والاستكشافات المحددة للمشروع قبيل المرور إلى مرحلة الإنجاز التي لم يُحدد بعد موعد مباشرتها، مشدّدة على جميع الأخبار المتداولة حول إنجاز المشروع قبل المونديال "مجانبة للصواب".
وكانت منابر إعلامية في إسبانيا والمغرب، قد روّجت في الأيام القليلة الماضية، أخبارا تتحدّث عن انتهاء الدراسات التقنية والاستكشافية المرتبطة بمشروع القرن بين المملكتين، كما نقلت عن مصادر وصفتها بـ "الخاصة"، بأن البلدين يستعدان لقطع شريط بداية أشغال إنجاز مشروع الربط القار المنتظر السنة المقبلة في سياق الاستعدادات لاحتضان كأس العالم 2030، وهو ما نفته بصفة قطعية مصادر مسؤولة في الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق لـ "الصحيفة"، أكدت بالمقابل أن الدينامية والحركية التواصلية التي يشهدها هذا المشروع في الآونة الأخيرة تزامنا وإعلان تنظيم المملكتين رفقة البرتغال لكأس العالم 2030، "جيدة وتخدم المشروع، لكنها لا تعني أنه سيتحقق ارتباطا بالحدث الكروي".
وأوضحت المصادر المسؤولة ذاتها، بأن الجديد اليوم هو انشغال الرباط ومدريد بالتهييء للاجتماع الـ 44 للجنة المختلطة المغربية الإسبانية للربط القار عبر مضيق جبل طارق، وهو الموعد الهام الذي تم التطرق له في اجتماع جمع بين وزير النقل والتنقل المستدام أوسكار بوينتي سانتياغو، ووزير التجهيز والماء نزار بركة في مارس الماضي، وخلص إلى ضرورة تسريع وتيرة عمل اللجنة والدراسات المرتبطة بهذا المشروع المنتظر تحققه منذ سبعينيات القرن الماضي.
وما يؤخر تحديد اللجنة المختلطة لموعد اجتماعها وفق ما أسرّته المصادر المسؤولة ذاتها لـ "الصحيفة"، هو أجندة الوزيرين بوينتي، وبركة، حيث كان من المرتقب أن تنعقد أشغال اللجنة المختلطة في ماي المقبل، قبل تأجيل هذا الموعد ارتباطا بانشغالات الوزراء المعنيين بهذا الاجتماع، فيما القنوات الدبلوماسية تعمل على تسريع مسألة التهييء للقاء وفق أجندة محددة، خصوصا وأن البلدين يراهنان بشكل كبير عليه من أجل تدارس آليات تقدم الدراسات وتنشيطها وتهييء البرامج التي ستنجز والاستكشافات الميدانية قبل المرور إلى مرحلة الجاهزية.
وشدّدت المصادر ذاتها على أنه "لا جديد في المسألة التقنية، والاستكشافية"، تزيد عن التفاصيل التي سبق وانفردت "الصحيفة" الورقية بنشرها في عدد مارس الماضي، سيما وأن مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا لا يزال في مرحلة الدراسات التي تعد اللبنة الأولى للعمل على جاهزية المشروع قبل المرور إلى مرحلة الإنجاز الميداني، وهو ما يجعل من اجتماع اللجنة لاتخاذ قرارات على أعلى مستوى، حول الدراسات التقنية والتفاصيل القانونية، وكذا المسائل المرتبطة بتمويل المشروع الذي يحظى بدعم دولي مهم بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ونظيره الأفريقي.
ومن المنتظر أن يحضر الاجتماع المذكور الذي ستحتضنه عاصمة البوغاز طنجة، عن الجانب الإسباني، النائبة الأولى لرئيس الحكومة ووزيرة المالية، ماريا خيسوس مونتيرو، ووزير النقل والتنقل المستدام أوسكار بوينتي سانتياغو، في حين يُرتقب أن يشارك في الاجتماع عن الجانب المغربي، وزير التجهيز والماء نزار بركة، ووزير النقل واللوجيستيك محمد عبد الجليل، ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، كما سيحضر الاجتماع أيضا، ممثلو الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق المعروفة اختصارا بـ "SNED" ونظيرتها الإسبانية شركة دراسة الاتصالات الثابتة عبر مضيق جبل طارق "SECEGSA"، وهما الجهتان المشرفتان على المشروع الذي تعود فكرته إلى سنة 1979.
وكان من المفترض أن ينعقد الاجتماع الـ 44 للجنة المختلطة في شهر يوليوز الماضي، بيد أن الانتخابات العامة الإسبانية التي شهدتها البلاد وظروفها حالت دون ذلك، قبل أن ترجأ إلى أجل غير مسمى، فيما لم يكُن بوسع حكومة تصريف الأعمال التي ترأسها بيدرو سانشيز حتى منتصف نونبر الماضي، عقد هذا الاجتماع أو تحديد موعده على اعتبار أنه لم يكن ضمن صلاحياتها القانونية وإنما من اختصاصات اللجنة المختلطة التي يرأسها عن الجانب الإسباني وزير التجهيز الرسمي، وهو ما أبقاه معلّقا دونما مستجد على الرغم من أن اجتماع اللجنة من المفترض أن ينعقد مرة كل ستة أشهر، فيما أحبطت الزيارة الأخيرة لخوسيه مانويل ألباريس، وبعدها بيدرو سانشيز طموحات المعنيين بالمشروع بعدما لم يُثر خلال الندوة الصحافية موضوع الربط القار، أو يعلن موعد اجتماع اللجنة المختلطة المُنتظر منذ أشهر، قبل أن يعود الحديث على الموضوع عقب صدور ملف "الصحيفة" في مارس الماضي، والذي أعقبه زيارة وزير النقل الإسباني للمغرب ولقائه بنزار بركة.
وأكدت مصادر "الصحيفة"، بأنه "توجد إرادة جدّية وحقيقية هذه المرة، من حكومتي المملكتين لتنزيل هذا المشروع وإخراجه إلى أرض الواقع في أقرب الآجال، سيّما وأن العلاقات المغربية الإسبانية تعيش أزهى عهد لها، وبصفة غير مسبوقة تُترجمها أرقام الزخم الاقتصادي والسياسي وارتفاع وتيرة المبادلات التجارية وتواتر الاتفاقات المُبرمة في مختلف القطاعات".
وفي تعبيرها عن اهتمامها بالمشروع، عيّنت الحكومة المغربية من جانبها في 3 نونبر 2022، عبد الكبير زاهود مديراً عامّاً للشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق المختصة بمتابعة مشروع الربط البحري بين المغرب وإسبانيا.
وإلى جانب العلاقات المتميزة بين المملكتين، فإن الدراسات التقنية المتعلقة بمشروع النفق البحري، المزمع أن يربط بين البلدين، "متقدمة كما لم يحدُث من قبل، وتسير وفق ما اتُفق عليه سلفا ولا ينقصها سوى الاجتماع المرتقب للجنة من أجل تحيين بعض نقاطها وتفاصيلها وفق المستجدات التكنولوجية والتقنيات الجديدة" وفق تعبير مصادر "الصحيفة".
وبناء عليه، تحصّلت "الصحيفة"، على الملف التقني لدراسات مشروع الربط القار بين أوروبا وأفريقيا عبر مضيق جبل طارق الذي رفعه مكتبي الدراسات المغربي وتوأمه الإسباني إلى اللجنة المختلطة التي تم إنشاؤها طبقا لمقتضيات اتفاقيتي التعاون المغربي الإسباني بتاريخي 24 أكتوبر 1980 و 27 شتنبر 1989، ويرأسها الوزيرين الوصيين على القطاع في البلدين، والمكونة بالتساوي من موظفين سامين مغاربة وإسبان يمثلون القطاعات المعنية ووزارة التجهيز والماء وأطر الشركة الوطنية لدراسات المضيق بالمغرب SNED والشركة الإسبانية لدراسة المواصلات عبر مضيق جبل طارق بإسبانيا SECEGSA المسؤولتين عن مجمل هذه الدراسات اللازمة للمشروع.
وتظهر معطيات الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق، التي تتوفر عليها "الصحيفة"، أنه بإمكان المشروع تأمين الربط السككي بين الدار البيضاء ومدريد في غضون خمس ساعات ونصف فقط، وحوالي 7 ساعات و55 دقيقة بين البيضاء وبرشلونة باعتبارها أبعد نقطة عبر الخط السككي فائق السرعة، وهو ما يعني أن الخط السككي الفائق السرعة الموجود في المغرب وإسبانيا، سيُمكن من تقليص ساعات السفر ونقل البضائع والسلع مقارنة مع القطارات العادية، حسب ما وقفت عليه الدراسات التي تم إنجازها بهذا الخصوص، فيما تبلغ أكبر مسافة زمنية عبر الخط السككي العادي 14 ساعة و15 دقيقة بين البيضاء وبرشلونة، و11 ساعة و40 دقيقة بين البيضاء ومدريد.
وسيُؤمن هذا المشروع، وفق المصدر ذاته إنشاء مرصد للحركة البحرية عبر مضيق جبل طارق والحركة الجوية بين المغرب وأوروبا، بحيث قُدرت توقعات الحركة المرورية الأولى التي سيضمها النفق عام 2030، حوالي 9.6 مليون مسافر، و7.4 مليون طن من البضائع، قبل أن ترتفع إلى 11.32 مليون مسافر في 2040، و10,88 مليون طن من السلع في ذات السنة.
وفي وقت، أكد مصدرنا المسؤول في اللجنة المختلطة، أن هذه المعطيات الرقمية حول التنقلات والمبادلات التجارية عبر النفق المرتقب تشييده هي مجرد تقديرات أولية سيتم تحيينها عقب الاجتماع الـ44 للجنة، خصوصا في ظل الدينامية الكبيرة التي تشهدها العلاقات المغربية الإسبانية والارتفاع غير المسبوق على مستوى المبادلات التجارية والاستثمارات إلى جانب عدد من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة عموما في السنوات الأخير.
وبناء على كل المعطيات السابقة، والتي تؤكد جاهزية الاعتبارات التقنية والرؤية المالية، في أفق موافقة اللجنة المختلطة المغربية الإسبانية المسؤولة على "مشروع القرن" كما يوصف في الرباط ومدريد، والذي يعد بمستقبل اقتصادي واعد للبلدين، أنعش خبر إعلان اختيار الملف المشترك لمونديال 2030 بين كل من المغرب وإسبانيا والبرتغال، الآمال بشأن دنو موعد إخراج هذا الحلم السابح في الخيال على امتداد أربعة عقود إلى واقع قريب التحقق، وهو ما تنفيه تماما مصادر "الصحيفة" من الجانبين المغربي والإسباني ممّن تواصلت معهم طيلة الأشهر الماضية لتبيُّن حقيقة الأخبار التي تم تداولها بهذا الخصوص.
واعتبرت مصادر "الصحيفة"، أن الحديث عن تنزيل المشروع قبل موعد تنظيم كأس العالم الذي ترشح له البلدان بملف مشترك يجمعهما بالبرتغال، هو "حلم وردي بعيد المنال، ويصعب جدا تحقيقه حتى لو اجتمعت اللجنة وسرّعت خطوات مرحلة الإنجاز وظفرت بالصفقات اللازمة بشأنه"، مكذبة بذلك كل الأخبار التي جرى تداولها في الأشهر الأخيرة بهذا الخصوص.
بالمقابل اعتبرت المصادر ذاتها، أن الترويج لهكذا خبر وإن كان غير صحيح " أمر إيجابي ينفع المشروع والترويج له بشكل كبير ويجعله في صلب النقاش العمومي بعدما كان منسي لعقود مضت سيما وأن المونديال يطرح نجاعة الربط القار وسيساعد في التسويق للنفق".
وجوابا على سؤال "الصحيفة" حول الفترة الزمنية التقديرية التي سيتطلّبها إنجاز المشروع بناء على الدراسات الأولى، وفي حالة تم التأشير عليه من طرف اللجنة صاحبة المشروع قال المصدر الحكومي المغربي: "حسابيا، وبالعمر التقني ودونما احتساب للسنة الجارية، وفرضا أشرت اللجنة بانطلاق الأشغال في 2025 يبقى السؤال المنطقي هو: ما هي الدراسات التي نملكها وتسمح لنا بذلك؟ وهل وجدنا تمويل؟ وهل الاتحاد الأوروبي اتفق مع نظيره الافريقي والأمم المتحدة ورفعنا الحواجز القانونية؟ هل ظفرنا بالتمويل اللازم؟ الجواب على كل هذه الأسئلة يكفي لننفي كل المزاعم التي جرى تداولها بهذا الخصوص، ونؤكد أن الخمس سنوات التي تم الغشارة لها في في مقالات سابقة لا تكفي ومستحيل إنجازه في هذه الفترة الوجيزة" مضيفا " نعم يوجد زخم وأمل على مستوى الدراسات، لكن من سابع المستحيلات أن يتحقق هذا الطموح المشروع ليصير حقيقة قبل المونديال".