خاص - بعد أن قامت بتعطيلها لثلاث سنوات.. فرنسا "تؤشر" على نقل 30 طائرة Mirage 2000-9 إماراتية إلى المغرب
شكل اللقاء الذي جمع، أمس الأربعاء، في باريس، بين وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، ونظير الفرنسي ستيفان سيجورني، طرح العديد من الملفات العالقة بين البلدين التي كانت محل خلاف ديبلوماسي على مدى السنتين الماضيتين، وجعلت من العلاقة بين باريس والرباط تدخل مرحلة "السكون" الذي بدأت تبرز أسبابه وخلفياته.
وإن كان نائب المتحدث باسم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، قد أكد اليوم الخميس، أن فرنسا والمغرب تحرزان تقدما في تنفيذ خارطة الطريق المشتركة "الطموحة"، وأن المحادثات بين وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، ونظيره المغربي، ناصر بوريطة "سمحت بإحراز مزيد من التقدم في تنفيذ الأجندة السياسية وخارطة الطريق المشتركة الطموحة التي نتقاسمها مع المغرب"، فإن بعض الملفات مازالت تحتاج لجهد كبير من أجل تجاوز تردد باريس الحسم النهائي فيها، من بينها الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء، والوضوح في التعامل مع الملف داخل أروقة الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي، هذا في الوقت تم الحسم في ملف نقل طائرات الميراج 2000-9 الإماراتية إلى المغرب بعد تردد كبير من طرف إدارة إيمانويل ماكرون.
ووفق معطيات حصرية حصل عليها موقع "الصحيفة"، فإن نقل 30 طائرة من طراز "Mirage 2000-9" إماراتية إلى المغرب كان يواجه معارضة فرنسية، ويحتاج إلى تأشير باريس وفق عقد البيع الأولي الذي كان بين أبو ظبي وفرنسا الذي يمنع نقل هذه الطائرات إلى طرف ثالث إلى موافقة الدولة المصنعة وهي فرنسا.
وتعد طائرات "Mirage 2000-9" التي قررت الإمارات منحها للمغرب في إطار التعاون العسكري بين البلدين هي الأحدث وآخر نسخة تم تصنيعها من هذا النوع خصيصا للقوات الإماراتية الجوية، حيث تتمتع بقدرات عالية وتكنولوجيا حديثة يستعان بها في تنفيذ الهجمات الجوية العالية الدقة، وهو ما جعل نقلها إلى المغرب ضرورة ملحة لتعزيز قواته الجوية في ظل التوترات الإقليمية.
ووفق ذات المعطيات الحصرية لموقع "الصحيفة"، فإن من بين الملفات التي كانت مطروحة بين وزيري خارجية البلدين كان التأشير الفرنسي على صفقة طائرات "Mirage 2000-9" وهو ما وافقت عليه باريس أخيرا بعد أن أصرت أبو ظبي على اتمام نقل هذه الطائرات إلى المغرب اثر توقيعها على صفقة اقتناء 80 مقاتلة من طائرات "رافال" الهجومية العسكرية الفرنسية سنة 2021.
وكان التردد الفرنسي مرده إلى رغبة باريس في إعاة شراء 40 طائراة إماراتية من طراز "Mirage 2000-9" التي تتمتع بقدرات عالية وتكنولوجيا حديثة، ونقلها إلى أوكرانيا لدعم حربها على روسيا، في حين فضلت الإمارات التخلي عن 69 طائراة من هذا الطراز 30 منها للمغرب و39 لصالح مصر.
ومع تصاعد الخلاف المغربي الفرنسي اثر بروز ملفات طفت على السطح منذ سنة 2020، من بينها اتهام المغرب بالتجسس على الرئيس الفرنسي ببرنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي، وما تلاه من محاولة باريس "معاقبة" الرباط على ذلك، بدعم قرارات مضرة بالمملكة داخل هياكل الإتحاد الأوروبي، ثم الهجوم الإعلامي الفرنسي على المغرب بعد رفضه المساعدة من باريس اثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز.. كلها ملفات جعلت من مصادقة باريس على نقل طائرات"الميراج" إلى زبون ثالث وهو المغرب مؤجلة، مما عقد العلاقات أكثر مع الرباط، خصوصا وأن باريس كانت تعمل على استقطاب الجزائر على حساب المغرب طيلة الأربع سنوات الماضية، وتعزز ذلك مع إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون لولاية رئاسية ثانية سنة 2022.
هذا التأجيل في المصادقة على نقل هذه الطائرات إلى المغرب أغضب الرباط كما أغضب أبو ظبي التي بدورها قررت الاحتجاج على إدارة ماكرون ديبلوماسيا، وهو ما جعل فرنسا تعيد ترتيب أوراقها بين العواصم الثلاثة. الرباط- باريس - أبوظبي التي كانت على مدى عقود تشكل تحالفا متينا، قبل أن تبعثره ديبلوماسية ماكرون خلا السنوات الأربع الماضية، وهو ما جعل وزير الخارجية الفرنسي الحالي ستيفان سيجورني يعمل على ترميم هذا التحالف بعد أن تأكد للدولة العميق (الخارجية - الجيش - الاستخبارات) أن خسارة هذا التحالف ستكون مُكلفة، وقد عبر عن ذلك سيجورني أثناء زيارته للمغرب نهاية شهر فبراير الماضي، حينما أكد عزم بلاده "إرساء شراكة استراتيجية ثنائية مع المغرب على أسس متينة، انطلاقا من المقومات التاريخية والإنسانية التي تستند عليها هذه العلاقات، مع الاستفادة من المكاسب المسجلة في إطار هذه الشراكة على مدى عقود".
وإن كان ملف الصحراء، والوضوح فيه من أوليات الرباط، فإن قضية تسليح جيشه لمواجهة التحديات الإقليمية تبقى أولية تسير في نفس المسار، وهو ما يبدو أنه تحقق بخصوص طائرات "الميراج" الإماراتية التي ستعزز القوات الملكية الجوية الملكية بعد صفقة اقتناء 24 مقاتلة حربية من نوع F16 من الولايات المتحدة الأمريكية ستكون جاهزة للتسليم سنة 2026، بقيمة 4,9 مليار دولار أمريكي، وصفقة اقتناء 24 مروحية أباتشي بقيمة مالية بلغت 1.5 مليار دولار، سيتسلمها الجيش المغربي مطلع السنة المقبلة.