خاص ــ هل فجّرت صفقتان بـ 40 مليار سنتيم داخل وزارة الصّحة الخلاف بين اليوبي وآيت الطالب؟
يبدو أن قرار رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، المدعوم بتوصية من وزيرة المالية والاقتصاد، محمد بنشعبون، في إبرام صفقات عمومية دون المرور عبر إعلان طلب العروض في ظل حالة "الطوارئ" قد فتحت الباب على مصراعيه لتمرير صفقات "فائضة" بالملايير تمت تحديدا في وزارة الصحة بدون دراسة جدواها، أو التدقيق في الشركات التي حصلت عليها أو الرجوع لقواعد المنافسة التي تفرز الكثير من التفاصيل قبل رسو أي صفقة على الشركات الفائزة.
وزارة الصحة التي وجدت نفسها في قلب تدبير تداعيات فيروس "كورونا" والنقص الحاد في المعدات الطبية من أجهزة للتنفس إلى الأسرة الخاصة بالإنعاش ثم أجهزة الكشف عن الإصابة بفيروس "كوفيد19" والأسرة الطبية والعديد من المُعدات الخاصة بالتعامل طبيا مع الوضع الوبائي الجديد، كان مُلزما عليها أن تدبر عشرات الصفقات لشراء هذه المعدات بملايير السنتيمات عبر شركات معينة دون الرجوع لأي إعلان لطلب العروض وفق القانون الذي أصدرته الحكومة لتسهيل عملية اقتناء المعدات الطبية في زمن "الطوارئ".
في هذا السياق، خصصت وزارة المالية والاقتصاد 6 مليارات درهم ضختها في ميزانية وزارة الصحة لتدبير جائحة كورونا لاقتناء المعدات الطبية التي تُوافق الحالة الوبائية في المملكة، وهو ما جعل الوزارة تبرم عشرات الصفقات "أغرقت بها المخازن" بمعدات طبية لا يحتاجها المغرب، وكلفت مَلايير السنتيمات من خلال صفقات تم تفويتها لشركات محددة.
صفقة شراء مليون جهاز للكشف السريع عن الإصابة فيروس "كورونا" كانت واحدة من بين صفقات أثير حولها الكثير من النقاش داخل الوزارة، والتي قُسّمت على مرحلتين، كل صفقة مُررت تحت إسم شركة مختلفة، لنفس المالك!
الصفقة الأولى مرت بما يقارب عشرون مليار سنتيم، وهي نفس قيمة الصفقة الثانية (تقريبا)، التي مرت عبر المعهد الوطني للصحة، وهو ما اعتبرته مصادر "الصحيفة" إغراق للمغرب بمعدات طبية لن يحتاجها بما أن عدد الإصابات بفيروس "كورونا" متحكم فيه، ولا يقارن حتى بعدد إصابات حي في إيطاليا، ومع ذلك أبرمت الوزارة صفقات "فائضة" في محاولة لصرف 6 ملايير درهم ضختها وزارة المالية في ميزانيتها.
صفقات أخرى مازالت تثير الكثير من النقاش داخل أروقة الوزارة، أكد مصدر خاص لموقع "الصحيفة" أن محمد اليوبي، مدير مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض، كان له رأي مخالف لإبرامها "لعدم الحاجة إليها" بحكم تتبعه لتطور الوباء داخل المملكة والحاجيات الطبية لتدبير المصابين به، وهو الرأي الذي كان يُخالف وجهة نظر الوزير خالد آيت الطالب المدعوم من كاتبه العام الذي منحه صلاحيات كبيرة للتدبير والإشراف على العدديد من هذه الصفقات.
معطيات مفصلة أكدها مصدر "الصحيفة" أشارت إلى أن قسم التموين داخل الوزارة الذي كان مُكلفا بشراء الأدوية قبل الجائحة، مُنح صلاحيات واسعة للتفاوض المباشر مع شركات بعينها بملايير السنتيمات لشراء المعدات الطبية الخاصة بتدبير فيروس "كورونا"، وهو القسم الذي يتابع كل تفاصيله الكاتب العام للوزارة.
هذه الصفقات وطريقة تدبيرها إضافة لمخلفات عالقة بين خالد آيت الطالب ومحمد اليوبي دفعت الأخير لتقديم استقالته شفهيها إلى الوزير، قبل أن تتدخل العديد من الأطراف في محاولة لثني مدير مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض داخل الوزارة عن الاستقالة، التي تشبث بها، قبل أن يُطلب منه على الأقل تأجيلها أو عدم التخلي عن دوره داخل من خلية المتابعة التي تشرف على التدبير اليومي لوباء "كورونا".
معطيات "الصحيفة" أكدت أن محمد اليوبي رفضه المقترح ومعه الثاني، كما رفض الظهور في الموجز اليومي على القنوات العمومية للإعلان عن الحصيلة اليومية للمصابين بفيروس "كورونا"، هذا في الوقت الذي أكدت مصادر غير رسمية داخل الوزارة أن مديرية الموارد البشرية أو حتى الوزير لم يتوصل إلى حدود مساء اليوم باستقالة اليوبي كتابيا، وهو ما يَعني وجود مساحة مهمة للتفاوض مع الأخير لثنيه عن الاستقالة التي خلفت ردود فعل وانفجار كبير داخل وزارة الصحة التي ستجد نفسها أمام مساءلة كبيرة عن الصفقات التي أبرمتها خلال الجائحة.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :