خطوة الألف ميل تبدأ بالاقتصاد.. المغرب وجنوب إفريقيا يخطوان نحو تعزيز العلاقات الثنائية تدريجياً
شكلت زيارة الوفد الجنوب إفريقي إلى المغرب يوم الإثنين الماضي، بقيادة أوبيد بابيلا، الذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الدولي بالمؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، حزب "مانديلا" الحاكم في بريتوريا، مؤشرا جديدا على وجود تقارب تدريجي بين المغرب وجنوب إفريقيا، بالرغم من الاصطدام الذي يحدث بين الطرفين بين فترة وأخرى في قضية الصحراء.
وأفاد بلاغ للخارجية المغربية، أن الوزير ناصر بوريطة، أجرى مباحثات مع أوبيد بابيلا، حول تعزيز العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا، مشيرة إلى أن بابيلا دعا إلى تكثيف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بلاده والمغرب، ودعا أيضا المقاولات المغربية إلى الاستثمار في جنوب إفريقيا على غرار العديد من الشركات الجنوب إفريقية التي، حسب قوله، موجودة بالفعل في المغرب.
وأشاد بابيلا، وفق المصدر نفسه، بعودة المغرب إلى الدائرة الإفريقية، وهو الفضاء الذي يمكن للبلدين “العمل معا في إطاره لرفع التحديات التي تواجه إفريقيا”، مذكرا في هذا السياق بالدعم الذي قدمه المغرب لنضال جنوب إفريقيا من أجل نيل الاستقلال، مضيفا أن المملكة كانت من بين الدول الأولى التي زارها زعيم جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا سنة 1994 بعد استقلال بلاده من أجل التعبير عن شكره للشعب المغربي لمساهمته في تحرير جنوب إفريقيا واستكشاف سبل تعزيز العلاقات الثنائية.
وتعليقا على هذا الزيارة، قال محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، في حديث لـ"الصحيفة" إنه "بين الفينة والأخرى تظهر إشارات على أن واقع العلاقات بين المغرب وجنوب افريقيا قابل للتحسن، ويمكن أن تسهم العديد من العوامل في انحسار عوامل سوء الفهم والاحتكاك بين البلدين"، مشيرا إلى أنه منذ لقاء الملك محمد السادس برئيس جنوب أفريقيا الأسبق جاكوب زوما سنة 2017 وتبادل السفراء بين البلدين "تعززت الآمال في بعث مسار إيجابي للعلاقات الثنائية".
غير أنه من الناحية العملية، حسب بودن "قد يكون صعبا تحسين العلاقات بين الرباط وبريتوريا بسرعة وشمولية، لكن العديد من المصالح المشتركة، والدور المركزي للبلدين في القارة الإفريقية والمنطقة الأطلسية وحجم التبادل التجاري الذي يقدر بـ 6.4 مليار درهم سنة 2022، تتطلب اتباع نهج الواقعية الجديدة والتوصل لتوافق استراتيجي يتناسب مع السياق الدولي الراهن".
وأشار بودن في هذا السياق، إلى قوة البلدين الاقتصادية في منطقتيهما الجيوسياسية، حيث سبق لوزيرة الخارجية السابقة لجنوب أفريقيا نالندي باندور، أن أكدت على هذا المعطى، حسب قوله، مبرزا أن "دولا إفرريقية عديدة مهتمة بالعلاقات المنتجة مع المغرب لما يشكله ذلك من تأثير إيجابي على الأسواق والتجارة في القارة الأفريقية".
ووفق تصور الخبير محمد بودن، فإن "العوامل الاقتصادية وعوامل القوة الناعمة من شأنها أن تضبط عقارب العلاقات بين البلدين على التبادل والمنافسة البناءة، مما سيفضي إلى التغلب على التناقضات السياسية الناتجة عن موقف جنوب أفريقيا بشأن ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وبالتالي هناك مروحة واسعة من المعطيات التي تصب في سيناريو خلق مناخ ملائم للعلاقات بين أكبر بلدين أفريقيين مستثمرين في أفريقيا".
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :