خُصصت لها استثمارات بقيمة 150 مليون درهم لاستقبال أكثر من 3 ملايين من الجالية المغربية.. "مرحبا"، أكبر عملية عبور في العالم تفرض الاستنفار داخل ميناء طنجة المتوسط
لا تعرف حدود أي دولة في العالم، عملية عبور منظمة للمهاجرين كتلك التي تشهدها المعابر الحدودية المغربية المختلف سنويا من شهر يونيو إلى منتصف شهر شتنبر، فالأمر يتعلق بعبور ما بين 3 إلى 3,5 ملايين شخص خلال مدة 3 أشهر قادمين من مختلف الدول الأوروبية، في عملية يلعب فيها ميناء طنجة المتوسطي الدور الرئيسي، الأمر الذي يتطلب استعدادات غير عادية تُحول المركب المينائي، وتحديدا ميناء المسافرين، إلى خلية نحل، سعيا وراء إتمام "عملية مرحبا" في أفضل الظروف.
إنها أكبر عملية للعبور في العالم، والأرقام تؤكد ذلك، فإذا كان عدد العابرين سنة 2022 هو 3 ملايين و81 ألفا، حسب أرقام مؤسسة محمد الخامس للتضامن، فإن 52 في المائة منهم يختارون الموانئ، وبالدرجة الأولى ميناء طنجة المتوسط، الذي يستقبل سنويا نصيب الأسد من القادمين عبر المعابر البحرية لدول إيطاليا وفرنسا، وخصوصا إسبانيا عبر ميناء الجزيرة الخضراء، سواء كانوا راجلين أو أصحاب سيارات أو من المسافرين عبر الحافلات، ثم يعود لاستقبالهم في رحلات الإياب.
عملية "مرحبا 2023"
لمعرفة حجم العمل الذي ينتظر ميناء طنجة المتوسطي هذه السنة، يكفي الرجوع إلى أرقام سنة 2022، التي شهد موسمها الصيفي عودة عملية "مرحبا" بعد توقف امتد لسنتين فرضته جائحة "كوفيد 19"، حيث استقبل المركب المينائي ما يزيد عن 1,35 مليون مسافر، وأكثر من 342 ألف عربة، وكان الميناء يشهد يوميا تحرك 17 سفينة للرحلات القصيرة والطويلة في المتوسط، مع استقبال 40 ألف شخص و10 آلاف سيارة.
وخلال العملية التي انطلقت الأسبوع الماضي، سيستقبل الميناء 13 عبارة للمسافات القصيرة، تربطه بميناء الجزيرة الخضراء، يبلغ إجمالي طاقتها الاستيعابية مجتمعة 45.529 شخصا و12.357 سيارة، بالإضافة إلى 5 سفن للرحلات الطويلة، 4 منها تابعة لشركة واحدة تتولى ربط ميناء طنجة المتوسط بموانئ مارسيليا وسيت في فرنسا وجنوى وتشيفيتافيكيا في إيطاليا وبرشلونة في إسبانيا، بسعة إجمالية تصل إلى 9635 شخص و3212 عربة، أما الشركة الثانية فتربط بين الميناء المغربي وميناء برشلونة الإسباني، وتبلغ سعتها 2541 شخصا و2800 سيارة.
ويمكن للمسافرين التواجد في عدة مواقع بالميناء، منها منطقة ولوج السيارات عبر البوابة رقم 3، حيث يمكن التعامل مع 500 سيارة في الساعة، وهي تتوفر على 7 مكاتب لبيع التذاكر و10 منافذ لتسجيل الوصول دون الحاجة للخروج من السيارة و6 وكالات بنكية ومكتب للمعلومات، بالإضافة إلى العشرات من نقط الشرطة والجمارك وجهازين للسكانير المتحرك، أما منطقة المراقبة الحدودية عبر البوابة 2، ففيها أيضا يمكن إتمام إجراءات 500 سيارة كل ساعة، وتتوفر على 34 نقطة للشرطة و14 للجمارك وجهاز سكانير متحرك ومقصورة للمراقبة وفضاءات مضلَّلة وغيرها.
والمحطة المينائية التي تستقبل المسافرين الراجلين والقادمين عبر الحافلات، تتوفر على 7 مكاتب لبيع التذاكر، و3 قاعات للطعام، و4 وكالات بنكية و4 أجهزة للصرف الآلي، و10 مكاتب للشرطة خاصة بختم الجوازات و8 وحدات لفحص الأمتعة عن طريق السكانير، بالإضافة إلى خلية طبية تعمل على مدار 24 ساعة وسيارة إسعاف ومتجر للتسوق بالإضافة إلى قاعات الصلاة والحمامات وغيرها، في حين أن منطقة ما قبل الإركاب التي تصل طاقتها الاستيعابية لـ3061 سيارة مع 600 موقع إضافي عند توسيعها في فترات الذروة، فتتوفر على 8 أرصفة، وتحتوي على العشرات من المرافق الخاصة بالاستراحة والأكل والصلاة والنظافة والاستعلام والشحن واللعب بالنسبة للأطفال.
تخصيص استثمارات بقيمة 150 مليون درهم لعملية "مرحبا" لسنة 2023
بخصوص عملية مرحبا 2023، تم تخصيص استثمارات بقيمة 150 مليون درهم، وتم تقسيم الاستعدادات إلى 4 مراحل، الأولى هي الفترة المشار إليها باللون الأخضر، حيث يكون عبور المركبات الخفيفة في حدود 200 مركبة كحد أقصى في الساعة، مع زمن انتظار لا يزيد عن ساعتين، وتتضمن خطة العمل هذه تقوية أسطول السفن من لدن مديرية التجارة البحرية الفاعلين في المجال، وتعميم تقويم التوقعات الخاصة بحركة المرور على مختلف المعنيين، وتجهيز مواقف السيارات والمركبات، وتثبيت هياكل للتظليل المؤقت لمناطق الانتظار، وهي أشغال تتكفل بها السلطات المينائية، ثم تعزيز حضور عناصر الأمن والجمارك والسلطات المحلية والهيئة المينائية ومختلف مقدمي الخدمات.
أما الفترة الثانية، فهي المشار إليها باللون البرتقالي، حيث تعبر يوميا ما بين 201 و250 عربة، مع زمن انتظار يتراوح ما بين ساعتين و4 ساعات، وتتوسع الاستعدادات هنا لتشمل تعزيز حضور عنصر الشرطة والجمارك بشكل أكبر في مختلف مواقع العبور والمراقبة، وخصوصا البوابة 2 والبوابة 3 ومناطق الإركاب، بما يضمن حدا أدنى من المنافذ لا تقل عن 12 وحدة، إلى جانب الرفع من عدد العاملين بوكالات النقل على مستوى المناطق المعنية بتدفقات أفراد الجالية، كما سيتم اعتماد منصات إعلامية تشمل الإعلانات الصوتية الموجهة للركاب خلال فترة الانتظار، مع إخطار شركات النقل البحري لبرمجة رحلات إضافية.
والفترة الثالثة هي المشار إليها باللون الأحمر، وتعني الاقتراب من مرحلة الذروة، وهي حين يتم التعامل يوميا مع ما بين 351 و500 عربة، وتتراوح مدة انتظار المسافرين ما بين 4 و8 ساعات، وهي متوقعه خذه السنة بالنسبة للقادمين إلى المغرب ما بين 24 و27 يونيو، وأيام 15 و16 و21 و28 يوليوز، وخلال الأيام الثلاثة الأخيرة من الأسبوعين الأولين لشهر غشت، أما بالنسبة للمغادرين فتُتوقَّع انطلاقا من 11 غشت وإلى غايت 10 شتنبر، مع ضغط أكبر خلال منتصف هذه المدة.
وهنا تضاف للإجراءات السابق ذكرها في المرحلتين الأولى والثانية، إجراءات أخرى مثل تفعيل إمكانية تبادل تذاكر السفر بين شركات الملاحة البحرية، وتشغيل إجراء تنظيم السيارات في مناطق الاستراحة والانتظار خارج الميناء، والمداومة في عملية مراقبة وتيرة الوصول بتنسيق مع مؤسسة الطرق السيارة بالمغرب، والتنسيق أيضا مع هيئة ميناء خليج الجزيرة الخضراء لمراقبة تطور الوضع على الضفتين وكذا لتعزيز وسائل المراقبة بنقط الشرطة والجمارك من أجل السماح للسفن بتنظيم العدد الأقصى من الرحلات ذهابا وإيابا بشكل يومي، وتخصيص مسار محدد لولوج الرحلات الليلية، وإتاحة إمكانية تسجيل السيارات في البوابة الثالثة وإدارة عمليات ما قبل الإركاب من طرف عناصر السلطات المينائية.
وفي هذه المرحلة أيضا يتم فتح إجراءات ما قبل الإركاب بشكل حصري لسيارات الركاب، وإنشاء مساحات خاصة لتخزين الشاحنات المخصصة للتصدير، مع تجهيز حافلات من قبل السلطات المينائية في منطقة الاستراحة التابع لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، حيث يجري إتمام عمليات التسجيل والحجز وتوزيع تذاكر الركوب بواسطة عناصر الميناء المتوسطي، مع مراقبة صعود الركاب بتنسيق مع شركات الملاحة وتوفير المساعدة والدعم اللازمين للمسافرين، وافتتاح مرافق صحية إضافية ومواقع جديدة للاستراحة.
والفترة الرابعة من خطة عمل ميناء طنجة المتوسط خلال عملية "مرحبا"، هي مرحلة الذروة القصوى المُشار إليها باللون الأسود، حيث يتجاوز عدد السيارات المُتعامَل معها 500 سيارة، وتصل مدة الانتظار إلى 8 ساعات، وهذه الفترة متوقعة سنة 2023 أيام 22 و23 و29 و30 يوليوز بالنسبة للقادمين، وأيام 25 و26 و29 و30 و31 غشت و1 و2 شتنبر بالنسبة للمغادرين.
وفي هذه المرحلة يتم منع سفن المسافرين من شحن أي نوع من البضائع وتوجيهها إلى سفن خاصة معدة لهذا الغرض يتم التصريح بخروجها بين وقت وآخر، مع فتح البوابة الأولى لتجهيز مركبات المسافرين للمغادرة من الميناء المتوسطي على السفن المخصصة للمسافات الطويلة، وإغلاق بوابات دخول الميناء 2 و3 بمجرد وصول نسبة امتلاء الميناء إلى 80 في المائة، ولا تتم إعادة فتحها إلا بالتنسيق مع باقي المناطق عند إخلاء أماكن وقوف السيارات، كل ذلك مع تفعيل خطة إدارة الأزمات والتنسيق مع اللجنة المكلفة لاتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع تطورات وضع.
إجراءات برية وبحرية وخارج الحدود
ومع انطلاق عملية مرحبا، شرعت سلطات ميناء طنجة المتوسطي مع مختلف شركائها في العديد من الإجراءات على المستويين البري والبحري، بما يشمل، برًا، دخول مواقع الخدمات الخاصة بمراقبة المسافرين على متن المركبات حيز الخدمة، وتعزيز التشوير وتركيب نظام صوتي تكميلي للميناء، وإطلاق خدمة WIFI لعامة الناس بما يغطي كامل محيط الميناء، بالإضافة إلى تعزيز معدات الموانئ وتوفير الحافلات للراجلين وعربات للأمتعة وكراسي وطاولات، بالإضافة إلى تعزيز النظام الصحي واستقبال تدعيمات من القوات المساعدة والوقاية المدنية.
أما على الأرصفة البحرية فقد تم حجز موقعين بميناء طنجة المتوسطي 1 للسماح بتوقف السيارات ليلا، وتفعيل المراقبة التلقائية للسفن لتفادي أي احتمال للحوادث، بالإضافة إلى توزيع مواقع الرسو على السفن بطريقة منصفة حيث يتم تخصيص مرسى لكل سفينتين بالتناوب حسب الشركة التي تملكها، كما أن السلطات المينائية تدخل على الخط لإدارة عملية تبادل التذاكر خلال مرحلة العودة ما بين 22 غشت وفاتح شتنبر، وتساعد أيضا على إتمام تدقيق بيانات الركاب داخل الحافلات وإعطائهم المعلومات والتوجيهات الضرورية.
وخلال هذه الفترة يتم تفعيل آلية التنسيق مع سلطات ميناء الجزيرة الخضراء، بما يشمل تحديد زمن تفريغ السفن في الميناء الإسباني في ساعة ونصف، وتحديد مدة تحميل السفن بميناء طنجة المتوسطي في المدة نفسها، مع وضع جدولة خاصة للسفن القادمة من إسبانيا وتحديد وتيرة الإقلاع في سفينة على رأس كل ساعة من الميناء المغربي، بالإضافة إلى الرفع من حضور الشرطة في ميناء الجزيرة الخضراء عبر 13 مركزا بدل 8، والتقييد المتبادل لعملية شحن البضائع في الاتجاهين.
ولتفادي أي مفاجآت أو حوادث خلال هذه الفترة، يتم تفعيل مجموعة من البروتوكولات الخاصة بالحالات الطارئة، ففي حال ما تم رصد مسافر مريض أو يشكل خطرا على الصحة، يتم تشخيصه من طرف الوحدة الطبية لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، ويحظى بمعاملة تفضيلية تتيح للمريض العبور من ممر خاص يقوده باتجاه نقاط مراقبة الشرطة أو الجمارك، وإذا كان على متن سيارة يوضع عليها ملصق خاص يشير لوضعه الاستثنائي يشير إلى أن الأمر يتعلق بحالة طبية طارئة، كما يتوفر الميناء على إجراءات خاصة في حال رفض إركاب النساء الحوامل بحيث يحظين بمعاملة خاصة ويتم إلغاء جميع الإجراءات وإعادة التذكرة لها.
ويتوفر الميناء على بروتوكولات أخرى تتعلق بكل المفاجآت المحتملة، مثل سوء الأحوال الجوية التي تؤثر على وتيرة الرحلات البحرية، حيث يسمح للراكبين بتغيير مواعيد رحلاتهم دون تكاليف إضافية أو استرداد قيمتها بالكامل مع تمكينهم من شراء تذكرة جديدة، ثم توجد إجراءات الركاب المتأخرين، والذين يُمكنون من تغيير مواعيد رحلاتهم باستبدال التذكرة الملغاة بأخرى جديدة دون تكلفة إضافية، وهو الإجراء المتبع أيضا في حال وقوع عطب في سيارة أحد المسافرين.
وتشمل خارطة الطريق الخاصة بعملية مرحبا خطة لتدبير الأزمات، خصوصا المرتبطة بفترة الذروة المصحوبة بطول ساعات الانتظار، ولهذا الغرض أعدت السلطات المينائية نظاما خاصة لتلبية احتياجات المسافرين عند تجاوز مدة الانتظار 3 ساعات، تتضمن توفير 6 مساحات تخزين مبردة حجمها الإجمالي 360 متر مكعب، و60 عنصرا يتولون عمليات التوزيع مع 6 سيارات، خلال فترة عمل تمتد من 7 صباحا إلى الواحدة بعد منتصف الليل.
وتوفر هذه الخطة مخزونا آمنا من الأطعمة وقنينات المياه المعدنية يتم تحديثها كل 24 ساعة، بما يضمن وجود 100 ألف قنينة من المياه و30 ألف وحدة من الخبز، و10 آلاف عبوة من البسكويت و10 آلاف عبوة عصير، والتي يتم توزيعها على 5 نقط ثابتة في جميع مناطق استقبال الركاب، كما يتم دعم كل المناطق المرتبطة بحركة المرور بوحدتين متنقلتين للتخزين والتبريد بسعة 120 متر مكعب.
استثمارات للتحديث والتطوير
ومن بين الاستثمارات المخصصة لعملية مرحبا 2023، تلك التي تهم نظام مراقبة الحدود، التي كلفت غلافا ماليا بقيمة 26,55 مليون درهم، من أجل اقتناء جهاز سكانير متحرك جديد، ورفع قدرة عمليات الفحص بواسطة المسح الضوئي إلى 7 عربات عبر البوابة 3، مع شراء 20 كلبا للمراقبة، وتحديث وتركيب أجهزة OCR الضوئية لقراءة الحروف الخاص بالمراقبة الجمركية على البوابتين 2 و3، ورفع قوة التيار الكهربائي بالبوابة 3.
أما في المنطقة الخاصة بدخول الراجلين والمسافرين عبر الحافلات، فتم تعزيزها بأجهزة فحص جديدة للأمتعة، بالإضافة إلى تعزيز المراقبة بالكاميرات في منطقة ميناء طنجة المتوسط للمسافرين، مع تهيئة واقتناء المعدات الخاصة بالمراقبة والتنسيق بمحطة الركاب.
وبخصوص الخدمات الخاصة بالركاب، فقد كلفت استثمارا بقيمة 14,08 مليون درهم، شملت فضاءات الاستراحة وأماكن الطعام، والفضاءات الصحية والحمامات وأماكن الصلاة، كما تضمنت إنشاء محطة لشحن السيارات الكهربائية وأماكن الركن المظللة، بالإضافة إلى مواقع للراحة والاسترخاء وتوفير حاويات للتخزين والتبريد وشاحنات لبيع المأكولات وغيرها.
وفي مجال الإعلام والتواصل جرى تخصيص 36 مليون درهم لتجويد خلية المعلومات وإذاعة طنجة المتوسط، مع تقوية النظام الصوتي، وتحسين نظام عمل شاشات بث الرسائل، وتركيب جهاز جديد، عبارة عن شاشة عرض ديناميكية لتدبير مسارات الدخول عبر البوابة 2، وتقوية نظام الإشارات في المحطة المينائية وميناء الركاب، كما يتوفر الميناء حاليا على مكتبين للمعلومات والمرافقة وخدمات الإرشاد عبر الهاتف، إلى جانب وجود موقع إلكتروني خاصة بميناء المسافرين، باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، إلى جانب خدمات الإنترنت الرسائل النصية المجانية ورسائل البريد الإلكتروني المرتبطة بعناوين أكثر من 100 ألف شخص و500 جمعية تمثل الجالية المغربية المقيمة في الخارج.