دعوى قضائية ضد "إلموندو" بعد تحقيق عن "تجسس المغرب" على إسبانيا
بعد أن أصدر الصحافي الإسباني إغناسيو سامبريرو مؤلفا بعنوان "El gente Oscuro" أو يمكن ترجمته إلى العربية بـ "العميل المظلم" يروي فيه مذكرات عميل استخباراتي إسباني كان يشتغل لصالح المخابرات منذ الثمانينات، واستطاع (حسب سيمبريرو) أن يخترق أحزابا يسارية في إسبانيا، ثم مجموعات راديكالية إسلامية، ونجح في نسج علاقات متينة مع أفراد من المخابرات المغربية وديبلومسييها، وحصل على "أسرار حساسة" فيما يخص تجسس المخابرات المغربية على حوالي 4 مليون مغربي يتواجدون خارج التراب المغربي، خاصة المجموعات الإسلامية.
عاد الصحافي الذي يشتغل في صحيفة "إلموندو" الإسبانية، ليُقلب في "خفايا" ما وصفهم بـ"عملاء" المخابرات المغربية التابعين لجهاز "لادجيد"، الذين يتلقون تمويلا بشكل غير مباشر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ويشرف عليهم مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي يرأسه، عبد الله بوصوف.
الصحافي الإسباني الذي يقدم نفسه أنه متخصص في الشؤون المغاربية، أورد معطيات كثيرة في مقاله المنشور في صحيفة "إلموندو" أمس الثلاثاء، من بينها أن جهاز المخابرات الخارجية "لادجيد"، الذي يديره ياسين المنصوري، كان يسير شبكة من عملائه عن طريق تمويلات بملايين الأوروهات، تمر عبر قنوات عديدة منها وكالة أسفار تحت إسم" Aya Travel" توجد ببرشلونة، أنشئت لهذا الغرض، وتملك زوجة، عبد الله بوصوف، رئيس مجلس الجالية المغربية في الخارج، أسهما فيها رفقة أسماء مغربية أخرى، ذكرها سيمبريرو في تحقيقه بـ"إلموندو".
المقال الذي جاء بعد أن أصدر سامبريرو كتابه الذي أفرد جزء كبير منه للمساحات التي تشتغل فيها المخابرات المغربية في إسبانيا، أشار إلى أن "لادجيد" أنشأت العديد من الجمعيات، و"جندت" العديد من الأئمة، في المساجد بمنطقة كاتالونيا التي تضم أزيد من 218 ألف مغربي، من أجل التحكم في المجال الديني في إسبانيا، وبمطقة كاتلونيا تحديدا، عبر العديد ممن وصفهم سيمبريرو بـ"العملاء"، وذكر بعضهم بالإسم، كما نشر بعض الصور التي تخص أسماء مُتهمة بـ"التجسس" لصالح المغرب، أو المكلفة بتجنيد وتدبير شبكة التجسس المغربية في برشلونة، ومنطقة كاتالونيا.
في هذا السياق، علمت "الصحيفة" أن السلطات المغربية تتجه إلى رفع دعوة قضائية في حق الصحافي إغناسيو سامبريرو لدى المحكام الإسبانية، بخصوص نشره لمقال فيه "الكثير من المغالطات" إضافة إلى "التشهير والقذف"، في حق مؤسسات مغربية من بينها "مَجلس الجالية المغربية"، ورئيسه، وزوجته، مع محاولة الصحافي الإسباني المشتغل في صحيفة "إلموندو" استهداف المملكة المغربية بـ"صناعة قصص هيتشكوكية"، بعيدا كل البعد عن الواقع.
المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" أكدت أن العديد مِمَا جاء في "تحقيق" سامبريرو، "وهمية"، منها رقم معاملت وكالة الأسفار Aya Travel التي تتبث المعطيات المالية التي تخصها أنها لا تتجاوز 49 ألف أورو كرقم معاملات خلال سنتين، وليس ما أورده سيمبريرو في "تحقيقه"، كما أشارت المعطيات أن الحديث عن أن نور الدين الزياتي، "رئيس المراكز الثقافية الإسلامية" في كاتالونيا قد تحصل على مبلغ مالي يفوق مليوني أورو من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يدخل في سياق "الهراء".
في سياق متصل أكد مصادر "الصحيفة" أن التعاون الاستخباراتي بين إسبانيا والمغرب يتم وفق قاعدة "العلاقة الواضحة"، وهو ما يجعل العديد من المسؤولين الإسبان يشيدون بالمعطيات الاستخباراتية التي توفرها المخابرات المغربية، لتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، وكذا اعتقال ومتابعة العصابات الإجرامية سواء فيما يتعلق بتجارة المخدرات أو الإجرام العابر للحدود أو فيما يتعلق بالاتجار في البشر عبر شبكات الهجرة السرية.
مصادر "الصحيفة" أشارت أيضا إلى أن قواعد اشتغال أجهزة الاستخبارات والعملاء التابعين لهذه الأجهزة تكون معلومة عند الدول المستصيفة، وفق قواعد ثابتة، كما أن الضباط التابعين للاستخبارات يكونون ملحقين بالسفارات ولبعصات الديبلوماسية بوثائق مكشوفة عند الدولة المستضيفة، وبالتالي ما ذكره "تحقيق" سيمبرريو هو تصوير لـ"عرض هوليودي" بعيد كل البعد عن الواقع. حسب وصف مصدر "الصحيفة".
وجدير بالذكر أن نور الدين الزياتي الذي ذكره تحقيق سيمبريرو على أنه أحد "جواسيس" المخابرات المغربية، كانت اسبانيا قد قامت بطرده من على أراضيها سنة 2013، بنص تهم يَضم "تعريضه للأمن القومي الإسباني للخطر بسبب دعم الإسلام السلفي، وكذلك تنظيم تظاهرات لصالح مغربية الصحراء، كما تضمن محضر الاتهام أن الزياني ساهم في تنظيم تظاهرات للدفاع عن مغربية الصحراء في مدينة غرناطة خلال القمة الأوروبية ـ المغربية في مارس 2010".
وفي الوقت الذي يتهم سامبريرو في تحقيقه الزياتي بأنه رجل المخابرات المغربية الذي طردته إسبانيا، فإن صك الاتهام الذي قدمته السلطات الاسبانية لم يشر بالقطع إلى ذلك، بل إن سكرتير التنظيم في حزب "الوفاق الديمقراطي الكتالاني"، حينها، جوسيب رول أكبر الأحزاب الكتالانية والمتزعم لحكومة الحكم الذاتي، في وقته، أكد "أن ما يحصل للزياني يجب أن يكون محل رفض ليس فقط من طرف حزب سياسي، بل من طرف المجتمع ضد أولئك الذين يعتقدون أنه يمكن من خلال التهديد وقف مشروع استقلال كتالونيا".
ويؤكد هذا الحزب أن الزياني انخرط في تنظيم محاضرات في مساجد كتالونيا تبرز مزايا استقلال كتالونيا عن اسبانيا وهو ما لم يتم التسامح معه من طرف اسبانيا المركزية. وهو خلاف ما جاء في تحقيق "إلموندو".
هذا في الوقت الذي كانت وكالة "أوروبا برس"، ونقلته صحيفة "القدس العربي" قد نشرت تصريحا لألفرد بوش عن حزب اليسار الجمهوري الكتالاني قال فيه إن"اعتقال وطرد الزياني هو انتقام من شخص عمل لصالح السيادة الكتالانية، واذا تأكد لنا ذلك سنعمل كل ما في وسعنا للدفاع عنه وتبني قضيته".