رحيل هنري كيسنجر.. الرجل الذي أقنع الحسن الثاني بعدم شن حرب على إسبانيا في الصحراء وحث الرباط ومدريد على التفاوض
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية يوم الخميس، وفاة هنري كيسنجر، الرجل الذي شغل منصبي مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية في عهدي الرئيسين الأمريكيين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، في سبعينيات القرن الماضي، بعدما بلغ من العمر 100 عام.
وقالت المؤسسة الاستشارية التي تحمل اسم هنري كيسنجر، أن وفاته بالتوقيت الأمريكي حدثت أمس الأربعاء، ليُعلن العديد من المسؤولين الأمريكيين عن نعييهم لكسينجر الذي يُعتبر من أشهر الديبلوماسيين الأمريكيين، والشخص الذي لعب دورا هاما في العديد من الاحداث، خاصة في الشرق الأوسط وحرب أكتوبر 1973 بين إسرائيل ومصر وسوريا.
وقالت وكالة الأنباء العالمية "رويترز" أن كيسنجر الحائز على جائزة نوبل للسلام ترك بصمة لا تمحى على السياسة الخارجية الأميركية، خاصة لجهوده في ثلاثة مجالات هي إخراج أميركا من حرب فيتنام، وفتح العلاقات الدبلوماسية مع الصين، وتقليل التوترات مع الاتحاد السوفياتي.
غير أن من بين القضايا التي سجلت أيضا تحركات هامة لهنري كيسنجر خلال فترته كوزير للخارجية الأمريكية بين 1973 و1977، هي قضية الصحراء المغربية، والتحركات التي قام بها من أجل تفادي نشوب أي صراع عسكري في المنطقة بين المغرب من جهة ودول أخرى من جهة أخرى، وأبرزها إسبانيا والجزائر، إضافة إلى جبهة البوليساريو الانفصالية.
وحسب ما كشفته وثائق سرية لوزارة الخارجية أو للمخابرات الأمريكية تم رفع السرية عنها بعد مرور 25 عاما، في السنوات الأخيرة، فإن كيسنجر لعب أدوارا مهما لنزع فتيل نشوب حرب بين المغرب والجزائر وبين المغرب وإسبانيا، خاصة أن ذات الوثائق تشير إلى أن كيسنجر تلقى في أكتوبر 1975 تقريرا من المخابرات الأمريكية يشير إلى أن المغرب يستعد للقيام بتدخل عسكري في الصحراء التي كانت حينها لازالت تحت الاستعمار الإسباني.
ووفق نفس التقارير، فإن كيسنجر بعد التوصل بتلك المعلومات التي كانت تشير إلى تهديد نشوب مواجهات عسكرية متعددة الجبهات من طرف الجيش المغربي، من جهة مع الجيش الإسباني الذي لم يكن قد انسحب بعد من الإقليم، ومن جهة أخرى مع مسلحي جبهة البوليساريو والجيش الجزائري الذي كان يتمركز في مواقع متاخمة للإقليم الصحراوي.
وتقول الوثائق الأمريكية، أن كيسنجر بعث عن طريق السفارة الأمريكية في الرباط، ببرقية عاجلة إلى العاهل المغربي أنذاك، الحسن الثاني، أعرب له فيها عن قلقه من العمل العسكري "الوشيك" في الصحراء، وتوجه للملك بـ"نصيحة قوية"، بالتراجع عن تلك الخطوة، وأكد له بأنه سيلتقي وزير الخارجية الإسباني بيدرو كورتينا ويبحث معه عن "حل مرض للطرفين".
وتكشف وثيقة أخرى مؤرخة بنفس التاريخ، أن كيسنجر أطلع وزير الخارجية الإسباني عن هجوم عسكري محتمل من طرف المغرب، لكنه أخبره بأنه حث الملك الحسن الثاني على التفاوض مع إسبانيا بشأن الصحراء، فكان رد الوزير الإسباني "نحن مستعدون للقيام بذلك، وقلنا إننا سنفعل ذلك".