رويترز: مصر على المحك بعد أول احتجاجات مناهضة للسيسي منذ سنوات
تسلط الاحتجاجات المتفرقة التي شهدتها مصر في الأيام القليلة الماضية الضوء على احتمال أن يواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي معارضة على نطاق أوسع مدفوعة بشكاوى من التقشف الاقتصادي واتهامات بالفساد على المستوى الحكومي.
وخرج بضع مئات فقط إلى الشوارع في القاهرة ومدن أخرى يوم الجمعة الماضي وهتفوا قائلين "ارحل يا سيسي"، بعد أن نشر ناشط سلسلة مقاطع فيديو يتهم فيها الحكومة بالفساد نالت اهتماما على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان الانفجار النادر للغضب كافيا للإضرار بصورة الاستقرار في مصر تحت قيادة السيسي الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 في أعقاب احتجاجات حاشدة على حكمه. وانزعج المستثمرون من دعوة تطالب بمزيد من الاحتجاجات يوم الجمعة وسط تراجع سندات مصر الدولارية وضياع المكاسب التي حققها المؤشر الرئيسي للأسهم عام 2019 خلال ثلاثة أيام فحسب.
في الوقت نفسه اعتقلت السلطات المئات من المشتبه بهم. وكثفت قوات الأمن تواجدها في الميادين الرئيسية في المدن الكبرى وتقوم بعمليات تفتيش مفاجئة على الهواتف بحثا عن محتوى سياسي. ووجه السيسي، الموجود حاليا في نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتهاما غير مباشر لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة بإثارة الاحتجاجات قائلا إن اللوم يقع على ما سماه "الإسلام السياسي".
ويقول محللون إنه لن يكون من السهل كبح المعارضة من دون معالجة أسبابها الاقتصادية والسياسية. ولا يثق كثير من المصريين في وعود الحكومة بعد ثلاثة أعوام من التقشف المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي مقابل قرض بقيمة 12 مليار دولار. ومنذ ذلك الحين طبقت مصر ضريبة القيمة المضافة وخفضت قيمة العملة ورفعت أسعار الكهرباء والوقود.
ما زال السيسي يحظى بشعبية بين كثير من المواطنين العاديين نتيجة استقرار الأوضاع في مصر بعد أن أدى سقوط حكم حسني مبارك في 2011 إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب ووصول المالية العامة إلى حافة الانهيار.
لكن الإجراءات التقشفية التي رافقتها حملة على المعارضين زادت الضغوط على الكثير من الأشخاص. وارتفع عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 32.5 في المئة في السنة المالية 2018/2017 بعد أن كانت النسبة 27.8 في المئة قبل عامين.
وقال محمد زارع من معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان غير الحكومي "ما حدث تحذير خطير للغاية. الوضع ليس تحت السيطرة بالكامل“. وأضاف إن معظم الناس التي خرجت إلى الشوارع ليسوا أعضاء بأحزاب سياسية منظمة ”مما يوضح مدى الغضب العام".
ويقول محللون إن المحتجين يفتقرون إلى القيادات والانتماءات السياسية والتنسيق. وأضافوا أن الحشود عفوية مما يجعل من الصعب السيطرة عليها. وقالت ميشيل دون مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "ليس واضحا الآن إن كانت الاحتجاجات ستتصاعد أم ستنحسر.. ولكن إن لم تكن هذا الأسبوع فسوف تعود الاحتجاجات على الأرجح في الأسابيع والشهور القادمة".
وقال عدة سكان بالقاهرة إن صعوبة الحياة هي الدافع وراء الاحتجاجات وإنهم قد يشاركون فيها إذا ما تأكدوا من مشاركة أعداد كبيرة وذلك من أجل سلامتهم. وقال سائق يدعى عبد الله "الأمر يتوقف على حجم الاحتجاج. إذا شارك الكثير من الأشخاص فقد أشارك أيضا". وأضاف "إذا كانت الأعداد صغيرة للغاية فهذا ليس آمنا تماما" واستطرد قائلا "طفح الكيل بالناس".