سفيرة المغرب في إسبانيا تؤكد التزام الرباط "بكل بنود خارطة الطريق مع مدريد".. وأن "مَشاكل فنية وتقنية" هي ما تمنع فتح جمارك تجارية مع سبتة ومليلية
عاد المغرب، ليبعث إشارات الطمأنة لنظرائه الإسبان بخصوص افتتاح الجمارك التجارية في كل من سبتة ومليلية المحتلتين، مؤكدا عدم تملّصه من بنود خارطة الطريق الموقعة بين المملكتين، كما تدّعي ذلك المعارضة اليمينية التي لا توفّر جهدا في سبيل الضغط على حكومة سانشيز واستعمال هذا الوضع كورقة ضغط سياسية، وذلك تزامنا مع واقع تجييش اتحادات رجال الأعمال في المدينتين المحتلتين ضد المغرب، وارتفاع المطالب لاتخاذ إجراءات "حازمة" في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعرفها سبتة ومليلية.
وهذه المرة، جاء الجواب على لسان السفيرة المغربية في مدريد، كريمة بنيعيش، التي أكدت في تصريحات لصحيفة "البيريوديكو دي إسبانيا"، بأن الجمارك البرية الحدودية ستفتح بعد تجاوز "المشاكل فنية" التي أخرت وفاء المغرب بتعهد فتح الجمارك التجارية في كل من سبتة ومليلية.
وعلى الرغم من أن الدبلوماسية المغربية، لم تُحدد بالضبط موعد فتح هذه الجمارك التجارية التي يُراهن عليها رجال الأعمال في المدينتين المحتلتين لتحريك عجلة الاقتصاد الراكدة، إلا أنها أبدت إصرارا واضحا بأنها ستُفتح في نهاية المطاف، عندما تتمكن الرباط من حلحلة المشاكل التقنية التي تشوّش على تنفيذ الاتفاق المبرم قبل سنتين مع إسبانيا تنزيلا لخارطة الطريق الموقعة بين المملكتين، وبالتالي فإن تدشين المكتبين الجمركيين سيتحقق لا محالة.
وأشارت السفيرة المغربية، إلى أن حركة البضائع التي أدت إلى ظهور رقم "الحمّالين" والتهريب المعيشي اختفت مع أزمة العلاقات بين البلدين، وهو ما يضع المملكتين أمام مسؤولية واضحة لتجنب هذه المواقف "التي عفا عليها الزمن"، وبالتالي سيكون من الضروري أن تسهر على" القيام بالأمور بأفضل طريقة ممكنة، لتنفيذ وتنزيل هذا القرار".
وشددت السفيرة المغربية، على أن الرباط تحترم خارطة الطريق التي وقعتها مدريد والرباط في 2022، والتي كان فتح الجمارك أحد بنودها المعتمدة.
وتأتي تصريحات الدبلوماسية المغربية، لتؤكد المعطيات التي انفردت "الصحيفة" بنشرها في وقت سابق نقلا عن مصادر سياسية، كانت قد أقرت باستمرار وجود معيقات تقنية حالت دون فتح المكتبين الجمركيين اللذين تريد الحكومتين التنفيذيتين أن يكونا في أفضل حلة لضمان انسيابية التبادل التجاري، وتعزيز المستوى الذي بلغته العلاقات بين المملكتين في السنوات الأخيرة.
المصادر الحكومية ذاتها، التي خصّت "الصحيفة" بإيضاحات حول هذا الملف "المؤرق" للحكومة الإسبانية، شدّدت على أن العلاقات المغربية الإسبانية في أفضل حالاتها سياسيا واقتصاديا، والتعاون المشترك والتنسيق الثنائي مستمر ومتواصل، لافتة إلى أنه من المرتقب أن يُجرى اختبار تقني آخر في القادم من الأسابيع والذي لم يتحدد موعده القار بعد على أساس أن يظهر مدى نجاعة الإصلاحات التقنية التي تم اتخاذها من طرف لجنة العمل منذ نونبر الماضي.
وحول احتمالية فتح الحدود قبل نهاية العام الجاري، قال المصدر الحكومي ذاته الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إن "كل شيء ممكن، في حالة تم حلحة المشكل التقني"، والذي فضّل مصدرنا عدم تحديده بالضبط، مكتفيا بالتأكيد بأنه "تقني وفني محض ومرتبط بالأمور التدبيرية واللوجيستيكية".
وذكّر المتحدث، بالاختبار التجريبي الأول الذي أجري في أواخر يناير 2023، ثم الذي تلاه في نهاية فبراير من نفس السنة، ليؤكد بأن الاختبارين كشفا وجود صعوبات تقنية وفنية تعرقل عمليات نقل البضائع في مرحلتها الأولى، وهو ما يتطلب تكييف البنية التحتية الحدودية وإتمام كل الإجراءات الإدارية اللازمة.
ويأتي كل هذا، عقب توجيه اتحاد رجال أعمال سبتة (CECE) ونظيره في مليلية (CEME)، مطلبا لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بضرورة التدخل لدى المغرب، واتخاذ إجراءات "حازمة" من أجل فتح الجمارك التجارية بالمعبرين الحدوديين، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعرفها المدينتين.
وعزا اتحاد رجال الأعمال في كل من سبتة ومليلية، لجوئهما إلى المراسلة إلى المشاكل الاقتصادية التي تعيشها المدينتان، تحت وطأة الركود الاقتصادي الكبير فيهما، مما يستدعي ضرورة وضع حكومة سانشيز لقضيتهما على صدر الأولويات، من أجل اتخاذ تدابير عاجلة لإحداث الانتعاش.
واعتبر اتحاد رجال أعمال سبتة ومليلية، أنه من الاجراءات العاجلة المقترحة، هي ضرورة دفع المغرب للالتزام بالاتفاقيات المبرمة مع حكومة بيدرو سانشيز، وأهمها فتح الجمارك التجارية بمعبري سبتة ومليلية، وضبط حركة تنقل البضائع، خاصة عملية تصدير البضائع من سبتة ومليلية إلى باقي المدن المغربية.
ويرغب الاتحاد المذكور، من تسريع عملية فتح الجمارك التجارية، إلى إيجاد منفذ جديد لتصريف سلع المدينتين إلى المغرب، مما سيساهم في حدوث انتعاش اقتصادي تبقى المدينتان في حاجة ماسة إليه في الوقت الراهن لتفادي الركود الحاصل.
وتُراهن الحكومة الإسبانية كثيرا من جانبها، على تسريع لجنة العمل المُكلفة بحلحلة العراقيل التي تساور الاختبارات التجريبية المرتقبة وفق ما أكدته مصادر "الصحيفة"، وهو ما يظهر جليا في تصريح خرج به وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، خوسيه مانويل ألباريس، لصالح قناة "أوندا سيرو"، قال فيه إنه على الجانب الإسباني، ليست هناك حاجة إلى مزيد من الاختبارات التجريبية لإعادة فتح مكتب جمرك مليلية وفتح مكتب جديد في سبتة، على النحو المتفق عليه في أبريل 2022، في الاجتماع رفيع المستوى.
وأوضح المسؤول الحكومي الإسباني، ضمن حواره الإذاعي أنه "لا توجد عوائق قانونية أو سياسية أمام تنفيذ الاتفاق، وأن الأمر مرهون فقط بحل المغرب للقضايا الفنية العالقة"، وأكد الوزير أن نظيره المغربي ناصر بوريطة سيفي بهذا الالتزام.
وبالإضافة إلى ذلك، أكد ألباريس أن "إسبانيا ملتزمة بنموذج حدودي جديد في سبتة ومليلية" يضمن النظام والسيطرة على عبور الركاب والبضائع، كما أكد أن حكومة سبتة راضية عن العملية الحالية على حدود تراخال.
وتستعد الحكومة التنفيذية الإسبانية، لعقد اجتماع مع رئيس المدينة المتمتعة بالحكم الذاتي، خوان فيفاس، في 23 أبريل الجاري بخصوص الاختبارات التجريبية التي ينوي المغرب القيام بها في القادم من الأسابيع.