طبول "حرب كسر العظام" تُقرع في الاتحاد الأفريقي بين المغرب والجزائر على منصب نائب رئيس المفوضية الأفريقية.. فهل تنجح أخرباش في إقصاء حدادي؟
بدأت معركة خلافة موسى فقي محمد على منصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي تحظى بالاهتمام، بالموازاة أيضا مع معركة أخرى أكثر هدوءًا وحدّة في الآن ذاته، تجري وراء الكواليس وتتعلق بالمناصب العديدة التي ستصبح شاغرة بعد انتهاء ولاية رئيس الاتحاد الإفريقي الذي ينتمي لدولة التشاد، خصوصًا المنصب الاستراتيجي للغاية الخاص بنائب الرئيس، الذي من المفترض أن يعود لواحدة من دول شمال أفريقيا الأربعة التي رفعت ترشيحها، بما فيها المرشحين الأبرز والأوفر حظا المغرب والجزائر ممثلان في لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في مواجهة الجزائرية سلمى مليكة حدادي، سفيرة بلادها في إثيوبيا.
وانطلق رسميا السباق لخلافة التشادي موسى فقي محمد على رأس مفوضية الاتحاد الأفريقي المرتقب الحسم فيه في فبراير 2025 بين المرشحين المنحدرين حصرًا من شرق أفريقيا، وفقًا لمبدأ التناوب الذي تم إقراره في إصلاح مؤسسات الاتحاد الأفريقي عام 2018، إذ سيمكن مواطنًا من هذه المنطقة من الظفر بمنصب قيادة المفوضية حتى عام 2029.
وتنحصر أسماء المرشحين الأربعة لخلافة موسى فقي محمد، على رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي مطلع عام 2025، في الكيني رايلا أودينغا، والجيبوتي محمود علي يوسف، والموريشيوسي أنيل كومارسينغ جايان، والملغاشي ريتشارد راندرياماندراتو، فيما بدأت حرب الكواليس بالفعل تشق طريقها من أجل الحصول على المناصب الرئيسية والاسترتيجية الأخرى داخل طاقم إدارة الاتحاد الأفريقي، والتي يتعين تجديدها بالكامل.
وبالفعل، بدأت معركة كسر عظام أخرى في الظل بين الغريمين المغاربيين، المغرب والجزائر حول منصب نائب رئيس الاتحاد الأفريقي الذي يجب أن يعود إلى شمال أفريقيا، بحيث شرع كل بلد من الاثنين في محاولة حشد الدعم لصالحه من أجل خلافة الرواندية مونيك نسانزاباغانوا على هذا المنصب الذي على ما يبدو ستظفر به سيدة من سيدات شمال أفريقيا إن لم تكن مغاربية على اعتبار أن البروفايلات المقترحة من لدن المغرب والجزائر هي الأوفر حظا.
ويتعلق الأمر، بلطيفة أخرباش، مرشحة المغرب وهي الرئيسة الحالية للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري التي شغلت ما بين سنتي 2007 و2013 منصب كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، وعينت، مديرة للمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط سنة 2003، إذ يبدو ترشيحها لنيل هذا المنصب منطقيا، وتمليه عدة اعتبارات في مقدمتها انتهاء ولايتها على رأس الهيئة، سيما مع صدور ظهير شريف، عملا بمقتضيات المادة 9 من القانون 15-11 المتعلق بإعادة تنظيم الهيأة العليا للاتصال السمعي –البصري أخيرا بالجريدة الرسمية تعيينات ب الهاكا، ابتداء من 3 دجنبر 2023 الماضي، وهذا يرفع من احتمالية عودة المسؤولة المغربية للسلك الدبلوماسي استنادا إلى بروفايلها وخبرتها الواسعة التي تتناسب والمنصب الذي ترغب المملكة الظفر به في قلب التكتل الاقليمي.
أما بالنسبة لمرشحة الجزائر، فهي سلمى مليكة حدادي، السفيرة فوق العادة للجمهورية لجزائرية في إثيوبيا والمديرة السابقة لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية والتي من المقترض أن تنافس أخرباش على منصب النيابة، إلى جانب كل من المصرية حنان مرسي مديرة قطاع الأبحاث والسياسات بالبنك الأفريقي للتنمية والأستاذة الزائرة بكلية كيندي بجامعة هارفاد، التي عملت بصندوق النقد الدولي بين عامي 2003 و2012 ضمن أقسام عدة شملت الشؤون المالية والشرق الأوسط ووسط آسيا والأسواق الأوروبية، وأسواق النقد ورأس المال، وكانت مستشارة للمدير التنفيذي، حيث تتضمن خبراتها العملية السابقة انضمامها إلى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في لندن، كاقتصادية مختصة بمنطقة جنوب وشرق المتوسط.
وبالنسبة لمرشحة ليبيا، فهي نجاة حجاجي، الرئيسة السابقة للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التي تستبعد مصادر إعلامية ظفرها بالمنصب على خلفية قربها الشديد من نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.
وفي وقت دقّت حرب الكواليس بين الدول المغاربية والشمال أفريقية للظفر بمنصب نائب رئيس الاتحاد الأفريقي، أبدى فرانسوا سودان، مدير تحرير مجلة "جون أفريك"، خلال استضافته على إذاعةRFI ، تخوفه من احتدام المنافسة بين الأربع نساء اللائي يتنافسن على المنصب "رقم 2 في الاتحاد الأفريقي"، سيما بين لطيفة أخرباش والجزائرية سلمى مليكة حدادي، المرشّحتين الأبرز والأوفر حظا.
وأوضح مدير تحرير "جون أفريك" منبع تخوفه خلال استضافته في البرنامج الإذاعي قائلا: "عندما نعرف مستوى التوترات بين الجزائر والمغرب، والذي تمثل بصورة محزنة في العراك بين دبلوماسيي البلدين قبل أيام قليلة في طوكيو، يمكننا أن نتخيل أنهما لن يتساهلا في المعركة".
وفي عام 2022، بقي منصب نائب الرئيس شاغرًا لعدم وجود توافق، بعدما احتدمت المنافسة عليه بين كل من كينيا وجزر القمر، قبل أن نتنازل نيروبي في نهاية المطاف.
والحقيقة أن خلفية هذا الصراع المحتدم لم تكن سوى منافسة أخرى لصالح كل من المغرب والجزائر، حيث دفعت الجزائر في اللحظة الأخيرة بترشيح كينيا لمنع جزر القمر، التي تعتبر قريبة من المملكة، من الوصول إلى رئاسة المنظمة فيما وفي عام 2023 أيضًا، أعلنت الرباط والجزائر عن ترشيحاتهما لشغل المنصب، ومنذ ذلك الحين، استمر الجمود لتكون النتيجة أن ظل منصب "الرقم 2 في الاتحاد الأفريقي"، الذي كان من المفترض أن يُشغل، شاغرًا منذ ذلك الحين.
وعاد المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2016، وهو يسعى إلى طرد جبهة "لبوليساريو" الانفصالية من هذا التكتل القاري، عبر معركة دبلوماسية طويلة كان القرار المذكور إحدى محطاتها، على اعتبار أن الأمر يتعلق بـ"دولة لا توجد إلا على الورق".، فيما مساعي المغرب للحصول على منصب نائب رئيس المفوضية الإفريقية، يدخل ضمن الرغبة في توسيع دائرة نفوذه داخل هياكل الاتحاد الأكثر تأثيرا في صناعة القرار، على اعتبار أن منصب رئيس المفوضية سيذهب إلى إحدى دول منطقة شرق إفريقيا هذه المرة.