طنجة الغارقة في كورونا: ضغط على الأطر الطبية وشائعات تتناسل وسلطات صحية تفضل "صمت القبور"

 طنجة الغارقة في كورونا: ضغط على الأطر الطبية وشائعات تتناسل وسلطات صحية تفضل "صمت القبور"
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأثنين 20 يوليوز 2020 - 16:47

في طنجة هذه الأيام يوجد من الأسئلة أكثر بكثير مما يوجد من الأجوبة، وعلى الرغم من أن كل يوم يمر يولد أسئلة أكثر، وأحيانا شائعات أكثر، إلا أن من يملكون الإجابات نادرون أو معدومون، فالمدينة المليونية التي تحولت إلى بؤرة لوباء كورونا أضحت تعيش حيرة على جميع المستويات، وهي الحيرة التي تترجمها صورة العشرات من المواطنين وهم مجتمعون في باحة مستشفى محمد السادس ينتظرون فرصة لإجراء التحاليل بعدما اعتقدوا أنهم يحملون أعراض الفيروس.

ما الذي يحدث بالضبط؟ ما مصدر الوباء؟ هل يتعلق الأمر بتبعات البؤر الصناعية الناتجة عن إعادة فتح المعامل، أم للأمر علاقة بإعادة فتح الأسواق، أم بالكثافة السكانية في مجموعة من الأحياء الشعبية بمقاطعتي "بني مكادة" و"مغوغة"؟.. وهل يتعلق الأمر بنسخة جديدة من الفيروس؟ أم أن الخصاص المسجل في الأطقم الصحية هو سبب تفلت الأمور من بين أيدي السلطات؟.. كلها أسئلة محيرة لم تُجب عنها لا ولاية طنجة ولا مديرية الصحة بالجهة، ولا حتى الندوة الصحفية التي عقدها أمس الأحد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ووزير الصحة خالد آيت الطالب.

ضغط يولد الانفجار

الحديث الطاغي حاليا بالمدينة أصبح حول مدى قدرة المنظومة الصحية على تحمل الأعداد المتزايدة للمصابين المؤكدين والمحتملين، في ظل انتهاء الوضع الاستثنائي المصاحب للأشهر الأولى من تفشي الوباء حين كانت المصحات الخاصة والفنادق تساعد المستشفيات العمومية على تحمل ضغط الحالات، لكن حاليا أضحى مستشفى محمد السادس مطالبا بتحمل الثقل الأكبر بعدما أصبح المركز الاستشفائي الجهوي محمد الخامس يحيل المصابين المحتملين إليه، ولم تعد المصحات الخاصة تقبل بولوج حاملي الأعراض لعدم قدرتها على التعامل معهم.

هذا الوضع أنتج مشاهد غير مسبوقة طيلة شهور الوباء، فالمستشفى المذكور صار مقصدا للناس الذين يحالون عليه من مستشفيات أخرى، وفي الوقت نفسه لأولئك الذين يعتقدون أنهم يحملون أعراض الفيروس، ولأنه لا يملك ما يكفي من الأطقم الصحية لتدبير كل هذا الضغط يكون قاصدوه مجبرين على انتظار دورهم الطويل خارج بنايته نهارا، أما ليلا فيجدون الأبواب موصدة أمامهم مثلما حدث مع حالة مشتبه في إصابتها بعد منتصف ليلة الأحد – الاثنين، والتي قدمت إلى هناك بتوصية من مستشفى محمد الخامس لحملها العديد من أعراض الفيروس، ولم يتم استقبالها إلا بعد طول شد وجذب.

تفسيرات غائبة

لكن أمرا آخر يزيد من حدة الضغط المسجل على المنظومة الصحية بطنجة في ظل هذه الظرفية، ويتعلق الأمر بـ"الشائعات" التي لا تجد من يكذبها أو يصوبها أو يؤكدها، فمثلا، تعيش المدينة منذ أيام على وقع أنباء متداولة تفيد بأن الفيروس الموجود بها أشد فتكا من نظيره المنتشر في مدن أخرى، وقبلها كان الناس يتداولون كلاما عن فقدان معارفهم وأقربائهم لحاستي الذوق والشم بشكل مفاجئ ويربطون الأمر بانتشار كورونا.

مثل هذه الشائعات تؤكد بالملموس مشكلة التواصل المسجلة لدى مصالح وزارة الداخلية ووزارة الصحة بطنجة، فالولاية التي تدبر الأزمة حاليا لا تصدر عنها أي بلاغات توضيحية حول تطور الأوضاع وكل ما يتم تداوله هو ما يصدر مركزيا عن الوزارة، أما وزارة الصحة والتي إلى غاية صباح اليوم الاثنين لا تزال مسؤولة واحدة تدير مديريتها الجهوية ومندوبيتها الإقليمية، فيوجد التواصل في آخر لائحة اهتماماتها.

وكانت مديرة الصحة محل انتقاد من طرف المكتب المحلي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية التي تحدثت عن "تجاهلها التام لمجموع استفسارات الإعلاميين لطمأنة الساكنة وعموم الرأي العام الوطني، الذي ما فتئ يتساءل عن حقيقة المزاعم المتداولة والأخبار الزائفة عن راهن الحالة الصحية بالمدينة، والتي أصبحت مادة مثيرة تتناقلها قنوات أجنبية بكثير من الاختلاق والتضليل لناجم عن صمت القبور الذي ركنت إليه المسؤولة الأولى على القطاع"، وهو توصيف يتقاطع والمعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" عن كون مديرية الصحة رفضت المشاركة في برنامج عبر إذاعة عمومية للحديث عن الوضعية الوبائية بطنجة بحجة أنه "سيبث يوم الأحد مباشرة، وهو يوم عطلة إدارية".

مستقبل غامض

وتشير الأرقام اليومية الصادرة عن وزارة الصحة إلى أن جهة طنجة تطوان الحسيمة عموما لا تزال بعيدة عن الاطمئنان، فيوم أمس الأحد سجلت 49 إصابة مؤكدة، ويوم السبت سجلت 92 إصابة فيما سجلت 57 إصابة يوم الجمعة و86 حالة مؤكدة يوم الخميس، وهي ثاني أكثر الجهات تضررا من الفيروس بما مجموعه 3515 إصابة منها 2628 في طنجة وحدها التي سجلت 64 حالة وفاة ولا تزال 376 حالة نشطة بها.

ولم تشمل مرحلة التخفيف الثالثة مدينة طنجة، وهو الأمر الذي ينتظر أن يطول لأيام أخرى على الأقل، ما يفرض الحصول على العديد من الإجابات بخصوص تحديات قادمة، مثل عيد الأضحى الذي يشهد احتكاكا كبيرا بين المواطنين في الأسواق، وكذا عمليات العودة الاستثنائية للمغاربة المقيمين بالخارج التي تعد مدينة البوغاز منفذها الرئيس عبر مطار ابن بطوطة والميناء المتوسطي.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...