عَميد سُوري لـ "الصحيفة": لا توجد معارضة سورية.. هناك مقاتلون منهم 5 آلاف مغربي ومجندون من الجزائر ومن جنسيات أخرى يقاتلون الجيش السوري
في سياق التطورات الميدانية المتسارعة التي تشهدها سوريا بعد إعلان فصائل المعارضة تقدمها الكبير ضمن عملية "ردع العدوان"، والتي مكنتها من الاقتراب من العاصمة دمشق، في ظل تقهقر قوات النظام السوري، وانسحابها من مناطق عديدة، أكد العميد السوري والخبير العسكري والاستراتيجي محمد عيسى، في تصريح لـ "الصحيفة" أن هناك توترات شديدة بسبب التصعيد المستمر على الجبهات مع الجماعات المسلحة.
وأضاف الخبير العسكري أن الجبهات مشتعلة حاليًا نتيجة وجود ما وصفها بـ "القوى الإرهابية" تعمل على تصعيد العنف. مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في أن ما يُطلق عليه المعارضة هنا لا يعبر عن معارضة وطنية كما يعتقد البعض، فأكثر من 90% من المقاتلين ضمن هذه الجماعات ليسوا سوريين ولا يتحدثون حتى اللغة العربية، معظمهم من جنسيات أجنبية تشمل الطاجيك، الشيشان، التركمان، الأيغور، الطاجكيستانيين، الآذريين، وغيرهم، إلى جانب بعض العناصر العربية."
في هذا السياق، أشار العميد السوري والخبير العسكري والاستراتيجي محمد عيسى إلى وجود ما يناهز 5000 مغربي مجندون في صفوف المعارضة، كما أن هناك مقاتلين جزائريين ضمن صفوف المعارضة المسلحة، في مُقابل ذلك ينفي محمد عيسى وجود أي مقاتلين عرب من دول أخرى، سواء من الجزائر أو تونس أو غيرها، ضمن صفوف الجيش السوري تقاتل مع النظام، مضيفا بالقول: "باستثناء لبنان، وحتى الإيرانيون، الذين يُزعم أنهم يقاتلون إلى جانبنا، ليسوا قوات ميدانية، بل مستشارون فقط، وهو أمر طبيعي في إطار التحالف بين سوريا وإيران"، مضيفا "مَن يمكن أن يكون حليفنا إذا لم تكن إيران وروسيا؟ هل يمكننا الاعتماد على العرب؟ هؤلاء عاجزون عن تقديم أي شيء لسوريا."
وعن المعطيات التي تحدثت عن وجود عناصر من جبهة "البوليساريو"، تقاتل مع الجيش النظامي السوري ضد المعارضة، تساءل العميد عن الأساس الذي تستند إليها ما وصفها بـ "المزاعم" معتبرا أنها "ترمي إلى زرع بذور الفتنة بين الرباط ودمشق"، حيث قال في هذا السياق: "من هي البوليساريو لتُقاتل في الجيش السوري؟ هل تملك هذه الجبهة جيشًا فعليًا؟ إنها كيان ضعيف جدًا، ولا يتجاوز عدد سكانها نصف مليون، كيف يمكنهم إرسال جنود للقتال؟".
وعن امكانية فتح قنوات للحواد مع المعارضة لإيجاد حل للاقتتال، قال العميد السوري والخبير العسكري والاستراتيجي محمد عيسى: "الاعتقاد السائد بأن هناك معارضة وطنية تسعى لتحقيق مطالب سياسية هو اعتقاد خاطئ. كيف يمكنني التفاوض مع شخص من الغوريستان الصينية على مستقبل سوريا؟ الأمر يشبه مطالبة المغرب بالتفاوض مع شخص من الكونغو حول مستقبله، هذا ليس منطقيًا، في المغرب، المعارضة لديها ثوابت وطنية، وهدفها حماية استقرار الدولة ومصالحها، أما هنا، فإن الجماعات المسلحة تهدف فقط إلى التدمير، القتل، والإرهاب، وهو ما يتنافى مع أي قيمة إنسانية."
وأشار العميد إلى أن الجيش السوري يواجه على جبهات متعددة تدخلات من قوى إقليمية ودولية، قائلًا: "لدينا مواجهات مع الجيش التركي وحتى الأوكراني في بعض الحالات، ويتحدثون عن إخراج الإيرانيين والروس من سوريا، ونحن نقول: حسناً، لكن ماذا عن الشيشانيين وبقية الجنسيات الأجنبية؟ لماذا التركيز فقط على حلفائنا؟ هدفهم الحقيقي هو تشكيل دولة طائفية تمتد من تركيا إلى لبنان عبر الحدود، تفصل سوريا عن لبنان، وتقطع تواصلنا مع العراق، هذا المخطط يهدف إلى خلق منطقة عازلة تخدم مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، وتحاصر كل من يقف ضدها، مثل حزب الله."
وتابع العميد: "هذه الجماعات ليس لديها برنامج سياسي واضح للتفاوض عليه، ولا تسعى لتحقيق أي مطالب وطنية، هدفها الأساسي هو تغيير الشعب السوري، وفرض فكرها المتطرف، يتحدثون عن فتح إسلامي جديد، ولكن أي فتح هذا الذي يعتمد على القتل والدمار؟ مضيفا "للأسف، الإعلام ضدنا تمامًا، ويُنتج آلاف الفيديوهات الطائفية التي تثير الفتن بين العلويين والسنة، حتى بات البعض يروج لفكرة أن العلويين ليسوا مسلمين. هذه أفكار سخيفة تُصورنا وكأننا أعداء للإسلام."
واعتبر العميد أن الصراع في سوريا يمتد ليشمل مصالح أطراف خارجية، منها تركيا، قائلًا: "هناك جالية تركية تقارب 3.5 مليون شخص في سوريا، والجماعات المسلحة التي تشمل التركمان والأيغور تسعى لتحويل سوريا إلى منطقة نفوذ تركية. هدفهم السيطرة على حلب وإدلب وربطها بتركيا، ومع ذلك، في المغرب، يُعتقد خطأً أن هذه الحرب تدور حول الحرية والديمقراطية أو مطالب شعبية، لكن الواقع مختلف تمامًا، مشكلتنا مع إخوتنا في المغرب هي اعتقادهم أن هذا صراع ديني، وكأنها حرب ضد الإسلام.، أنا مثلا اسمي محمد، وأصلي يمتد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل أحتاج إلى طاجيكستاني ليمنحني شهادة تثبت أنني مسلم؟ هذه الادعاءات لا معنى لها، نحن ندافع عن وطننا وشعبنا، ولا ننتظر من الغرباء أن يحددوا من نحن."
وفي التصريح ذاته الذي خص به "الصحيفة"، أعرب العميد محمد عيسى عن استغرابه من المساعي الإقليمية والدولية التي تتجاهل السيادة السورية، قائلاً: "اليوم، الجميع يسعى للتصالح مع إسرائيل وتقديم التنازلات لها ولتركيا، وهذه الأخيرة، على سبيل المثال، تعتبر شمال حلب جزءًا من أراضيها، وتُدرج ولاية حلب كولاية رقم 83 في دستورها، بينما تُصنف الموصل كولاية 84، حتى أنها تخصص ليرة تركية لكل منهما باعتبارهما ولايتين تركيتين، كيف يمكننا التفاوض مع الأتراك على جزء من أراضي سوريا؟ هذا أمر غير منطقي."
وأشار العميد إلى الاختلاف في الفهم بين السياق السوري والسياق المغربي، قائلاً: "في المغرب، لا توجد طوائف، ولهذا قد يكون من الصعب عليهم فهم حجم المعاناة التي نعيشها هنا، كيف يمكن التفاوض مع أشخاص لا ينتمون إلى الأرض أو الشعب السوري؟ وهل يُعقل أن يُعلّمنا شخص من طاجيكستان الإسلام؟"
وفي سياق نقده للإعلام العربي، أوضح العميد: "نواجه حملة تضليل إعلامي كبيرة، حيث تُبث آلاف الفيديوهات المضللة يوميًا، وهو أمر يُصعّب إيصال الحقيقة، المشكلة أن العرب عمومًا لا يقرؤون ولا يخططون على المدى الطويل كما تفعل بعض الدول، لا أتهم الشعب المغربي أو أي جهة محددة، ولكن المعلومات الدقيقة حول سوريا نادرة، ومعظم الإعلام اتخذ منحى آخر في تغطيته للأحداث."
وختم الخبير الاستراتيجي تصريحه لـ "الصحيفة" بالقول إن: "الطبقة المثقفة والقومية في المغرب تُدرك الحقيقة وتتابعها، ولكن الإعلام العربي عمومًا يضم آلاف الوسائل التي تذم سوريا وتضخ محتوى ضدها، مما يزيد من تعقيد الوضع، وهذه الجماعات تسعى لإنشاء دولة طائفية تفصل سوريا عن لبنان والعراق، وهو أمر مرفوض تمامًا."