غليان داخل وزارة الصحة.. إقالات انتقامية وكاتب عام مرفوض والوزير في مرمى النيران
تعيش وزارة الصحة على وقع صراع داخلي كبير منذ شهور تفاقم بشكل واضح خلال أزمة كورونا، وسببه الأساس "الأدوار" الجديدة للكاتب العام للوزارة عبد الإله بوطالب الذي رغم كون مهامه "مؤقتة" إلى حدود الساعة، إلا أنه استطاع أن يصبح الآمر الناهي في أغلب الأمور بدعم مباشر من الوزير خالد آيت الطالب، الذي تُواجه رغبته في تثبيته بمقاومة من المجلس الحكومي.
وصارت العديد من أصابع الاتهام توجه إلى الكاتب العام بالنيابة حول حالة الغليان التي تشهدها الوزارة، وخاصة ما يتعلق بإقالة مجموعة من الأطر الإدارية التي ناهز عددها الـ40، والتي اعتبر العديد من المعنيين بها أنهم كانوا "ضحايا تصفية حسابات"، الأمر الذي وصل إلى قبة البرلمان من خلال سؤال كتابي وجهه فريق التجمع الدستوري بمجلس النواب إلى وزير الصحة بتاريخ 2 يونيو 2020.
وتحدثت المراسلة عن كون البيت الداخلي لوزارة الصحة يشهد "جملة من الاختلالات التي أثرت على صورته أمام الرأي العام، إذ تمت سلسلة من الإعفاءات التي طالت حوالي 40 مسؤولا على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي، المشهود لهم بالتفاني في العمل من طرف السكان المعنيين والمنتخبين والسلطات المحلية".
وفي تلميح إلى وقوف الكاتب العام وراء هذه الإعفاءات، أوردت المراسلة أن ما يجري "راجع إلى تحكم بعض المسؤولين بالوزارة وتدخلاتهم المفضوحة من أجل تحميل وزير الصحة قرارات مبنية في غالب الأحيان على علاقات شخصية وتصفية حسابات"، مطالبة آيت الطالب بفتح تحقيق لمعالجة "الأغلاط المجحفة المشار إليها".
ووفق المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة"، فإن قصة وصول بوطالب إلى هذا الموقع في مجملها غريبة، حيث إن الرجل أتى من مديرية المستشفيات والعلاجات المتنقلة ليعوض الكاتب العام السابق هشام نجمي، الذي غادر منصبه شهر شتنبر الماضي على إثر تورطه في فضيحة أخلاقية كانت سببا في متابعته قضائيا والحكم عليه بشهرين حبسا مع وقف التنفيذ، وحينها كان خالد آيت الطالب هو المرشح لتعويضه، قبل أن يتم تعيينه وزيرا للصحة في "حكومة الكفاءات".
وأبدى آيت الطالب إصرارا كبيرا بعدها على تعيين بوطالب، الذي يوصف بأنه "مقرب جدا منه"، في هذا المنصب، حتى إنه فتح مباراة حول هذا المنصب كان خلال الأخير هو المرشح الوحيد، وتم إجراؤها بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية وتحديدا في 25 مارس 2020، وهي المباراة التي وصفتها مصادر "الصحيفة" بأنها كانت "على المقاس".
وحسب ما توصل إليه الموقع فإن الإعلان عن المباراة تم يوم 6 مارس أي بعد 4 أيام من تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا بالمغرب، ومُنح المرشحون أسبوعين لإعداد ملف الترشيح، وهو الملف الذي كان مُعدا سلفا لدى بوطالب، ليتم إجراء المباراة بمرشح وحيد في 25 مارس بعد 5 أيام من سريان حالة الطوارئ الصحية، ثم أُعلن عن نجاح هذا الأخير وقَدم الوزير اسمه للمجلس الحكومي حيث قوبل بالرفض.
واعترض المجلس الحكومي، حسب ما أسرت به مصادر مسؤولة لـ"الصحيفة"، على الطريقة التي تمت بها المباراة وكذا على تقديم اسم واحد للمجلس الحكومي للمصادقة عليه، ما يعد مخالفا للقانون 02.12 والمرسوم 2.12.412 المتعلقين بالتعيين في مناصب المسؤولية والمناصب العليا، بما في ذلك منصب الكاتب العام، إذ يُحتم على الوزير الوصي عرض 3 أسماء أمام المجلس الحكومي ليتم اختيار واحد منها، لا فرض اسم محدد.
وعمد آيت الطالب بعد ذلك إلى طرح الأمر على المجلس الحكومي مرة جديدة، بعدما لجأ إلى التعيين المباشر لبوطالب، وهي العملية التي لا يمكن اللجوء إليها إلا بعد الإعلان عن إقامة المباراة وفق الشروط القانونية المعمول بها في الحالات العادية وعدم استقبال الوزارة لأي ترشيح تبعا لذلك، الأمر الذي لقي رفضا من المجلس الحكومي مجددا.