في حوار مع "الصحيفة".. الكاتب والمؤرخ الفرنسي بيير فيرميرين: الجزائر لم تستفد من القطيعة بين الرباط وباريس.. وزيارة ماكرون للمغرب هي لاستعادة علاقة "ضرورية" لفرنسا

 في حوار مع "الصحيفة".. الكاتب والمؤرخ الفرنسي بيير فيرميرين: الجزائر لم تستفد من القطيعة بين الرباط وباريس.. وزيارة ماكرون للمغرب هي لاستعادة علاقة "ضرورية" لفرنسا
حاوره محمد سعيد أرباط
الجمعة 4 أكتوبر 2024 - 12:00

أعلن قصر الإليزيه في أواخر شتنبر الماضي، أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيقوم بزيارة رسمية إلى المغرب في نهاية شهر أكتوبر الجاري، وهي الزيارة التي تقررت أخيرا عقب تجاوز الرباط وباريس لسنتين من التوتر الدبلوماسي، بعدما أعلن ماكرون في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس في يوليوز الماضي، دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد لنزاع الصحراء.

هذه الخطوة، شكلت، وفق الصحافة الفرنسية والمغربية، بداية لصفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، وتُعتبر الزيارة المرتقبة لماكرون إلى المغرب، تجسيدا لهذه المرحلة الجديدة في العلاقات بين البلدين، كما يُرتقب أن تُعطي هذه الزيارة دفعة جديدة للروابط التي تجمع الرباط وباريس.

وللحديث عن زيارة ماكرون المقبلة إلى المغرب وأبعادها وسياقها، أجرت "الصحيفة" حوارا مع الكاتب والمؤرخ الفرنسي، بيير فيرميرين (Pierre Vermeren)، الذي يُعد أحد أبرز الكتّاب الفرنسيين المطلعين على شؤون العلاقات الفرنسية مع الدول المغاربية، وله عدد من المؤلفات في هذا المجال، آخرها كتاب "المغرب في 100 سؤال: مملكة المفارقات" الصادر هذا العام، وكتاب آخر يحمل عنوان "تاريخ الجزائر المعاصرة" الصادر في نفس السنة 2024، إضافة إلى عدد من المؤلفات الأخرى التي أصدرها سابقا، من بينها "تاريخ المغرب منذ الاستقلال" الصادر في 2016.

 - تأتي الزيارة في سياق المصالحة الفرنسية المغربية على مستوى القيادات التنفيذية، بعد سنوات من القطيعة. فمن جانب الإليزيه، فإن الرئيس ماكرون بات متحررًا بشكل كبير من مسؤولياته الداخلية في فرنسا، مما يتيح له التفرغ التام لمهامه السيادية الدولية. وفي كل الأحوال، فالزيارة هي أكثر من مجرد زيارة مجاملة، أعتقد أن هناك نية صادقة لاستعادة علاقة ضرورية بالنظر إلى ما يحدث في إفريقيا (خاصة في منطقة الساحل) وفي العالم العربي: تونس، ليبيا، لبنان، سوريا، إسرائيل/فلسطين، فالملفات على الطاولة كثيرة وملحة. وفرنسا في حاجة إلى شركاء يتشاركون رؤاها للمضي قدماً، خصوصاً لاستعادة دورها في الشرق الأوسط.

من المؤكد أننا سنشهد تسليط الضوء على الاتفاقيات التجارية أو الاستثمارات الموعودة لأنها سهلة الترويج والتقييم، لكنني أعتقد أن الأهم بالنسبة للرئيس ماكرون ولفرنسا اليوم هو الجانب السيادي. فمن جهة العلاقات الدولية التي ذكرت سلفا، حيث نعلم أن ماكرون يولي اهتماما كبيرا بإفريقيا رغم إخفاقاته في هذا القارة، ومن جهة أخرى كل ما يتعلق بالأمن الداخلي: كقضية الـ OQTF (أوامر مغادرة الأراضي الفرنسية) وإدارة أكثر مرونة لقضايا الهجرة والجريمة التي تفسد الحياة السياسية واليومية في فرنسا، والتي قد تؤدي في المستقبل إلى نتائج انتخابية لا يرغب فيها لا المغرب ولا ماكرون.

من المحتمل جدًا، لكن ليس لدي معلومات دقيقة في هذا الشأن بخلاف ما تقوله الصحافة الكبرى. لكن اعتدنا في فرنسا منذ عهد نيكولا ساركوزي، تقييم أي زيارة رئاسية بناء على عدد وحجم العقود الموقعة، لكن بالنظر إلى حجم المشكلات الإقليمية والعالمية الحالية، فإن الأهم يكمن في مجالات أخرى. والرئيس ليس مجرد ممثل تجاري، رغم أن التجارة الخارجية لفرنسا هي جزء من اهتماماته. ومع ذلك، هناك مشاكل عالمية أكثر أهمية: أوكرانيا وبوتين، إسرائيل وإيران، فلسطين ولبنان، الساحل وليبيا، الصعود المستمر للسلفية في إفريقيا، ناهيك عن الصين واحتمالية عودة ترامب، وكل ذلك يمثل الكثير من التحديات.

ليس سراً أن هذه الزيارة لن تلقى ترحيباً في الجزائر، خصوصاً أنها تأتي في وقت كان من المقرر فيه زيارة الرئيس تبون إلى باريس، التي تأجلت بعد الرسالة الموجهة إلى الملك المغربي في 30 يوليوز. ومع ذلك، سأقول إنه ليس هناك جديد أو غير طبيعي، بمعنى أن الأمر يتعلق باستعادة العلاقات الودية الطبيعية بين فرنسا والمغرب على المدى الطويل، لأن القطيعة الطويلة هي الأمر غير الطبيعي، والسلطات الجزائرية تدرك ذلك جيداً، حتى وإن لم تستفد منها كثيرا في النهاية (أي القطيعة الفرنسية-المغربية). وعندما اعتبر ماكرون أن خطة الحكم الذاتي الموسعة للصحراء تحت السيادة المغربية هي الأساس الذي ستعتمد عليه فرنسا، أدرك الجزائريون ما يعنيه ذلك، وقد عبروا عن غضبهم فوراً دون انتظار زيارة الرئيس ماكرون إلى الرباط.

 بالتأكيد هذا هو الأكثر تعقيدا، لأن باريس ترى - وأتفهم أن الجزائر لا ترى الأمر كذلك - أن حل قضية الصحراء من جهة، والعلاقات الجيدة مع الرباط من جهة أخرى. وهذا من المنظور الفرنسي لا ينبغي أن يعيق العلاقات الجيدة مع الجزائر. إن هناك الكثير من الملفات بين العاصمتين، وليس من الوارد أن تبقى العلاقات منقطعة، فما هو مؤكد أن العلاقات الفرنسية الجزائرية على المدى الطويل لا يمكن أن تقتصر على القضايا الشرطية والقنصلية والذاكرة. من الطبيعي أن تكون لدى باريس والجزائر وجهات نظر مختلفة حول الاستعمار وحرب الجزائر وذاكرة تلك الحقبة، فكل طرف يأسف على ضحاياه، وليسوا نفس الضحايا.. لكن هذا أصبح من الماضي، حيث إن الأغلبية الساحقة من الفرنسيين والجزائريين لم يعيشوا تلك الفترة أو يعرفوها. وبالتالي، لبناء شراكة مستقبلية، يجب أن تكون هناك شراكة بين جميع الأطراف في العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية، والمصالح المشتركة في البحر المتوسط، وفي الساحل، وفي ليبيا، وبناء المغرب العربي، وغيرها من القضايا، التي نأمل في يوم ما، وأن يكون ذلك قريبًا، أن تصبح هذه الملفات هي موضوعات للنقاش المشترك في إطار من الاحترام والمساواة.

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...