في مسعى لضمان بقائه رئيسا للجمهورية.. تبون يضع مديرية التنصت بين يدي مدير ديوانه بعد إبعادها عن جهاز المخابرات
تعيش دوائر صناعة القرار في الجزائر، على وقع صراع مؤسساتي حول السيطرة على دواليب مديرية التنصت الاستعلاماتي، بين المديرية العامة للاستخبارات التقنية التابعة لقطاع الاستخبارات في جهاز الأمن، ومؤسسة الرئاسة ممثلة في مدير ديوان رئاسة الجمهورية، بوعلام بوعلام، وذلك منذ تعيين هذا الأخير في منصبه منتصف شهر نونبر الماضي.
ويحاول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بسط سيطرته على المديرية المكلفة بعمليات التنصت، وذلك في ظل الصراع الذي بدأت تبرز معالمه، بين مؤسسة الرئاسة من جهة وبين المؤسستين الأمنية والعسكرية من جهة أخرى، لدرجة الامتناع عن البث المباشر لخطابه أمام البرلمان في بتاريخ 25 دجنبر 2023، والاكتفاء ببث أجزاء مسجلة منه.
ووفق معطيات حصلت عليها "الصحيفة"، فإن رغبة تبون في التحكم تماما في مديرية التنصت، كانت السبب الرئيس في إعفاء الجنرال إسماعيل أجافن من منصبه على رأس المديرية العامة للاستخبارات التقنية، المعروفة اختصارا بـDGRT، وذلك في شتنبر الماضي، بعدما قضى في هذا المنصب 4 سنوات ونصف، إذ كان قد عُين في أبريل من سنة 2019، مباشرة بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وفي نونبر الماضي، عَين تبون بوعلام بوعلام ليكون مديرا جديدا لديوان رئاسة الجمهورية، بعدما كان المستشار القانوني له لمدة 3 سنوات، وهو تعيين جاء في خضم استعداد تبون لخوض انتخابات الرئاسة التي يسعى لأن تبقيه في منصبه لـ4 سنوات أخرى، في ظل بروز توترات بينه وبين العديد من الأجهزة وخصوصا جهاز الأمن ومصالح الاستخبارات.
إقالة الجنرال أجافن جاءت بالرغم من أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع الرأس الثاني للنظام الحاكم في الجزائر، الفريق أول سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، ليتم وضع مديرية التنصت تحت السلطة الفعلية لبوعلام، الذي كان في السابق رئيسا للهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومكافحتها.
وأتى بوعلام من سلك القضاء إلى مؤسسة الرئاسة، حيث كان في السابق مستشارا لدى المحكمة العليا، وهو أحد العارفين بخبايا عمليات التنصت التي تتم في الجزائر، ووفق ما سبق أن كشفت عنه مجلة "جون أفريك" الفرنسية، فإن تبون أعطاه "صلاحيات واسعة تتعلق بقضايا حساسة"، كما جعله يحتفظ بمنصب مستشار الرئيس المكلف بالشؤون القانونية والقضائية والعلاقات مع المؤسسات والتحقيقات والتأهيلات.
ويريد تبون، وفق معطيات مصادر متطابقة، أن يصبح المتحكم الرئيس في عمليات التنصت، تحت إشراف مدير ديوانه ورجل ثقته، ليستعمل التسجيلات التي تمر تحت يده كسلاح يواجه به خصومه في مؤسسات أخرى، بما في ذلك المؤسستان الأمنية والعسكرية المتداخلتان بشكل كبير في الجزائر، في ظل "رغبته الجامحة" للاستمرار في قصر المرادية.
وعادة ما تستعمل التسجيلات المتحصل عليها من طرف مديرية التنصت الاستعلامات، تحت إشراف القضاء، كدليل في المحاكمات ذات الطابع السياسي أو الاقتصادي، لكن سبق لمعارضين أن تحدث عن تعرضهم لهذه العمليات بشكل غير قانوني، والآن يريد تبون أن يصبح المتحكم الوحيد فيها من أجل تقوية نفوذه في وجه منافسيه على السلطة.