قبل أن ترمي أمواج البحر جثته بشاطئ الفنيدق.. كتب رسالة لوالدته يقول: أنا لا أضمن الرجوع وخائف أن لا أراك أمي
شكل يوم أمس السبت، صدمة للكثيرين من المغاربة، خاصة في الشمال، بعدما اهتزت مشاعرهم بقوة على وقع حادثتين مرتبطتين بالهجرة السرية، الأولى تتعلق بإخراج شاطئ الفنيدق جثة شاب مغربي لازال في مقتبل العمر، والثانية تتعلق بعبور 3 شباب مغاربة نحو سبتة عن طريق السباحة الحرة في أحوال جوية "مُرعبة".
وحسب المعطيات التي توصل بها موقع "الصحيفة"، فإن شابا في أواخر عقده الثاني يُدعى "سليمان، ح" وينحدر من مدينة طنجة أخرجته أمواج شاطئ الريفيين التابع لعمالة المضيق الفنيدق، أمس السبت، بعدما حاول السباحة إلى مدينة سبتة المحتلة، بحثا عن فرصة لإكمال الرحلة إلى إسبانيا أو داخل مدينة سبتة.
المثير في قضية هذا الشاب، أنه قبل أيام من إقدامه على محاولة الهجرة إلى سبتة أو إسبانيا، نشر منشورا على حسابه بموقع فيسبوك قال فيه " أنا خائف أنني لن أراك مجددا يا أمي.. فأنا لن أضمن الوصول.. فكيف لي أن أضمن الرجوع"، وتبدو اليوم أنها كانت تنبؤا بالرحيل عن الدنيا أكثر منها تعبيرا عن مخاوف.
هذا المنشور أو الرسالة، ترك انطباعا محزنا في أوساط الآلاف من النشطاء المغاربة، الذي شاركوا رسالة الراحل الأخيرة، مرفوقة بصوره التي تم إلتقاطه بعدما لفظت الأمواج جثته على رمال شاطئ الريفيين، وكانت إحدى الصور (يمتلكها موقع الصحيفة) مأساوية جدا وهو ملقى على الرمال وعيناه شاخصتين إلى الأفق البعيد.
وما كاد يستفيق المغاربة على وقع هذا الحادث المأساوي، حتى أعلنت السلطات المحلية في سبتة في ذات اليوم، أي أمس السبت، وصول 3 شباب مغاربة إلى شاطئ تراخال في وضع مؤلم، حيث تم انتشال إثنين منهما في حالة كبيرة من الإجهاد، في حين تطلب بشكل عاجل نقل الثالث إلى المستشفى بعدما كاد أن يفارق الحياة.
وتمكن المهاجرون المغاربة الثلاثة من الوصول إلى شاطئ سبتة، فيما يُشبه "تراجيديا"، حيث عبروا مياه الشاطئ الذي كان هائجا جدا، والطقس في حالة كبيرة من البرودة، إضافة إلى عواصف ريحية كانت تضرب المنطقة، مما يشير إلى أن وصولهم في هذه الأجواء كان ملحميا بكل معنى الكلمة، وفق عدد من النشطاء المغاربة.
واعتبر نشطاء مغاربة تفاعلوا مع الحدثين الأليمين، بأنهما تعبير حقيقي للأزمات التي يعيشها نسبة كبيرة من الشباب المغاربة، ممن لم يجدوا أمامهم أي شعاع نور داخل وطنهم، بسبب البطالة التي تنخر أيامهم، وغياب أي فرص حقيقية للعمل والعيش الكريم.
كما تُظهر هذه الأحداث، مدى الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتأزم الذي تعرفه البلاد، بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد، وهو ما يدفع الكثير من المتضررين، للمغامرة بحياتهم على البقاء في هذا الوضع الذي لا يبشر بأفق متفاءل.
ويرى مهتمون بالهجرة السرية، أن على الدولة المغربية، أن تبذل جهودا كبيرة الآن، لصالح الشباب لإخراجهم من البطالة، والبحث عن سبل إنعاش الشغل الذي يكون موجها لعلاج البطالة في أوساط فئة الشباب، من أجل الحد من ظاهرة الهجرة السرية التي عادت بقوة في صفوف هذه الفئة في السنوات الأخيرة.