قَريَتُنا الثّقافيّة!
■ في بلادِنا أحلامٌ تدُورُ حولَ مُدُنٍ أو قُرًى ثقافية وفنّيّة، تتَماشَى وتتَفاعلُ مع زُوارِ وسُيّاحِ طبيعةِ كل فَصلٍ من فُصولِ السّنة، ومع مُنعَرِجات الجِبالِ والسُفُوح، والوِديانِ والبُحَيْرَاتِ والبَحرِ والمُحيط..
وهذه الأحلامُ نستَطيعُ تحويلَها إلى واقِعٍ في خدمةِ الثقافةِ الاجتماعية، والسياحية، وكلّ ما هو تفاعُلٌ إنسانيّ، وَطنيّا وعالَميّا..
▪︎ولَنا في "طنجة" حُلمٌ يسِيرُ في هذا الاتّجاه..
يَقترحُ مَشرُوعًا تنمويّا لِجهةِ "طنجة تطوان الحسيمة"، يُسمّيهِ البعضُ "مَدينة الثقافة"، وآخَرُون يُطلِقُون عليه "قريَة الثقافة"..
▪︎والتّسمِيّتان مَعًا مُنتَشِرَتان في أنحاءِ العالم.. وتَهدِفانِ للتّذكيرِ التاريخي بدَورِ المدِينَة، أو القَرية، أو هُما معًا..
وهذا يجعَلُ الساكِنة والزّوارَ والسيّاحَ يَستَحضِرُون الماضي، من أجلِ خدمةِ الحاضِر..
■وهذا واقعٌ عاشَهُ أجدادُنا..
ويعُودُ بذاكرتِنا إلى استِحضار هذا الماضي وجَعلِه حاضرًا يُحرّكُ عجلةَ البِناءِ والتّنمية..
كثيرٌ من الدول تقُومُ بتَوظيفِ صُوّرِ الماضي، لفائدة التنمية المنشودةِ في الحاضر، عِلمًا بأنّ في العالَمِ أنواعًا وأشكالًا ومِساحاتٍ منَ القُرَى الثّقافية..
ومَشروعُ طنجة هذه، ثقافي وفنّي، نَقترَحُ أن يكُونَ مَقرُّهُ الرئيسي "عَروس الشمال"..
▪︎ويُمْكِن أن تكُون لهُ فُروعٌ بمُختلِف جِهاتِ المغرب، من الشمالِ إلى الجنُوب، ومن الشرقِ إلى الغرب، لتكُون له مردُوديةٌ أكثرُ فعاليّةً وإيجابيةً في نفسيةِ الشعورِ واللاّشعُور الاجتماعي، خاصةً إذا اعتَبرنا أن طنجةَ جسرٌ بين المغرب وأوربا، وبوّابةُ أوربا على القارة الإفريقية..
▪︎وتماشيًّا مع الرُّؤية الدبلوماسية المغربية، فإنّ سياسة البلد تُراهن على انفِتاحٍ إفريقي، ومِن ثمةَ على الوُجودِ المغربي في مِحْوَرٍ عالميّ بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.. كما تأخُذُ في الاعتِبار ثرواتِنا الطبيعية (الفُوسفاط، الغاز، المَعادن وغيرها…)، وكذا العلاقات المُنفتحة للمغرب على القارّات الخمس..
■ "القريةُ الثقافيةُ" المغربية مشرُوعٌ له امتدادات اقتصادية واستثمارية، وتُقدّمُ لبلادِنا بُعدًا مُهمًّا في علاقاتِه التنموية، سياسيًّا واقتصاديّا واجتماعيّا وثقافيّا، بدلِيلِ الجولاتِ الملَكيّة المُثمِرة في القارة السّمراء..
ومَشروعُ "القرية الثقافية" يُواكِبَ الدّبلوماسيةَ المَلكية بمُختلفِ دُولِ القارة الإفريقية، اعتبارا لكون المكانةِ التي تحظَى بها بلادُنا يُؤسّسُها عامِلان أساسيّان هُما التاريخ والجغرافية..
▪︎التاريخُ يعني خَلفيّةً عمرُها 12 قرنًا على ميلادِ المملكة المَغربيّة..
▪︎والجغرافية تُفيدُ أن بِلادَنا ذاتُ مكانةٍ عالَميّة اكتَسبَها بثرواته الطبيعية، وعلى رأسها الفُوسفاط الذي يختزنُ المغربُ منهُ احتياطيّا غذائيا عالميا بنسبة 70%..
وهذا البُعْدُ يَجعلُ بِلادَنا ذات مَكانةٍ خاصّةٍ في الخَارِطةِ العالَميّة، وبالتالي مِن واجبِنا، ومَهما كانت ظُرُوفُنا، أنْ نحمِيّ هذه الأرضَ المِعطَاء، ولا نَنْسَى تنميةَ تاريخِنا الجيولوجي والبيولوجي.. إنه توظيفٌ للماضي البنّاء في حاضِرٍ يَرتكزُ على مشروعِ بلادٍ أكثرَ عطاءًا وتطوّرًا وحدَاثَة..
▪︎هذا المَشرُوعُ نقترحُ تسميتَهُ "القريَة الثقافيّة"..
مِساحتُها حوالي 10 هكتارًا في مُحيط "طَنجة المَدينة"..
هَدفُها: الثّقافاتُ والعُلومُ والفُنُون والإعلام والتُّراث…
مع تَوسِعَةِ هذه المِساحَة بفُروعٍ في "جهة طنجة تطوان الحُسيمة".. بالإضافة إلى إقامةِ فرُوعٍ أخرى على امتِداد التُّرابِ الوَطنِي، تتعاملُ باللُّغات الآتية: العربية، الحسّانية، الأمازيغية، الفرنسية، الإسبانية، الإنجليزية، وباقي اللغات الحيّة المُتداوَلة في المغرب، وهي إفريقية، ومن قاراتٍ أخرى، اعتبارا لكونِ المَغرب يَتواصلُ أكثرَ فأكثر، ثقافيا وفنّيًّا ودبلوماسيّا، مع مُختلفِ أقطارِ المَعمُور…
▪︎أهدافُ مِهرجانات القرية الثقافية والفنّية: التّوعيّة بحقوق الإنسان كما هي معمولٌ بها في القانون الدولي، ومُصادَقٌ عليها من طرف المغرب..
احتِرامُ البيئة الطبيعية، مع الالتزام بالحفاظ على الثرواتِ والتوازُناتِ البيئية…
جانبٌ تجاري في أيّ مِهرجان للقرية الثقافية، يتمُّ فيه تسويقٌ للأطعمة والأغذيّة وغيرِها من الألبسة المحلية للكبار والصغار…
توقيعُ شراكات مع دُولٍ أخرى، وتحديدا مع مُدُنٍ وقُرًى ثقافية وفنّية.. وهذه الشراكات تَجعلُ دُولاً أخرى صديقة تعمل على التّعاوُن مع بلادِنا في مُختلفِ المجالات، لما فيه المصلحةُ المُشترَكة..
▪︎وهذه القريةٌ التّراثية ستقودُ الزّوار إلى زمن قديم، للاطّلاع على أسلوب الحياة التقليدية، إذ يستطيعُ أيُّ زائر أن يَقتنيّ منتُوجاتٍ يدَوية، من طراز القُماش، والمصنُوعات اليدوية، والفخار، ونفخِ الزّجاج، والمعادن، وأعشاب مُجفّفة، وهدايا تذكارية، وحِرَفٍ أخرى تقليدية، وصُور لمصنوعاتٌ قد اكتست قيمةً تاريخية بعد أن مرّت عليها أزمنةٌ وعصُور..
وفي المهرجان الثقافي، تُقدّمُ فِرقٌ موسيقيةٌ وفُلكلُوريةٌ عرُوضًا فنّيّةً ومَسرَحِيّةً ورقصاتٍ كأنّها شهادةٌ حيّة للزمنِ القديم..
كما نستطيعُ في القرية الثقافية تنشيطَ أيةِ بُحَيرةٍ في كيفية تربيةِ أنواعٍ من الأسماك..
■ هذه من قِيّم تُراثنا الثّقافي والطبيعي..
وحمايةُ التّراث هي في ذاتِها مَرجعيةٌ إلى مَعالِم الجمَالية في عِلمِ الحياة..
إنه الإرثُ البيُولوجي الذي أتانا من الأجيال الماضية في مَجالاتٍ فكريةٍ وتاريخيةٍ وأثَريةٍ ومِعماريةٍ وغيرِها…
وتُعتَبر بلادُنا من أكثر الدول مُحافظةً على التُّراث الوطني، باعتبارهِ حضاريًّا من قِيّمِ مغاربةِ الماضي، عُمرانيّا وفي مختلفِ فنون الإبداع اللاّمادّي..
وإحياءُ هذا التّراث، في شكل قريةٍ ثقافية، هو استِحضارٌ لأبعادِ مُختلفِ أوجُهِ التُّراثِ التواصُلِي الذي أوصَل بلادَنا إلى ما نحنُ فيه من تطَوُّرٍ واهتمامٍ بمَسارِنا المُشترَكِ إلى العنايةِ بالثقافة، لتطويرِ المعرفة، وتطويقِ أساليبِ الجهلِ بأهمّيةِ مُجتمعِ القِيّم، والعنايةِ بِمَتاحفِ التُّراث المَغربِي..
[email protected]